الحلفاء العرب يلتقون مع ترامب في منتصف الطريق

الحلفاء العرب يلتقون مع ترامب في منتصف الطريق


واشنطن – كشفت مصادر أميركية مطلعة أن الاتصالين الهاتفيين اللذين أجراهما الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأحد مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يعكسان عزما واضحا من قبل الإدارة الأميركية لتصويب العلاقات التاريخية بين الولايات المتحدة من جهة والحلفاء الخليجيين من جهة أخرى، والتي تعرضت للكثير من اللغط والالتباس في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.

وأعلن البيت الأبيض أن العاهل السعودي والرئيس الأميركي أكدا توجه بلديهما إلى محاربة انتشار “الإرهاب والتطرف”، فيما أعلنت الرئاسة الأميركية أن ترامب بحث مع الشيخ محمد بن زايد فكرة إقامة مناطق آمنة في سوريا واليمن.

وأكد بيان أميركي ثان أن العاهل السعودي قد أيد الفكرة نفسها وأي “أفكار أخرى من شأنها مساعدة اللاجئين الكثر النازحين من النزاعات الدائرة”. فيما لم يأت البيان الأميركي على تفصيل آليات إقامة “المناطق الآمنة” المقترحة.

وذكر البيان الأميركي أن العاهل السعودي والرئيس الأميركي اتفقا خلال الاتصال على ضرورة “التطبيق الصارم” للاتفاق النووي الإيراني، وعلى التصدي “للأنشطة الإيرانية المزعزعة لاستقرار” المنطقة، وكذلك أيضا على محاربة “الإرهاب الإسلامي المتطرف”.

وينسجم البيان الأميركي مع موقف ترامب الذي ما برح يهاجم الاتفاق النووي منذ حملته الانتخابية ويعتبره “اتفاقا سيئا”، فيما كشف وزير الخارجية المعين ريكس تيليرسون عن خططه لإجراء “مراجعة شاملة” لهذا الاتفاق.

وستكون زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لواشنطن مؤشرا أوليا لمدى جدية إدارة ترامب مع التعامل حساسيات المنطقة المتزايدة من العجز الأميركي في مواجهة الكثير من المشكلات المصيرية.

وأجرى العاهل الأردني محادثات في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ليكون أول زعيم عربي يتفاعل شخصيا مع الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب.

وحضر الملك عبدالله إفطارا خاصا مع نائب الرئيس مايك بنس ثم التقى بوزير الدفاع جيمس ماتيس في البنتاغون.

ويرى الدبلوماسي الأميركي ريتشارد ميرفي أن الإدارة الأميركية الجديدة لها موقف واضح ضد سياسة التدخلات الإيرانية في المنطقة، وبالتالي هناك دعم أميركي لدول المنطقة ضد الدور الإيراني الذي أدى إلى حالة عدم الاستقرار.
ريتشارد ميرفي: الولايات المتحدة ترغب بإحياء العلاقات مع الأصدقاء القدامى وتحديدا السعودية

وأكد ميرفي في تصريح لـ”العرب” على أن “السياسة الأميركية تجاه إيران باختصار هي سياسة سلبية نظرا إلى الدور الإيراني غير المرغوب فيه في المنطقة”.

ورغم توقع خبراء في الشؤون الخليجية أن العلاقات الخليجية الأميركية ستكون أفضل مما كانت عليه إبان إدارة أوباما، إلا أنهم اعتبروا أن طبيعة العلاقات بين الطرفين قد تغيرت وأن الجانب الخليجي مقتنع بأن شروط هذه العلاقة باتت تعتمد على قواعد جديدة، وأن النظام السياسي الخليجي بات مدركا لضرورة تنويع العلاقات الدولية وعدم العودة إلى مسلمة الاعتماد على الحلف مع الولايات المتحدة.

ورأت مصادر أميركية أن الرئيس ترامب ومن خلال سلسلة الاتصالات واللقاءات التي أجراها وسيجريها مع زعماء العالم يحدد بوضوح السمات الرئيسية لسياسة بلاده الخارجية وأن اتصاله بالرياض وأبوظبي يعكس تعويل الإدارة الأميركية على علاقات سليمة صحية مع دول لطالما اعتبرت حليفة لواشنطن وشريكة لها في ميادين السياسة والاقتصاد والأمن.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن العناوين التي تم التطرق إليها في اتصالي الأحد تمثل قاعدة مشتركة ورؤية واحدة في مقاربة التحديات الدولية الرئيسية لجهة مكافحة الإرهاب وتناول الملفات الإقليمية الساخنة كما سبل التصدي للسياسة الإيرانية في المنطقة.

واعتبر الدبلوماسي الأميركي ريتشارد ميرفي في تصريحه لـ”العرب” أن لدى بلاده رغبة بإحياء العلاقات مع الأصدقاء القدامى وتحديدا السعودية.

وقال ميرفي الذي سبق وأن شغل منصب سفير بلاده في السعودية “الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية حريصتان على تمتين العلاقات الثنائية وتطويرها، واتصال الرئيس ترامب بالملك سلمان يعكس هذا التوجه بالعودة إلى الحلفاء التاريخيين”.

وأشار إلى أن تطوير العلاقات والعودة إلى الصداقة القديمة المميزة بين البلدين “سيحتاجان بعض الوقت حتى يتم استيعاب واستكشاف الأجواء الجديدة”.

ورأى مراقبون خليجيون أن دول مجلس التعاون ستلتقي مع إدارة الرئيس ترامب في منطقة وسط تراعي مصالح الطرفين وأن تطور التحالف والتعاون بينهما مرتبط بمدى مراعاة واشنطن للمواقف الخليجية في ملفات المنطقة لا سيما في سوريا واليمن والموقف من إيران.

ولفت هؤلاء المراقبون في هذا الإطار إلى تصريح رئيس بلدية مدينة نيويورك السابق، رودي جولياني، أحد أهم داعمي حملة ترامب، والذي أشاد بـ”الإصلاحات التي تجريها السعودية وفهمها الحقيقي لكيفية التعامل مع مشكلة التطرّف”.

وقال جولياني “ليست هذه المملكة العربية السعودية القديمة”.

ورأى مراقبون لشؤون العلاقات الأميركية مع العالم الإسلامي أن الرئيس الأميركي يريد توطيد علاقاته مع السعودية والإمارات ودول عربية أخرى لتأكيد مداخل جديدة في العلاقة مع العالم الإسلامي تتجاوز التدابير التي اتخذها مؤخرا لمنع دخول مواطني سبع دول إسلامية إلى بلاده.

وأضاف هؤلاء أن ترامب يود لتحالف بلاده مع دول الخليج أن يكون فاعلا في إنجاح الهدف المشترك لمكافحة الإرهاب، لا سيما أن السعودية والإمارات دولتان فاعلتان في هذا الميدان.

العرب اللندنية