قوانين مكافحة الإرهاب وغسل الأموال لا تبلغ هدفها في تونس

قوانين مكافحة الإرهاب وغسل الأموال لا تبلغ هدفها في تونس

تونس – أكد لطفي حشيشة، الكاتب العام للجنة التونسية للتحاليل المالية، الثلاثاء، أنه تم فتح تحقيق في كافة التصريحات بالشبهة في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التي أحالتها اللجنة على الجهات القضائية، مبينا أن عدد هذه التصريحات بلغ موفى سنة 2016 حوالي 460 تصريحا.

وأوضح حشيشة، في مداخلة ألقاها خلال يوم دراسي نظمته وكالة الأنباء الرسمية التونسية حول موضوع “الجريمة الإرهابية وعلاقتها بالتهريب وبغسل الأموال والآليات القانونية لمكافحتها”، أن إحالة المعلومات المتبادلة مع وحدات الاستعلام المالي النظيرة للجنة التونسية بالخارج، إلى الجهات القضائية، تتطلب ترخيصا صريحا من مصادرها.

وتعتبر اللجنة التونسية للتحاليل المالية وحدة استعلام مالي ومركزا وطنيا في المجال، أحدثت صلب البنك المركزي التونسي، و يرأسها محافظ البنك المركزي التونسي بعضوية خبراء عن جهات إنفاذ القانون والجهات الرقابية، ويعمل بها بشكل دائم عدد من الإطارات المختصة في الجرائم المالية والتحاليل المالية من البنك المركزي التونسي وسلكي الأمن والجمارك.

وقال حشيشة إن اللجنة ستصدر تقريريها لسنتي 2014 و2015 خلال شهر فبراير 2017، علما وأن آخر تقرير أصدرته اللجنة كان سنة 2013، موضحا أن هذا التأخير في إصدار التقرير يعود إلى انشغال اللجنة بعملية تقييم المنظومة التونسية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من قبل البنك الدولي.

كما أشار إلى أن الأموال التي يتم تبييضها في العالم، تتراوح بين 1240 و3100 مليار، أي ما يعادل بين 106 و275 مرة حجم ميزانية تونس، مبرزا الدور الذي تضطلع به اللجنة في تجميع المعلومات المالية وتحليلها لغرض دراسة التصاريح بالشبهة.

كما أكد أن اللجنة تعمل في إطار التقييم الوطني الذاتي لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، على تشخيص وقياس تلك المخاطر، بالوقوف على أهم التهديدات ونقاط الضعف المرتبطة بكافة المجالات والقطاعات، قصد الانتهاء إلى صياغة التوصيات لصناع القرار بهدف خفض تلك المخاطر والحد من تلك التهديدات.

يذكر أن قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال كان محور لقاء وزير العدل، غازي الجريبي، صباح الثلاثاء، مع بان إيمرسون، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحماية وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومكافحة الإرهاب الذي يؤدي زيارة إلى تونس، خلال الفترة من 30 يناير إلى 3 فبراير الجاري.

الانشغال بتقييم منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من البنك الدولي أخر تقرير لجنة التحاليل المالية

وأكد قاضي التحقيق الأول بالمحكمة الابتدائية بتونس، محمد كمون، وجود “علاقة عضوية بين جرائم التهريب وجرائم تمويل الإرهاب”.

وبين كمون علاقة الجريمة الإرهابية، عموما، بمجال المال، مشددا على “ضرورة تمييزها، من الناحية القانونية، عن بعض الجرائم القريبة منها أو المتداخلة معها”.

وأبرز كمون علاقة الإرهاب بجريمة غسل الأموال، مشيرا إلى “التداخل بين الجريمتين، على أساس إمكانية استغلال الأموال في جرائم تمويل الإرهاب، وكذلك مشاركة بعض التنظيمات أو الجمعيات الإرهابية في عمليات غسل الأموال”.

وقال “العلاقة بين المجموعات الإرهابية وبعض الناشطين في التهريب، تكون عضوية، على أساس حاجة المهربين إلى المال الذي توفره المجموعات الإرهابية، نظير الخدمات المقدمة لها”.

وأكد أن النقل المادي للأموال المرتبطة بالإرهاب صعب الرصد، موضحا أن “العديد من الوسائل تم رصدها على المستوى الدولي والوطني لتمويل الإرهاب”. وعدد كمون أهم هذه الوسائل المعتمدة لتمويل الإرهاب، معتبرا أن هذه الجرائم صعبة الرصد والاكتشاف خاصة عندما تتم داخل حدود الوطن الواحد.

وركز على ما أسماه “أهمية النقل المادي للأموال في تمويل العمليات الإرهابية التي تكون في علاقة بعمليات التوريد من الخارج”، والتي تتم عن طريق التحويلات عبر الأنظمة المالية المصرفية العادية، كالإيداع النقدي والتحويل المصرفي وعمليات القرض والحوالات الإلكترونية.

ولاحظ أن هذه الطريقة “تترك أثرا كتابيا يمكن تتبعه بسهولة، مما يجعلها قليلة الاعتماد من طرف المجموعات الإرهابية في تمويل عملياتها”، لكنها في المقابل “تثير صعوبات عديدة” من الناحية التطبيقية.ولفت إلى أن هذه العملية يمكن أن تتم كذلك عن طريق الحوالة، عبر مؤسسات خاصة وفي إطار دولي، وذلك بتسليم المال نقدا من شخص إلى آخر، ليتم تحويله إلى شخص ثالث بمنطقة أخرى، مبينا أن الحوالة “تعد طريقة غير معتمدة في تونس ولا تشكل خطرا على البلاد”.

كما شدد على “خطورة” تمويل الإرهاب عن طريق الجمعيات الخيرية، التي “تجد رواجا خاصة في المجتمعات الإسلامية، باعتبار القيم الأخلاقية النبيلة التي تقوم عليها”، لافتا إلى أن ميزة هذا المسلك الأساسية، تكمن في جمع كميات من الأموال النقدية في شكل تبرعات، يصعب مراقبة أوجه التصرف فيها.

وذكر كمون بأن المرسوم رقم 88 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011، تدخل وفرض التعامل بموجب التحويلات أو الشيكات بالنسبة إلى المبالغ المالية التي تتجاوز 500 دينار، كما فرض الإعلام بالمبالغ المالية التي تتلقاها الجمعيات من الخارج، رغم أن هذه التدابير “تبقى غير منتجة”.

وأفاد بأن المشرع التونسي فرض واجب التصريح عن كل عملية توريد أو تصدير لمبلغ مالي معين (الفصل الـ114 من القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال رقم 26 لسنة 2015)، معتبرا أن هذا النص القانوني يبقى “قاصرا عن أداء الغاية منه” وذلك لسببين، هما “عدم تنصيصه على واجب التصريح عند توريد المجوهرات أو المعادن الثمينة”، وضخامة حجم الحد الأدنى للمبلغ الخاضع لواجب التصريح (10 آلاف دينار).

وعرف كمون النقل المادي للأموال، بأنه يتم عبر تحويل كميات من الأموال سواء نقدا أو في شكل سندات أو منقولات (مجوهرات) داخل البلد الواحد أو عبر النقاط الحدودية، وذلك بواسطة أشخاص طبيعيين يعمدون إلى إخفائها بالحقائب أو داخل السيارات.

العرب اللندنية