المؤسسات الأميركية تقود تمردا ضد إدارة ترامب

المؤسسات الأميركية تقود تمردا ضد إدارة ترامب

واشنطن – انتقلت المعارضة الواسعة لقرارات الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب بشأن الهجرة من الشارع إلى مؤسسات حيوية لن يستطيع المضي قدما لتنفيذ قراراته من دون ضمان دعمها دون عراقيل.

وينبئ اتساع نطاق المعارضة في وزارة الخارجية والجهاز القضائي خصوصا بحدوث انقسام حاد في الإدارة الجديدة، التي لم تكتمل أركانها بعد، لكن فلسفة إدارتها عمقت مبكرا الانقسام في المجتمع بدلا من تضميد جراحه التي أثخنتها منافسة قاسية في الانتخابات الرئاسية.

وأفاد مسؤول أميركي أن وزارة الخارجية الأميركية تلقت رسميا مذكرة وجهها عدد من دبلوماسييها الذين ينددون بقرار ترامب في شأن المهاجرين.

وقال المسؤول لعدد من الصحافيين “تلقينا المذكرة المعترضة” والتي وقعها المئات من الدبلوماسيين والموظفين في الوزارة تنديدا بقرار ترامب الذي يعلق دخول اللاجئين ومواطني سبع دول مسلمة.

وتقول مصادر أميركية إن العدد وصل إلى حوالي ألف دبلوماسي أميركي يخدمون في مناطق متفرقة من العالم.

ويشعر الكثيرون من بين هؤلاء بـ”خيانة” الإدارة الجديدة لقيم ديمقراطية، لطالما شكلت سياسة الولايات المتحدة في الخارج.

وتعتبر أوساط أميركية مراقبة أن إدارة ترامب ليست قلقة من شيوع المظاهرات، لا سيما في المطارات الأميركية، ضد المراسيم التنفيذية التي صدرت عن البيت الأبيض بخصوص مسألة منع مواطني سبع دول إسلامية من دخول البلاد.

ولم تشهد المؤسسات الأميركية مثل هذه الحركة من التمرد الواسع منذ حرب فيتنام، التي شهدت تأسيس “القناة المعارضة” لمنح الدبلوماسيين فرصة للتعبير عن معارضتهم لأي من قرارات الإدارة.

ويشعر ترامب يوما بعد يوم بتضييق أميركا الحقيقية الخناق عليه، بعدما أخذها بالمفاجأة، لكنها اليوم تبدو وكأنها تنهض مجددا دفاعا عن تقاليد راسخة شكلت الهوية الأميركية الحديثة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية بالوكالة مارك تونر إن عددا كبيرا من دبلوماسييها وجهوا “رسالة عبر القناة المعارضة حول مرسوم حماية الأمة من دخول إرهابيين أجانب إلى الولايات المتحدة”.

وقال دبلوماسي ممن وقعوا على العريضة، ورفض الكشف عن اسمه لصحيفة “نيويورك تايمز” إن قرار منع رعايا 7 دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة “سياسة سيئة”، وأنه كان يحاول إيجاد طريقة للتعبير عن معارضته لها.

وأضاف أن “العديد من الدبلوماسيين كانوا يبحثون عن طريقة للتعبير عن امتعاضهم من تهميش إدارة ترامب لوزارة الخارجية”.

وفي المذكرة التي نشرت مدونة “لوفير” المتخصصة نسخة منها، يندد الدبلوماسيون المعترضون بـ”سياسة تغلق الباب أمام أكثر من مئتي مليون مسافر قانوني سعيا إلى منع فئة محدودة من استخدام أنظمة التأشيرات لدخول الولايات المتحدة ومهاجمة الأميركيين”.

لكن البيت الأبيض وجه إنذارا إلى هؤلاء مفاده “إما يقبلون بالبرنامج وإما يرحلون” بحسب المتحدث باسمه شون سبايسر. ورد الدبلوماسي الموقع على المذكرة قائلا “هذا هو التسلط في أعلى مستوياته”.

وتسلل التذمر إلى المؤسسة القضائية الأميركية أيضا. ويخشى قضاة أميركيون من سياسة ترامب التي تعتمد على أخذ مسافة من تقاليد احترام القانون والدستور التي حافظت عليها جميع الإدارات السابقة.

وتزايدت الطعون القانونية على أول إجراءات الهجرة مع قيام ثلاث ولايات أخرى بالطعن على أمر ترامب التنفيذي لـ”انتهاكه الضمانات التي يكفلها الدستور للحرية الدينية”، بانضمام ماساتشوستس ونيويورك وفرجينيا إلى واشنطن في المعركة القانونية ضد حظر السفر.

وباتت سان فرانسيسكو أول مدينة أميركية تطعن في الأمر الرئاسي بحجب تمويل اتحادي عن المدن الأميركية التي تتبنى سياسات حماية للمهاجرين غير الموثقين.

وقال المدعيان العامان لنيويورك وفرجينيا أيضا إن الولايتين ستنضمان إلى دعاوى قانونية مماثلة أمام محاكم اتحادية لديهما طعنا على الحظر. وكانت واشنطن أول ولاية أميركية يرفع المدعي العام بها دعوى قضائية ضد الأمر التنفيذي لترامب الاثنين.

وتعكس إقالة ترامب وزيرة العدل بالوكالة سالي ييتس من منصبها، وتعيين دانا بوينتي خلفا لها، عزمه على مواجهة الجسم القضائي وتدجينه ليتناسب مع توجهاته، لكنها تعبر أيضا عن قلق من مواجهة ما بين البيت الأبيض ومؤسسات القانون والقضاء والدفاع عن حقوق الإنسان.

وكانت ييتس أصدرت تعليمات إلى المؤسسات التابعة لوزارتها بعدم الترافع في دعاوى حظر السفر المؤقت الذي فرضه ترامب. واعتبر البيت الأبيض الأمر “خيانة”.

وقد أعلن الثلاثاء عن أن الرئيس الأميركي عين القاضي نيل غورستش في المقعد التاسع في المحكمة الأميركية العليا، مرجحا بذلك كفة المحافظين في المؤسسة التي تبت بالمسائل الكبرى في المجتمع الأميركي.

العرب اللندنية