تصريحات ترامب تنذر باندلاع حروب عملات عالمية

تصريحات ترامب تنذر باندلاع حروب عملات عالمية

لندن – تفاقمت خسائر الدولار الأميركي هذا الأسبوع، ليسجل أسوأ أداء في بداية أي عام في ثلاثة عقود بفعل مخاوف بشأن استعداد الولايات المتحدة للتخلي عن سياسة “الدولار القوي” التي تبنتها على مدى عقدين.

وانخفض الدولار 2.6 بالمئة مقابل سلة من العملات الرئيسية في يناير مسجلا أسوأ أداء له في مثل هذا الشهر منذ 1987. ثم تراجع هذا الأسبوع لتصل خسائره إلى نحو 4 بالمئة منذ بداية العام.

وجاء تراجع الدولار أولا بفعل مخاوف مرتبطة بسياسات الحماية التجارية التي يتبناها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ثم بسبب تنامي القلق من استعداد الإدارة الجديدة لخفض العملة.

ويشير مصرفيون إلى أن عدم وضوح برنامج التحفيز المالي الذي تعهد به ترامب، ساهم أيضا في دفع الدولار للانخفاض منذ بداية العام. وتصاعدت المخاوف يوم الثلاثاء حين قال روبرت نافارو، وهو مستشار تجاري كبير للرئيس، إن اليورو مسعر “بأقل من قيمته الحقيقية بكثير” مما دفع اليورو للارتفاع فوق 1.08 دولار للمرة الأولى منذ أوائل ديسمبر، وتراجع مؤشر الدولار نحو واحد بالمئة إلى أدنى مستوى له في 7 أسابيع.
كويتشي هامادا:حديث ترامب عن الضرائب الحدودية يتناقض مع انتقاداته لانخفاض الين

وفاقم ترامب المخاوف التي أطلقتها تصريحات نافارو، حين أدلى بتصريحات اتهم فيها دولا أخرى بالاستفادة من تخفيض العملة، وشملت الاتهامات كلا من اليابان والصين وألمانيا.

وقال ترامب خلال اجتماع مع الرؤساء التنفيذيين لعدد من كبرى شركات صناعة الدواء أمس إن قيام دول أخرى بخفض قيمة عملاتها دفع المزيد من صناع الدواء إلى نقل الإنتاج إلى الخارج. ودعا الشركات إلى زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة.

ويرى محللون أن ترامب يلعب على التوازن بين السيطرة على الأسعار وتخفيف القواعد التنظيمية، رغم أن غالبية الأميركيين لا يريدون إلغاء جميع القواعد التنظيمية التي تحكم صناعة الدواء.

وكانت التوقعات في نهاية العام الماضي ترجح أن تعزز سياسات ترامب النمو والتضخم مما يقود لزيادة أسعار الفائدة بوتيرة أسرع وقد رفعت الدولار إلى أعلى مستوياته في 14 عاما، لكنه هبط بشكل حاد منذ ذلك الحين ويجري تداوله حاليا بزيادة تقل بنسبة 2 بالمئة فوق مستوياته ما قبل فوز ترامب بالرئاسة الأميركية.

وأصبحت الأسواق اليوم ترجح أن تعتمد الإدارة الجديدة سياسة دفع الدولار للتراجع، لزيادة القدرة التنافسية للمنتجات الأميركية، وتشجيع زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة.

وكانت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية قد نسبت إلى نافارو قوله إن ألمانيا تستخدم اليورو “المسعر بأقل من قيمته الحقيقية بكثير” لكسب ميزة على حساب الولايات المتحدة وشركائها في الاتحاد الأوروبي.

وقال تيري ألبرت ويزمان محلل أسعار الفائدة وأسواق الصرف لدى مؤسسة ماكواري في نيويورك إن “من الواضح أن ترامب يدلي بتصريحات تفيد أن ما تقوم به الدول الأخرى غير عادل… إذا كان هذا مؤشرا على تغير سياسة الخزانة الأميركية فيما يتعلق بالدولار فسيكون أمرا مهما”.

وهوى الدولار نحو 1.5 بالمئة أمام الين الياباني بعد تصريحات ترامب ونافارو مسجلا أدنى مستوياته منذ 30 نوفمبر عند 112.07 ين. وارتفع اليورو أكثر من واحد بالمئة مقابل الدولار إلى 1.0811 دولار وهو أقوى سعر له منذ الثامن من ديسمبر الماضي.
روبرت نافارو: ألمانيا تستخدم اليورو المسعر بأقل من قيمته الحقيقية لكسب مزايا تجارية

وصدرت أشد الاحتجاجات على تصريحات ترامب من واضعي السياسات النقدية في اليابان، الذين رفضوا اتهام الرئيس الأميركي لبلادهم بالتلاعب بسعر صرف العملة. وأكدوا على أن طوكيو تلتزم باتفاق لمجموعة العشرين يوجب الابتعاد عن التخفيض التنافسي لقيمة العملة.

وأخذ الدولار موقفا دفاعيا بعد انتقادات ترامب ونافارو، التي طالت كلا من الصين وألمانيا واليابان، واتهمتها بتعمد خفض قيمة عملاتها ضد مصلحة الولايات المتحدة.

وحذر مسؤولون كبار في الحكومة اليابانية من الضرر الذي قد يلحقه ارتفاع الين باقتصاد البلاد الذي يعتمد على الصادرات وهبوا لاحتواء الضرر مع انخفاض الدولار إلى أدنى مستوى في شهرين أمام العملة اليابانية بعد تصريحات ترامب.

وقال كويتشي هامادا أستاذ الاقتصاد بجامعة ييل أمس إن حديث ترامب عن الضرائب الحدودية التي تهدف إلى تقييد الواردات القادمة إلى الولايات المتحدة يتناقض مع انتقاداته لانخفاض الين.

وأضاف أن النظرية الاقتصادية تشير إلى أن تطبيق الضرائب الحدودية الأميركية سيؤدي إلى ارتفاع الدولار وأن فرض تلك الضريبة يتناقض مع انتقاد انخفاض الين ووصف ذلك الحديث بأنه يضر باقتصاد اليابان والعالم كله.

وقال كبير المتحدثين باسم الحكومة اليابانية يوشيهيدي سوجا للصحافيين “ليس صحيحا مطلقا” أن طوكيو تخفض قيمة الين للفوز بميزة تجارية غير عادلة.

وأضاف سوجا المقرب من رئيس الوزراء شينزو آبي، والذي يلعب دورا بارزا في السياسة الاقتصادية اليابانية، أن “اليابان توجه سياستها النقدية بما يتماشى مع الاتفاقات التي أبرمتها دول مجموعتي العشرين والسبع الكبرى… لن يكون هناك تغيير في ذلك الموقف”.

وأكد ماساتسوجو آساكاوا نائب وزير المالية أن “السياسة النقدية اليابانية تهدف للوصول إلى الغرض المحلي وهو إنهاء الانكماش ولا تستهدف أسعار الصرف… إذا كان ترامب يتحدث عن تدخل في العملة فإن اليابان لم تفعل ذلك في الآونة الأخيرة”.

العرب اللندنية