حقائق التقارب المصري مع إيران

حقائق التقارب المصري مع إيران


تحاول طهران استغلال توتر العلاقات بين السعودية ومصر، وهو ما يمكن رؤيته في وساطتها لإتمام اتفاق تصدير النفط العراقي إلى القاهرة بعد توقف البترول السعودي، فهل تتجه القاهرة فعلا نحو طهران أم هو اللعب بكل الأوراق المتاحة؟

بدأت نقاط الالتقاء بين مصر وإيران على الخريطة الإقليمية منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي يوم 3 يوليو/تموز 2013.

ومؤخرا، بثت قناة مكملين الفضائية تسريبا صوتيا لمكالمة هاتفية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير خارجيته سامح شكري يشير إلى محاولات للتقارب بين الطرفين.

وتكشف المكالمة المسربة -والتي جرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي ويُسمع فيها صوت شكري فقط- إلحاح إيران على حضور مصر مؤتمر لوزان الذي عقد في ذات الشهر لمناقشة الأزمة السورية.

ولم تكن مصر في حسابات الداعين لمؤتمر لوزان، غير أن دعوة القاهرة للحضور جاءت من وزير الخارجية الأميركي جون كيري بناء على طلب ملح من إيران، وفق قول وزير الخارجية للسيسي.

وحاول شكري خلال المكالمة إقناع السيسي بعدم المشاركة في المؤتمر كونها تعد مؤشرا لتقارب مع طهران، ما يؤثر سلبيا على العلاقات المصرية الخليجية، قبل أن يتحدث عن إمكانية الحضور لتكون القاهرة طرفا في أي اتفاق يتم.
الهتيمي: إيران تستغل أي توتر مع الخليج للنفاذ إلى مصر (الجزيرة نت)

واستقر السيسي على مشاركة وزير خارجيته في المؤتمر متجاهلا إمكانية حدوث توتر في العلاقات المصرية الخليجية.

ومنذ الانقلاب العسكري في مصر، بدأت نقاط التقاء بين القاهرة وطهران على الخريطة الإقليمية. فعلى صعيد الأزمة السورية، تدعم مصر بقاء نظام بشار الأسد وتتحرك دبلوماسيا في هذا الإطار، إذ أيدت مشروع قرار قدمته روسيا حول الوضع في سوريا لـ مجلس الأمن على خلاف الموقف العربي منه.

وفوق ذلك، استقبلت القاهرة وفودا من الحوثيين الذين يلقون دعما مباشرا من إيران، في حين تشارك بشكل غير فعال في عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن.

وفي المقابل، تشهد العلاقات بين القاهرة والرياض منذ شهور توترات تجلت في وقف شركة أرامكو السعودية لإمدادات البترول إلى مصر، وهجوم صريح من جانب إعلاميين مصريين مؤيدين للنظام على المملكة.

مساع إيرانية
وقال المحلل السياسي أسامة الهتيمي إن طهران لا تتردد في استغلال أي مساحة من التوتر في العلاقات المصرية الخليجية لخلق ثغرة تمكنها من إحياء علاقتها بالقاهرة وتقديم نفسها بديلا.

ودلل الهتيمي على رأيه بالتحركات الإيرانية في الفترة الأخيرة برعاية الاتفاق المصري العراقي بشأن توريد نحو مليون برميل نفط شهريا من البترول العراقي لمصر بعد أن امتنعت أرامكو عن توريد الكمية المتفق عليها، وكذلك تطور رؤية القاهرة بشأن الملف اليمني.

ورغم أن هذا التقارب يُعد نتيجة لتوتر العلاقة مع الخليج فإنه يمكن أن يكون مسارا لمآلين متناقضين، وفق قول الهتيمي لـ الجزيرة نت.

وأوضح أنه يمكن أن يكون التقارب سببا في تصاعد التوتر في العلاقات الخليجية المصرية من ناحية، ومن ناحية أخرى يمكن أن يكون أداة مصرية لدفع الخليج لإزالة التوتر مع القاهرة وغض الطرف عن التباينات بشأن بعض الملفات.

من جهته، رأى الدبلوماسي السابق بالخارجية المصرية السفير بلال المصري أن أي تقارب بين طهران والقاهرة يقلل من رصيد الأخيرة في الجبهة السنية بالمنطقة.
حشمت: النظام المصري يتعامل بانتهازية مع الأطراف الدولية (الجزيرة نت)

ولفت -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن التقارب مع إيران يكون على حساب التكوين الديني الداخلي في مصر، موضحا أن مؤسسة الأزهر-على ضعفها وفق وصفه- لن تقبل بالانحراف ناحية دولة شيعية.

وأضاف المصري أن القاهرة تدرك تماما عواقب التحول للمعسكر الإيراني، وعليه فإن هناك تقاربا يتم بشكل غير مباشر من خلال توافق الرؤى بين الجانبين تجاه الملفين السوري واليمني.

وتحاول طهران استغلال توتر العلاقات بين السعودية ومصر للضغط على الأخيرة، وهو ما يمكن رؤيته في وساطتها لإتمام اتفاق تصدير النفط العراقي إلى القاهرة بعد توقف البترول السعودي، وفق رؤية الدبلوماسي السابق.

وفي السياق ذاته، قال القيادي بجماعة الإخوان المسلمين جمال حشمت إن النظام الحالي يتعامل بانتهازية في سياسته الخارجية ويلعب أدوارا متناقضة مع خصوم دوليين.

وأوضح للجزيرة نت أن التسريب الهاتفي لم يكن الدليل الأول أو الوحيد على التقارب المصري الإيراني، لافتا إلى تعاطي القاهرة مع الملف السوري وتأييدها لنظام الأسد.

وحذر حشمت من خطورة التقارب مع إيران والذي سيفتح باب التشيع -وفق توقعه- مضيفا أن السلطة الانقلابية تعاني من عقدة الشرعية وتتجاوب مع أي دعوة دولية لصد الإسلام السياسي أو الإسلام الدعوي السني سواء في ممارسات داخل مصر أو تحالفات خارجها.

المصدر : الجزيرة