العراق ميدان صدام قادم بين الولايات المتحدة وإيران

العراق ميدان صدام قادم بين الولايات المتحدة وإيران

بغداد – لم تكن الحكومة العراقية بانتظار إضافة أعباء جديدة على محاربة داعش بعد صعود الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، لكن إمكانية تحول العراق إلى ساحة صدام بين الولايات المتحدة وإيران وضعت بغداد في حالة طوارئ مبكرة.

والبلد، الذي باتت أحزاب شيعية طائفية تعرف بـ”أحزاب إيران في العراق”، مسؤولة عن نزيف اقتصادي وسياسي فيه، هو نقطة تقاطع بين مصالح إيران وإدارة أميركية جديدة لا تبدي أي تهاون مع سياستها التوسعية في المنطقة.

ودفع القلق المتصاعد بوتيرة سريعة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى طلب عقد لقاء رسمي مع ترامب في واشنطن، بحسب مصادر عراقية وتسريبات رسمية.

وقالت المصادر إن الإدارة الأميركية رفضت استقبال العبادي، إلى جانب رئيسي الجمهورية والبرلمان ووزراء في الحكومة العراقية.

وفي جلسة خاصة بمكتبه الأسبوع الماضي، أقر العبادي لصحافيين وأكاديميين بأنه لم يتمكن من التعرف بعد على الملامح الرئيسية لتوجهات الإدارة الأميركية الجديدة، مشيرا إلى أن سفارة واشنطن في بغداد “لا تعرف عن توجهات ترامب، أكثر مما نعرف نحن”.

وكانت مصادر عراقية مطّلعة كشفت لـ”العرب” عن أن العبادي أسر لمقربين منه بأنه واثق من مستقبل علاقته بالإدارة الأميركية الجديدة، وأنه ينتظر أن يكون من بين أوائل مسؤولي الدول في العالم الذين سيلتقون ترامب.

لكن تحذيرا شديد اللهجة من مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل فلين لإيران، وضع العراق، الذي يتنافس فيه البلدان على النفوذ، في مأزق.

وفي تغريدة على حسابه على تويتر الجمعة، قال ترامب “إيران تلعب بالنار، والإيرانيون لا يقدّرون كم كان (الرئيس السابق باراك) أوباما طيبا معهم، أما أنا فلست مثله”.

والخميس، قال في تغريدة أخرى “إيران مازالت تتوسع أكثر فأكثر في العراق حتى بعد أن بددت الولايات المتحدة ثلاثة تريليونات دولار هناك منذ فترة طويلة”.
دونالد ترامب: لم ننفق ثلاثة تريليونات دولار لتسيطر إيران على العراق

ويقول قيادي بارز في المجلس الأعلى الإسلامي الذي يتزعمه عمار الحكيم المدعوم من إيران، إن “العراق لم يعد مهما بالنسبة للإدارة الأميركية الجديدة كي يستخدم أداة للضغط على إيران أو غيرها”.

وأضاف لـ”العرب” أن “على القوى السياسية العراقية أن تستوعب حقيقة انتهاء مرحلة أوباما، وقبله بوش عندما كان العراق هو الخاصرة الرخوة”، مشيرا إلى أن “من يهدد بحرق العراق كي يعاقب أميركا فليفعل، لكنه سيحرق العراقيين فقط”.

وبعدما أدرجت إدارة ترامب العراقيين من بين 7 دول إسلامية بات رعاياها ممنوعين من دخول الولايات المتحدة، ظهر تراجع مكانة العراق على قائمة أولويات الإدارة الجديدة.

ويقول العبادي إنه فوجئ بقرار الرئيس الأميركي المتعلق بمنع العراقيين، مشيرا إلى أنه علم أن هذا القرار جرت صياغته في الأشهر الأخيرة من ولاية أوباما، وأن ترامب أقره فقط.

وقال العبادي خلال لقائه مع الصحافيين إن بإمكانه “إطلاق تصريحات حادة ضد ترامب، ستزيد من شعبيتي في الشارع فعليا، لكنني أعرف أننا نحتاج الأميركيين في عملية تحرير الساحل الأيمن من الموصل، ولا يمكننا المجازفة بالتصعيد معهم الآن”.

وقال محلل عراقي رفض ذكر اسمه إن “الولايات المتحدة أخطأت حين سمحت لإيران بتحويل العراق إلى جدار عازل تختبئ وراءه، وهو ما صار السياسيون العراقيون الموالون لإيران يدركونه من غير أن يدعوهم ذلك إلى التراجع عن مواقفهم المستسلمة للمشروع الإيراني، لا لشيء إلا لأنهم لا يملكون مشروعا بديلا بعد أن قطعوا صلاتهم بمحيط العراق العربي وباتوا يقيمون في جزيرة معزولة، إيران هي بوابتها الوحيدة”.

وأضاف لـ”العرب” أنه “ربما يشعر أولئك السياسيون الآن بشيء من الخوف من اقتراب ساعة الصفر من جهة إمكانية تغيير التركيبة السياسية الحاكمة في العراق لصالح التوجهات الأميركية.

واشار إلى أن هذا يعني لفظ الجزء الأكبر من النظام الحالي وهو الجزء الموالي لإيران، غير أنهم سيراهنون بطريقة انتحارية على الحشد الشعبي وهو القوة المسلحة الوحيدة التي أنيطت بها مهمة ضبط الشارع الشيعي وتحشيده ضد المصالح الأميركية”.

وبدا أن مكتب رئيس الوزراء العراقي يحاول وضع حد للتكهنات التي تتحدث عن أن إدارة ترامب لن تهتم بالملف العراقي كثيرا، من خلال لقاء العبادي بالسفير الأميركي في بغداد دوغلاس سليمان.

ويقول الباحث العراقي هشام داوود إنه بحسب مفهوم ترامب فإن لم يفهم قادة العراق مصالح أميركا ويسايرونها، عندها ستعمل على تغيير الواقع السياسي في بغداد وليس الهرب منها، مؤكدا أن “ترامب سيضع بغداد أمام خيارات قاسية”.

العرب اللندنية