الفوضى تداهم أحياء الموصل المستعادة من داعش

الفوضى تداهم أحياء الموصل المستعادة من داعش


الموصل (العراق) – يشكو سكان أحياء مدينة الموصل المستعادة من تنظيم داعش ومناطق أخرى في محافظة نينوى بشمال العراق من فوضى أمنية ومن غياب لمظاهر الدولة تطيح بآمالهم في الاستقرار وتحسّن أوضاعهم المعيشية بعد أن تخلّصوا من التنظيم المتشدّد وهدأت وتيرة القتال التي دارت داخل أحيائهم وعرّضتهم لمخاطر كبيرة.

وبمجرّد خروج الأحياء الواقعة على الضفة الشرقية من نهر دجلة (الساحل الأيسر) من سيطرة داعش، برزت ظاهرة الميليشيات المسلّحة التي تستخدم أزياء القوات العراقية وتستقلّ مركبات عسكرية من دون ألواح رقمية في عمليات سطو على الأموال والممتلكات، وهي ظاهرة عرفتها العديد من المدن الأخرى في محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار والتي كانت شهدت ظروفا مماثلة للظروف التي تمرّ بها مدينة الموصل حاليا.

وتنسب تلك الأعمال للميليشيات الشيعية المشاركة في الحرب على داعش ضمن الحشد الشعبي، وهي الوحيدة التي تمتلك أزياء مطابقة لأزياء الجيش والشرطة وتستخدم ذات المركبات المستخدمة من قبل القوات النظامية، وبإمكانها تجاوز السيطرات والحواجز الأمنية بسهولة.

ولم يعلن بشكل رسمي عن مشاركة الحشد في معركة الجانب الشرقي من الموصل لكن مصادر متعدّدة أكّدت تسرّب الميليشيات إلى ذلك الجانب من المدينة، خصوصا بعد استكمال استعادته من داعش ومنع الميليشيا السنّية المعروفة بـ”حرس نينوى” التي يقودها المحافظ السابق أثيل النجيفي من مسك الأرض وضبط الأمن في الأحياء المستعادة.

وفي ذات السياق، حمّل المحلل السياسي، نضال لقاء حمودات، الحكومة العراقية ما قال إنه “إضاعة النصر الذي تحقق في الجانب الشرقي من مدينة الموصل”.

وقال إن “إصرار حكومة بغداد المركزية على إرسال فصائل قتالية تنتمي إلى ميليشيات مسلحة إلى المناطق المحررة، أسهم بنحو واضح وصريح في زعزعة الوضع الأمني وتدهوره والدفع به نحو الهاوية”.

ولفت إلى أن هدف تلك الميليشيات “ليس حفظ الأمن والاستقرار وحماية أموال المواطنين، إنما هدفها سرقتهم وزيادة معاناتهم والمتاجرة بهمومهم تنفيذا وخدمة لأجندات سياسية داخلية وخارجية”.

ورأى حمودات أنه “في حال استمر الوضع على ما هو عليه لفترة أطول، فإن أزمة حقيقية سوف تقع لا محالة، والمستفيد الأول منها هو تنظيم داعش، الذي لا يزال يسيطر على الجانب الغربي من المدينة”.

وأشار إلى أن “الحل هو في أن تسرع حكومة بغداد بإعطاء الأوامر للقيادات العسكرية بالتعامل الحازم مع الجهات المسلّحة غير المنضبطة”.

وتعرضت، الثلاثاء، مراكز لصرف وتبديل العملات النقدية إلى سطو مسلح في الجانب الشرقي من مدينة الموصل، فيما كشفت نائبة بالبرلمان عن محافظة نينوى عن انتشار ظاهرة الاعتقال العشوائي في مناطق المحافظة المستعادة من تنظيم داعش.

وقال ياسين العبيدي، صاحب مركز لصرف العملات بالجانب الأيسر من الموصل إن “مجموعات مسلحة ترتدي زيا عسكريا، وتستقل نحو 7 سيارات عسكرية لا تحمل ألواحا رقمية، اقتحمت صباح الثلاثاء 5 مراكز لصرف وتبديل العملات في منطقة حي الزهور وأجبرت أصحابها على التخلي عن كل ما لديهم من مال تحت تهديد السلاح”.

ولم يكن بمقدور العبيدي توضيح قيمة المسروقات، إلا أنّه أضاف لوكالة الأناضول أن “العناصر المسلحة، استولت على الهواتف النقالة لأصحاب المراكز وأغراضهم الثمينة وأوراقهم الثبوتية ثم انسحبت إلى جهة مجهولة”.

ولفت إلى أنه “لا وجود لأي جهة أمنية يمكن الذهاب إليها وتقديم شكوى، لذلك فقد أغلق أغلب أصحاب مراكز صرف العملات أبواب محالهم في المناطق المحررة من مدينة الموصل، خوفا من أن تطالهم عمليات السطو في وضح النهار”.

وتشمل الفوضى الأمنية مناطق أخرى من محافظة نينوى تمت استعادتها من تنظيم داعش ولم يتحقّق لسكانها الأمان المنشود.وكشفت النائبة بالبرلمان العراقي عن محافظة نينوى جميلة العبيدي، الثلاثاء، عن عودة الاعتقالات العشوائية والمخبر السري إلى المحافظة.

وقالت في مؤتمر صحافي عقدته بمبنى البرلمان إن “هنالك الكثير من الملاحظات التي تم تسجيلها من خلال المتابعات المستمرة لأوضاع العوائل في محافظة نينوى ومن بينها.. عودة المخبر السري والاعتقالات العشوائية من جديد حيث حصلت عدة حالات لاعتقالات من جهات ترتدي الزي العسكري ودون إبراز لهوياتها التعريفية أو مذكرات قبض، وآخرها ما حصل مع أستاذ جامعي كبير بالسن حيث تم تدقيق معلوماته بشكل طبيعي من الأجهزة الأمنية ولكن بعد أقل من ربع ساعة جاءت سيارات عسكرية إلى منزله واعتقلته دون معرفة الأسباب”.

ويؤكّد كلام النائبة ما كان تضمّنه تقرير دولي نشر الأسبوع الماضي بشأن قيام قوات الحشد الشعبي باحتجاز مدنيين فارين من مناطق القتال ضد تنظيم داعش في مدينة الموصل بينهم صبية في مراكز سرية للتحقيق معهم، مؤكّدا أن جماعات من الحشد تتولى التدقيق أمنيا بحالات المشتبه بانتمائهم إلى داعش، ونظرا لافتقار تلك الجماعات لوسائل وخبرات التدقيق الأمني، فإنها تلجأ إلى أساليب تعسفية لانتزاع المعلومات من الموقوفين الذين عادة ما يفقدون صلتهم بالعالم الخارجي ويصبحون في عداد المخفيين قسريا.

العرب اللندنية