ترمب والاقتصاد: تقاطع ام تواز ؟

ترمب والاقتصاد: تقاطع ام تواز ؟


ستيف بانون Steve Bannon:
هو من المقربين المهمين للرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترمب، ومن كبار مستشاريه الاستراتيجيين الذين عينهم عند توليه منصب الرئاسة، والذي ينتمي للـ “القومية الاقتصادية “، ولديه رؤية اقتصادية، لإعادة صنع أمريكا في أعقاب تولي ترمب.
واكد بانون رؤيته عام 2014 في مؤتمر الفاتيكان:” فشل الرأسمالية الحديثة في امريكا وجه التحديد ، والغرب عموما، وفشلها بالوفاء لخلق مجتمع ونظام اقتصادي واجتماعي يمكن أن نتوقع ان يكون مزدهرا ويخدم جميع المواطنين”.
ويسعى بانون لخلق مجتمع جديد من خلال ترمب، وتحقيق معظم المكاسب الاقتصادية، والتي بدأت من تقيد الهجرة والتجارة ، مما يعني انه عكس قوى العولمة، مشيرا الى ان السياسة الأمريكية لابد أن تقدم مصالح المواطنين الأمريكيين لأول مرة، وتكون النظرة الثقافية ثانية، ويجب أن تكون الولايات المتحدة مستعدة للقيام بذلك على حساب مصالح الحضارات الأجنبية، فليس هناك مجال للعولمة، ويرى ان زيادة النمو القائم على التجارة ، يخلص مئات الملايين من البشر من الفقر المدقع .
اهم ما يميز الاقتصاد الامريكي :
تمتلك الولايات المتحدة ثروات كبيرة من الموارد منجميه وطاقويه، من البترول، والغاز الطبيعي، والفحم، واليورانيوم تمثل أهم منتجات البلاد، وللاقتصاد الامريكي اعمدة مهمة جعلته من اقوى الاقتصاديات في العالم على مدى العقود الماضية، ومنها :
*مكانة الدولار كعملة احتياط دولية، تؤثر على معادلة البتر ودولار، وسندات الخزانة الأمريكية ذات التصنيف السيادي الأعلى في العالم.
* العلاقة مع الصين ثاني أكبر اقتصاد عالمي، واتفاقيات التجارة الحرة مع دول العالم، والعمالة الضخمة من المهاجرين الموجودة في الولايات المتحدة.
* اقتصاد قوي مبني على الاستثمار الحر والمنافسة التجارية، حيث تمتلك الولايات المتحدة ثروات كبيرة من الموارد تمثل أهم منتجات البلاد، وهي أول قوة زراعية وقوة فلاحية على المستوى العالمي سواء من حيث إنتاجها أو صادراتها.
و تمتع الفلاحة الأمريكية بأراض خصبة ومناخ مناسب ، ومن أهم قطاعات الزراعة: تربية الأبقار، زراعة الحبوب ، الذرة، القمح، الشعير، الصويا، النباتات الصناعية، القطن، الفول السوداني، التبغ كما أن الصيد البحري يعد أهم القطاعات النشطة، سواء من حيث إنتاجها أو صادراتها.
وتحتل منتجات الصناعة الأمريكية المتنوعة، الصدارة العالمية ، اذ يوجد ثمانية منها ضمن العشر الأوائل في الترتيب العالمي، كشركة General Electric وExxon Mobil، وغيرها.
وتحتل المراتب الأولى من الإنتاج العالمي ايضا في الصلب والسيارات والنسيج الاصطناعي وخيوط القطن والصناعة والمعادن والطاقة، ووفرة الاراضي التي تساعد على توفر الثروات الطبيعية الضرورية.
ويوجد البترول في خليج المكسيك وتكساس وألاسكا، مع تكملة الحاجيات بواسطة الاستيراد من مختلف دول العالم المنتجة للبترول، كما تتوفر على احتياطي هام من الفحم والغاز والبترول، إضافة إلى إنتاجها لليورانيوم حيث تحتل الرتبة التاسعة عالميا بأهم الإنتاجات الصناعية في 2006 ، ويهيمن على اقتصادها قطاع الخدمات، وتعد الولايات المتحدة أكبر الدول تصديرًا واستيرادًا، ومع هذا تبقى ديونها الأعلى على مستوى العالم، لكن هذه الديون داخلية وتدل على قوة اقتصادها.
* معدل البطالة 4.7%، وهي نسبة قريبة جدًا من –التشغيل الكلي للعمالة.

خطط ترمب لإصلاح الاقتصاد الأمريكي :

يرى ترمب ان تخفيض الضرائب سيحفز الاقتصاد والمستثمرين على الاستثمار أكثر، وسيقوم بالتخلص من اللوائح الضريبية ، اذ تبلغ نسبة الضريبة على المؤسسات التجارية في الولايات المتحدة 35% ، وهي الأعلى في العالم المتقدم.
وهذا ما دفع الشركات الأمريكية إلى تكديس ما يقدر بـ 2.5 تريليون دولار في الخارج، وتقضي الخطة باسترجاع كل هذه الأموال وإعادتها إلى البلاد من خلال فرض رسوم استرجاع تدفع مرة واحدة وقيمتها %10، الأمر الذي سيجعل نظام الضريبة على المؤسسات التجارية فيها أكبر قدرة على المنافسة.
و يفضل ترمب أن يرى المعدلات الضريبية تتراوح حول 15% ، لإن تخفيض الضرائب على المؤسسات التجارية إلى المعدلات المعمول بها في المملكة المتحدة، وهي 20 % ، سيضيف 3.3 %، أو نحو 600 مليار دولار، إلى ناتج الولايات المتحدة المحلي الإجمالي.

وسيعمل ترمب على تخفيض الضرائب من الدخل الفيدرالي بحوالي 9.5 ترليون دولار وتخفيض الضرائب على الأثرياء بحوالي 1.3 مليون دولار في عام 2017، وخفض الضريبة على الشركات إلى 15% وتبسيط قانون الضرائب أكثر، علمًا أن الخطط الضريبية المطروحة في سياساته تفيد بالمقام الأول الأثرياء وليس الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

وذكر ترمب انه سيعتمد منحنى ” لافر” المبني على فكرة “كثير من الضريبة يقتل الضريبة”،وهو الرسم البياني المستخدم من قبل السياسيين والاقتصاديين لتحديد معدل الضريبة المناسب، والأكثر فاعلية في توليد الإيرادات الحكومية.

منحى لافر كثير من الضريبة تقتل الضريبة

ويعد الجمهوريون أن هذه النظرية كانت سرّ النهضة الاقتصادية للبلاد في عهد ريغان، لكن ما لا يقولونه إن حكومة ريغان غطّت العجز الذي تكبدته بسبب خفض الضرائب بالاستدانة، فارتفع النمو في القطاعين الخاص والعام، لكن لفترة محدودة أجبرت ريغان على رفع الضرائب لاحقاً، وأدت إلى ركود أجبر خلفه جورج بوش الأب على رفع الضرائب أيضاً، وسط ركود أطاح بفرص إعادة انتخاب بوش لولاية ثانية عام 1992.

لدى خطة ترمب لاقامة بنية تحتية، تبلغ تكلفتها تريليون دولار تمول من خلال دين زهيد من القطاعين العام والخاص، وستخلق الملايين من فرص العمل وتؤدي إلى انسياب السيولة.
ويؤكد الخبراء ان الإنفاق على البنية التحتية له تأثير بمضاعفة اقتصادية يقدر نحو 1.6 مرة، مما يعني أن الخطة سيكون لها تأثير اختزالي على العجوزات طويلة المدى، اذ تسعى الاقتصاديات العالمية ضد الركود غالباً بسبب الحركة التي تتجه نحو التقشف المالي خلال فترة ما بعد الأزمة.
وبينما فاقمت سياسات “المال الميسر” من الهوة في الدخل، لم يكن أمام البنوك التي غلت أياديها بسبب الاختلال السياسي من خيار سوى توفير حلول غير اعتيادية. مشيرة الى إمكانية تكسير الهوة في الثروة داخل الولايات المتحدة الأمريكية من خلال استبدال نسب مستوى الطوارئ بمحفزات مالية.

ويعاني الاقتصاد الأمريكيُ اليوم من مديونية تصل الى 19تريليون دولار أي ما يزيد على 100% من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبة صعبة ، لكنه مع تحريك عجلة الاقتصاد وتحسين مستوى دخل الافراد عبر التشغيل في المشاريع الجديدة من جهة وتخفيض الضرائب من جهة أخرى يمكن تخطي الصعوبة وتحقيق التنمية .
وان التركيز على البنية التحتية سيرفد الاقتصاد الامريكي بفرصِ عملٍ واستثماراتٍ وتحريكٍ لعجلةِ دوران الشركات وفتح مجالٍ للوظائف وجذبٍ لمزيدٍ من الاستثمارات وجميعها تصب في خانة النمو الحقيقي والتنمية الاقتصادية.

وشدد ترمب على السياسة المالية واهميتها في تحريك عجلة الاقتصاد بدلا من الاستمرار في محفزات السياسة النقدية التي أوصلت اسعار الفائدة على الودائع الى نسبة الصفر بل الى السالب وبقيت الاوضاع الاقتصادية دون تحسن يُذكر.

ويسعى ترمب لتقوية الدولار، أكثر مما عليه الآن فيقول “أحب مبدأ الدولار القوي، مع العلم أن الفائدة الفعلية للدولار القوي، أقل بكثير فيما لو كان ضعيفًا، ولا يُخفي قلقه من تداعيات رفع أسعار الفائدة على الاقتصاد في ضوء قوة الدولار التي تثقل كاهل الشركات الأمريكية.

ووعد بحماية الرعاية الصحية وزيادة الإنفاق على الدفاع وفي الوقت ذاته يقول أنه سيعيد التوازن إلى الميزانية الأمريكية التي تواصل مراكمة العجز منذ عهد الرئيس بوش الابن، إلا أن خبراء المال يرون في وعوده بزيادة حجم الإنفاق تتناقض مع الميزانية الأميركية.

ويشير صندوق النقد، إلى أن ” التوقعات متفائلة تأتي أساساً من “إنعاش الميزانية” الذي أعلن ترمب عنها وتعهد بالاستثمار المكثف في البنية التحتية”.
وتوقع الصندوق في تقرير نموا لأكبر اقتصاد في العالم بنسبة 0.1% في 2017 وترتفع الى (2.3%)، وبـ 0.4% لعام 2018 ترتفع الى (2.5%)
ويبدو صندوق النقد أقل تفاؤلاً بشأن باقي العالم الذي أبقى توقعاته بشأنه دون تغيير (3.4% في 2017، و3.6% في 2018)، رغم توقعه تسارعاً أكبر، إذا جاء الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة أكبر من المتوقع.

اما المكسيك التي تبدو الهدف الأبرز لترمب، فبدأت تعاني انخفاض في توقعات النمو بنسبة 0.6% في 2017 كما هي في 2018، بحسب الصندوق.

العلاقات التجارية مع الصين : ان اندفاع ترمب نحو السياسات الحمائية، التي تحدث عنها طوال فترة حملته الانتخابية، جعلته يعيد النظر في العلاقات التجارية مع الصين، حيث دعا الى فرض رسوم على الصادرات الصينية بنحو 45 %، مما خلق قلقا لدى الصين من تصريحات دونالد ترمب إزاء صادراتها للسوق الأمريكية، والتي وصفها ترمب في 3 مايو/ إيار 2016، وسط تجمع انتخابي “بأن بلاده تغتصب من قبل الصين”.
وبنظرة بسيطة على الميزان التجاري الصيني ــ الأمريكي، سنجد أنه يصب لصالح التنين الصيني؛ حيث سجل حجم التبادل التجاري بين أكبر قوتين اقتصاديتين 659.4مليار دولار في 2015، استحوذت الصين على الجانب الأكبر بصادرات قدرها 497.8 مليار دولار، بينما الصادرات الأمريكية لم تتخط حاجز 161.6 مليار دولار، بحسب بيانات مكتب التمثيل التجاري الامريكي.
وشكل السوق الأمريكي منذ انطلاق سياسة الانفتاح سنة 1979 أهم سوق للصادرات الصينية، و له تأثير قوي في معدل نمو الاقتصادي الصيني، اذ ان جزءا كبيرا من المقاولات العاملة في الصين تركز على السوق الأمريكي، كما أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي مصدرها الولايات المتحدة لعبت ومازالت تلعب دورا مهما في نقل التكنولوجيا المتطورة إلى الداخل الصيني .
أما بالنسبة للولايات المتحدة فالصين أصبح لها تأثير قوي في صياغة العديد من المؤشرات الاقتصادية بالسوق الأمريكي، فحجم السيولة النقدية الصينية دفع الحكومة الصينية إلى الاستثمار في سندات الخزينة الأمريكية، و هو الأمر الذي كان له تأثير على التوازنات الكلية للاقتصاد الأمريكي، فتوظيف الاحتياطيات النقدية في سندات الخزينة الأمريكية لعب دورا في ضبط سعر الفائدة و ضمان استقرار قيمة الدولار الأمريكي، وهو ما كان له تأثير ايجابي على الاقتصاد الأمريكي ككل وعلى المواطن الأمريكي، بفعل توفر السيولة النقدية في سوق الائتمان .
وتوافر السلع الصينية المنخفضة التكلفة، اسهم في تعزيز القدرة الشرائية، وإن كان هذه الصادرات الصينية و انتقال الاستثمارات الأمريكية إلي الداخل الصيني لها تأثير علي نقل الوظائف للصين، إلا أن أمريكا بدورها مستفيدة من الازدهار الاقتصادي الصيني مادام جزء مهم من هذه العوائد يستثمر في سندات الخزينة الأمريكية.
فالصين تستورد جزء مهم من احتياجاتها الطاقوية من إفريقيا و بلدان الخليج ، و هذه المنطقة هي مسرح السيطرة الأمريكية. فتهديد إمداد الاقتصاد الصيني بالمواد الأولية والطاقوية يشكل أهم مخاوف السياسة الخارجية الصينية من تهور الإدارة الأمريكية الجديدة، وإشعال بؤر توثر على طول خطوط إمداد الصين بالطاقة و المواد الخام.
لكن هناك اوراق ضغط تمتلكها الصين ضد اميركا: فتحالف الصين مع روسيا والاتفاق على تسعير المبادلات التجارية بالعملة المحلية لكلا البلدين، هو كسر لهيمنة الدولار في المعاملات التجارية الدولية،
كما أن توجه الصين نحو التحالف مع الروس و التنسيق معهم في مجلس الأمن و في العديد من القضايا الدولية كملف إيران النووي و العراق و ليبيا و سوريا، هو تحالف من أجل اضعاف هيمنة الولايات المتحدة و إخراجها التدريجي من مناطق النفوذ التي ورثتها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ووطدت هيمنتها عليها بعد نهاية الحرب الباردة.
والصين تحاول الابتعاد عن المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة و تكتفي بالتأثير من وراء الستار وعبر حلفائها، وتعمل بصمت لبناء قوتها الاقتصادية و العسكرية، فهذه القوة الصاعدة وان كانت عبر التاريخ تتسم بنزعة الانعزال، وعدم الرغبة في التوسع خارج حدود مملكة الوسط، إلا أن قرارها السياسي في الوقت الراهن تمليه المصلحة .
فالصين من أكثر البلدان استفادة من الوضع الحالي، فانخفاض تكلفة الطاقة في السوق الدولية و تراجع القوة الاقتصادية الأمريكية والغربية يصب دون شك في مصلحة الصين، كما أن تآكل القوة العسكرية الأمريكية، و انحصار مناطق نفوذها يسرع من صعود الصين كفاعل مهم في العلاقات الدولية .
لكن للأسف هذا الصعود أو النزول في القوى الدولية ولعبة المواقع بين القوى العظمى يدفع ثمنها العالم العربي و الإسلامي باعتباره ، الحلقة الاضعف ضمن اللعبة الدولية، و خير دليل على ذلك هو استعمال الفيتو الصيني ضد تمرير قرار الهدنة بحلب بمجلس الأمن.
مستقبل النفط العربي : يرى المحللون الاقتصاديون أنه ستنقلب الموازين اذ ستقل الحصة السوقية للدول العربية المنتجة للنفط، مما يؤثر قطعاً عليها من خلال نقطتين أولهما:
خط أنابيب كيستون هذا الخط سينقل 800 ألف برميل من النفط يوميا من ألبرتا في كندا إلى مركز كوشينغ في ولاية أوكلاهوما الأميركية، ومنها إلى هيوستن وخليج المكسيك.
وقد انتهى جزؤه الأسفل من كوشينغ إلى خليج المكسيك ويعمل منذ فترة. وبنيت أجزاء كثيرة منه في الشمال، أما الجزء العابر للحدود، ويقع قانونيا تحت سيطرة وزارة الخارجية، فلم يبن بعد، لأن الرئيس أوباما أخره سبع سنوات ثم استخدم سلطته الرئاسية لمنعه إرضاء لحماة البيئة.

وبناء على معلومات ستتم الموافقة عليه في فبراير/شباط 2017، أي خلال المرحلة القادمة من تسلم ترمب للسلطة، خاصة أن كبار الجمهوريين طلبوا رسميا من ترمب الموافقة عليه في أسرع وقت ممكن، ويرى بعضهم أنه إذا نجح الأنبوب فستعد أنابيب أخرى موازية له .
ويشكل هذا الأنبوب خطرا على دول الخليج لأن نوع النفط الإضافي الذي سيأتي من كندا مماثل لنوع جزء كبير من النفط الذي تستورده الولايات المتحدة من السعودية والكويت والعراق.
وبهذا فإن جزءا من الزيادة، ان لم يكن كلها، ستكون على حساب الحصة السوقية لهذه الدول، وقد تؤثر في حصة فنزويلا أيضا، لأن نفطها من النوع نفسه، إلا أن الولايات المتحدة هي السوق التقليدي لفنزويلا، لأن مسافة الشحن من فنزويلا إلى هيوستن تبلغ ربع المسافة من الخليج إلى هيوستن.
وفي هذا السياق لا بد من ذكر نقطة هامة، وهي أن أي أثر سياسي مرتبط بالشرق الأوسط أو فنزويلا سيكون مؤقتا مقارنة بعمر الأنبوب الافتراضي، لهذا فإن العوامل السياسية المؤقتة لن يكون لها دور في القرار المتعلق بالأنبوب، باختصار بناء هذا الأنبوب وما يليه سيكون على حساب جزء من الحصة السوقية للسعودية والكويت والعراق.
ورغم التفاؤل الذي أبدته دول الخليج بالتعاون الاقتصادي بينها وبين الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب خلال الفترة المقبلة ،إلا أن مؤسسات اقتصادية عالمية رأت أن عليها توخى الحذر إذ أن سياساته الاقتصادية قد تضغط على دول الخليج من عدة زوايا .

حيث رأى كبير الاقتصاديين في وكالة “موديز” إنه مع انتخاب رئيس أمريكي جديد يتبنى سياسات اقتصادية مختلفة، وسياسة مالية توسعية مع تمويل للعجز وخفض للضرائب فإن آفاق ارتفاع الفائدة بوتيرة أسرع في أمريكا باتت قوية، وأضاف إن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع الفائدة بوتيرة أسرع، مُشيراً إلى أن الفائدة طويلة الأجل قفزت عقب نتيجة الانتخابات.
وقال إن هذا الأمر سيضغط على الاقتصادات التي تربط عملاتها بالدولار كدول الخليج، وسيصبح من الصعب إدارة هذا الربط، حيث سيكون هناك مضاربون يراهنون على فك الارتباط، وبالتالي قد تواجه منطقة الخليج ضغوطاً في الأشهر المقبلة ، وذكر أن هذا الربط كان مفيدا لاقتصادات المنطقة لأنه يمنح الاستقرار للنظام المالي والمصارف والاقتصاد عموما، حيث إن ربط العملات المحلية بالدولار سياسة جيدة على المدى البعيد.
غير ان ارتفاع الفوائد بسرعة كبيرة تجعل من الصعب الاحتفاظ بهذا الارتباط، مؤكداً أن الوضع سيكون صعبا، وأنه يجب على السياسيين المحافظة على هذا الربط.
وفي الوقت نفسه أكد محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أحمد الخليفي أنه لا توجد أي نية لفك ربط الريال بالدولار أو تغيير سعر الريال مقابل الدولار بتاتا.
يذكر أن السعودية تثبت سعر الريال مقابل الدولار منذ عام 1986، (1 دولار= 3.75 ريال)، فيما تثبت الإمارات سعر الدرهم مقابل الدولار منذ عام 1997 (1 دولار= 3.67 درهم) .
وتصريحات الخليفي تأتي بعد مناقشات بين الاقتصاديين السعوديين عن احتمالية فك الربط بين الريال والدولار وهو أمر استبعده الكثيرون، خاصة مع الاحتياطي القوي لدى المملكة رغم الأزمة التي تمر بها .
ويرى خبراء آخرون أن دونالد ترمب غير معني كثيرا بانعكاسات سياسته على الاقتصاد العالمي، وأن تركيزه الأساسي والوحيد سيكون على الاقتصاد الأمريكي، وأن المرحلة المقبلة ستشهد درجة أعلى من الحمائية الاقتصادية، ما يفتح مجالا واسعا لحرب عملات ونزاعات تجارية قوية، وبالطبع سيؤثر ذلك في معدلات نمو الاقتصاد الدولي.
خطة ترمب للاستحواذ على النفط العراقي
صرح ترمب لـCNN :”نحن يجب أن نحتفظ بالنفط العراقي، وكما تعلمون انه مهم للغاية، لو كنا اخذنا النفط، لن يكون لتنظيم داعش اي تمويل، لأنه يغذي نفسه من النفط”.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرفض التخفي وراء الشعارات ولا يخفي طموحاته للعودة إلى العراق وأخذ نفطه إلى الولايات المتحدة، اذ ان ثلث إنتاج العراق من النفط الجديد والمستقبلي سيكون بيد شركات امريكية ، ففي حين بررالقادة الأميركيون الذين سبقو ترمب، تدخلهم في العراق بأسباب عديدة ركّز ترمب على شيء واحد، وهو ان على الولايات المتحدة أخذ نفط العراق .
وفعلا حصلت شركات النفط الأميركية على أقوى عقود مع الحكومة العراقية، كما اوضح الديبلوماسيون في تقرير آخر، انه “ستشارك إكسون موبيل وأوكسيدنتال في تطوير ما يقرب من ثلث إنتاج العراق من النفط الجديد والمستقبلي”. وهذا هو “نصر كبير للاقتصاد الأميركي”، وأضافوا لقد تغير الكثير منذ أن بدأ المسؤولون الأميركيون تحقيق أول تقدم حقيقي في فتح صناعة النفط في البلاد.
إن صعود تنظيم “داعش”، وسرعته بالاستيلاء على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا، جعلا الأمر أكثر صعوبة بالنسبة إلى كثير من شركات النفط للعمل في أجزاء مختلفة من العراق.
وفي الوقت عينه، ينبغي الاعتراف بأن خطط ترمب للتدخل في العراق وأخذ النفط هي متغيّرٌ آخر في سياسة الولايات المتحدة السائدة منذ فترة طويلة. وتمشياً مع شعاره “أميركا أولاً”، فقد تخلى عن التظاهر بضمان وصول متعدد الأطراف للنفط لصالح الشركات الأميركية وحدها.
ويضع غالباً إطار خطته لإضعاف “داعش”، لكنه أوضح أنه كان يشعر منذ وقت طويل أن الولايات المتحدة يجب أن تأخذ النفط. حتى قبل صعود “الدولة الإسلامية” “كنت دائماً أقول:” خذوا النفط”، واعترف ترمب في خطابه بعد تنصيبه في مقر المخابرات المركزية “سي آي إي: لقد: ”قد قلت ذلك لأسباب اقتصادية”، مؤكدا انه لن يسمح لأي شيء بالوقوف في طريقه .

شذى خليل
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية