نتنياهو، ترامب والمستوطنون

نتنياهو، ترامب والمستوطنون

يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مأزقاً حقيقياً الآن. إنه يفضل الوضع الراهن؛ حيث تحتل إسرائيل الضفة الغربية، وتعطي لنحو 2.99 مليون فلسطيني الذين يعيشون هناك حكماً ذاتياً محدوداً، ولو أنه ليست دولة كاملة. لكن لوبي المستوطنين، الذي يريد ضم “يهودا والسامرة” إلى إسرائيل، يشكل عنصراً حاسماً بالنسبة لائتلافه.
لذلك، حاول رئيس الوزراء استرضاء لوبي المستوطنين في نهاية كانون الثاني (يناير) بالموافقة على بناء أكثر من 3.000 منزل جديد، والتي سيتم إنشاؤها بشكل رئيسي في أحياء القدس الشرقية و”الكتل الاستيطانية” الكبيرة التي يُتوقع أن تكون جزءاً من إسرائيل في أي اتفاق سلام مستقبلي. لكنه حقق نجاحاً جزئياً فحسب على هذا الصعيد: فقد اشتكت إحدى منظمات المستوطنين المهمة مباشرة من أنه كان يجب أن يصدر تفويضاً ببناء مبان أكثر بكثير.
مثل معظم الحكومات الأخرى، تحاول حكومة إسرائيل أيضاً أن تخمن ما هي أولويات السياسة الخارجية لدونالد ترامب، وكيف يمكن أن تؤثر تلك الأولويات على حساباتها المحلية. وجاء أحد المؤشرات على التحوُّل يوم 24 كانون الثاني (يناير)، عندما رفض البيت الأبيض التعليق على خطط الاستيطان الجديدة في بداية الأمر. وفي الماضي، كانت مثل هذه التحركات تُقابل بإدانة أميركية تلقائية باعتبارها عقبات في طريق السلام. ومع ذلك، كانت للعلاقة المتوترة مع الرئيس السابق، باراك أوباما، فوائدها أيضاً -كانت بمثابة عذر مثالي يستخدمه نتنياهو لكبح حماسة شركائه في الائتلاف لفكرة البناء الاستيطاني الواسع والضم. والآن، أصبح المستوطنون على قناعة بأن السيد ترامب سوف يسمح لهم التصرف بأيدٍ طليقة.
أحد الأسباب لعدم اليقين السائد في القدس هو الرسائل المتعددة والمتعارضة التي تصل إليها من واشنطن. ولدى المستوطنين دعم واضح من أعضاء في دائرة الرئيس ترامب الداخلية، خاصة سفيره الجديد إلى إسرائيل، ديفيد فريدمان، الذي يترأس منظمة تجمع الأموال للمستوطنات. ومع ذلك، فإن بعض أصحاب التعيينات الأخرى المهمة، بما فيها وزير الخارجية القادم، ريكس تيلرسون، كانوا حذرين، حتى الآن على الأقل، في عدم الإلماح إلى أي تغيير مهم في السياسة الأميركية. وقد حث السيد نتنياهو وزراء حكومته على تجنب القيام بتحولات الكبيرة عن السياسة القائمة إلى أن تصبح الأمور أكثر وضوحاً.
وهناك مثال آخر هو سياسة الإدارة الجديدة المتعلقة بنقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس. فمثل معظم الدول، ظلت الولايات المتحدة مترددة في الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل قبل حل المطالبات المتعارضة بالمدينة في اتفاق نهائي للسلام. ومع ذلك، وعد ترامب في سياق حملته الانتخابية بنقل السفارة إلى القدس، في خطوة من شأنها إثارة غضب الرأي العام العربي. ومنذ الانتخابات، قال أعضاء من حاشيته لمسؤولين إسرائيليين إنه يخطط إلى المضي قُدماً بهذه الخطوة، لكن المتحدث باسم البيت الأبيض قال في 22 كانون الثاني (يناير) فقط “نحن في المراحل المبكرة جداً حتى نناقش هذا الموضوع”. كما تلقى القادة الفلسطينيون أيضاً رسائل سرية بأن السفارة لن تنتقل في الوقت الحالي. والمؤكد الوحيد هو أنها ليست لدى إدارة ترامب حتى الآن سياسة مستقرة نحو إسرائيل والفلسطينيين.
من المقرر أن يتلقي نتنياهو بالرئيس الأميركي الجديد في واشنطن هذا الشهر. وسوف تكون أولويته هي استغلال فرصة قدوم إدارة أكثر تقبلاً لفكرة إعادة تنشيط المعارضة لمحاولات إيران تحقيق الهيمنة الإقليمية. كما أنه ربما يسعى أيضاً إلى الحصول على مساعدة الرئيس في كبح جماح العنصريين اليمينيين الذين لديه في الوطن.

ترجمة صحيفة الغد