أستراليا تأخذ السبق من أوروبا في محاربة الإسلاميين

أستراليا تأخذ السبق من أوروبا في محاربة الإسلاميين


كانبرا – انتقلت نظرة الغرب تجاه مواطنين يعتنقون أفكارا جهادية إلى مرحلة أخرى تتسم بالحسم، عائدة بذلك خطوة إلى الوراء تحت سقف مرتفع من الحريات لطالما تبنته دول غربية وروجت له في العالم.

ولم يعد اليوم هناك أي مبرر لاستمرار سياسة كانت تعتمد صبرا طويلا في مواجهة مسلمين غربيين ذهبوا للقتال في صفوف تنظيمات متشددة في سوريا والعراق ومناطق أخرى تتخطفها الصراعات.

وأطلقت أستراليا الأحد أول طلقة في سباق غربي تأمل دول عدة من ورائه تأمين مجتمعاتها ضد هجمات خاطفة، تنتج عن توغل أفكار مغايرة صنعت أقسى عهود الإرهاب الديني في التاريخ الحديث.

وذكرت وسائل إعلام أسترالية أن أستراليا سحبت الجنسية من مواطن انضم إلى تنظيم الدولة الإسلامية استنادا إلى قوانين مكافحة الإرهاب، في أول قرار من هذا النوع تتخذه سلطات البلاد التي أكدت الأمر.

وذكرت صحيفة “ذا أستراليان” أن السلطات سحبت منذ بداية هذا العام الجنسية من خالد شروف الذي ذاع صيته عام 2014 عندما نشر صورا على تويتر ظهر فيها ابنه البالغ سبع سنوات حينها يحمل رأسا مقطوعا.

وأكدت متحدثة باسم وزارة الهجرة الأحد أن السلطات سحبت جنسية أحد الأشخاص دون الإدلاء بالمزيد من التفاصيل.

ولم يشهد الإعلان عن الخطوة غير المسبوقة ردود فعل واسعة بعد، لكن تقبل إسقاط الجنسية المكتسبة عن المنخرطين في أعمال إرهابية صار أكثر قبولا عند الكثيرين في الغرب اليوم، من أي وقت مضى.

وفي خضم صعود سياسي كبير لأحزاب يمينية تنظر إلى الإسلام بريبة أصلا، باتت محاصرة نفوذ الإسلاميين تشكل ضغطا على الديمقراطيين الليبراليين، خصوصا بعد صعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
مصطفى راشد: الإخوان والسلفيون يشكلون 15 بالمئة من المسلمين في أستراليا

ويقول مراقبون إن عصر ترامب سيجعل ظهر الإسلاميين إلى الحائط، إذ يظهر عدوانية كبيرة لكل فصائل الإسلام السياسي، من داعش والقاعدة والإخوان المسلمين وحزب الله، وصولا إلى الحرس الثوري في إيران.

ويتزعم رئيس الوزراء الأسترالي مالكوم ترنبول الحزب الليبرالي في بلاده، وهو الحزب الذي تقدم في يناير 2015 بمشروع القانون خلال رئاسة حكومة توني أبوت. وتم تمرير القانون بعد إبداء حزب العمال، أكبر أحزاب المعارضة، موافقته عليه.

وتوجه شروف، الذي ذكرت “ذا أستراليان” أنه يحمل الجنسية اللبنانية أيضا، إلى سوريا عام 2013 مع عائلته.

وذكرت وسائل إعلام أن زوجته تارا نيتلتن توفيت العام الماضي، فيما يعتقد أن شروف قتل بقصف طائرة من دون طيار في العراق عام 2015.

إلا أن تقارير إعلامية لاحقة شككت في صحة نبأ وفاته فيما أفادت “ذا أستراليان” أن مصير أطفالهما الخمسة غير معروف.

وعبرت الحكومة الأسترالية مرارا عن مخاوفها بشأن عودة المقاتلين الذين انخرطوا في حروب في الخارج إلى أراضيها. ودفع ذلك إلى اتخاذ إجراءات أمنية لم يعتد المواطنون في الغرب عليها من قبل.

واليوم بات المجتمع يقبل التنصت الاحترازي على مكالمات مشتبه بهم في الانتماء إلى حركات إرهابية، وإغلاق حسابات مصرفية لهم ولأفراد من عائلاتهم، كما تتجه حكومات إلى تقليص دور المحاكم في ترحيل متشددين عبر تمرير قوانين شبيهة بقانون الجنسية الأسترالي.

ولم تعد المواجهة التي يتبناها الغرب أمنية فقط، إذ بدأ السياسيون يفطنون إلى المواجهة الفكرية، التي قد تؤتي مفعولا أعمق بكثير من إسقاط الجنسية عن المتورطين في الإرهاب، أو من أي حلول أمنية أخرى.

ويقول بينكاس غولدشميت، حاخام روسيا الأكبر “اليمينيون يروجون اليوم لكراهية المسلمين بشكل عام، وليس المتشددين فقط، لذلك علينا أن نحارب هؤلاء المتشددين الذين يصورون الدين على أنه دين فاشي، لكن أولا علينا أن نحدد قدرة هؤلاء وقادتهم، بينما نعمل مع المسلمين العاديين لتقوية موقفهم”.

وهذا ما تفعله أستراليا بالضبط، فمصطفى راشد العالم الأزهري وخطيب مسجد سيدني الكبير الذي ينحدر من أصول مصرية، يلعب دورا حاسما مع الحكومة الأسترالية في برنامج طموح لمواجهة أيديولوجيا التشدد في المجتمع الأسترالي.

ويقول راشد إن “نسبة معتنقي فكر الإخوان المسلمين والسلفيين بين المسلمين في أستراليا وصلت إلى 15 بالمئة”، إذ يعمل الكثير منهم على تجنيد مقاتلين لصالح تنظيمات جهادية في الخارج.

العرب اللندنية