تونس تسعى لفتح أسواق جديدة في أفريقيا لإنعاش اقتصادها

تونس تسعى لفتح أسواق جديدة في أفريقيا لإنعاش اقتصادها


تخطط الحكومة التونسية لتوسيع تواجدها في الأسواق الأفريقية خلال العام الجاري باعتماد الدبلوماسية الاقتصادية مع عدد من بلدان القارة واستكشاف فرص جديدة للاستثمار، ضمن رؤية طويلة المدى تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي للبلاد.

وكشف وزير التجارة والصناعة زياد العذاري لوكالة الأنباء الرسمية أن بلاده بصدد وضع اللمسات الأخيرة لتنظيم المنتدى الأفريقي للأعمال في وقت لاحق هذا العام، لكنه لم يعلن عن توقيت انعقاده بالتحديد.

وقال على هامش جلسة استماع عقدتها لجنة الزراعة والأمن الغذائي والتجارة والخدمات في البرلمان مؤخرا، إن “الوزارة تعكف على الإعداد لهذا المنتدى وفق خطط الحكومة الرامية للتوجه نحو الأسواق الواعدة في أفريقيا لتعزيز التعاون التجاري بين تونس ودول القارة”.

وسيشارك في هذا المنتدى، الذي سينعقد بدعم من الصندوق العربي للتنمية في أفريقيا والبنك الأفريقي للتنمية، أبرز رجال الأعمال والفاعلين الاقتصاديين والتجاريين في القارة.

وكان رجال أعمال تونسيون قد أسسوا في أكتوبر 2015، مجلس الأعمال التونسي الأفريقي، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي بين تونس وأفريقيا وتمتين العلاقات الثنائية بين المستثمرين عبر إرساء مشروعات تصديرية مشتركة تساعد على رفع حجم المعاملات التجارية.

وتسعى تونس لفتح مكاتب تجارية جديدة في القارة من أجل دعم اقتصادها لا سيما وأن عدد مكاتبها لا يتجاوز حاليا حدود ثمانية دول أفريقية، وهو معدل ضعيف للغاية. وفي إطار هذه الاستراتيجية، أكد العذاري أن العمل جار حاليا لفتح خمسة مكاتب تجارية في خمس بلدان أفريقية العام الحالي، مشيرا إلى أن الحكومة بصدد اختيار الدول التي ستحتضن هذه المكاتب.

ويأتي تحرك تونس في إطار تنشيط الدبلوماسية الاقتصادية التي بدأتها في الفترة الأخيرة، لا سيما بعد أن انضمت قبل أشهر إلى مجموعة السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (كوميسا)، التي تضم 19 دولة، بهدف الاندماج أكثر في السوق الأفريقية.

1 مليار دولار، حجم المبادلات التجارية التي تأمل تونس بلوغها في أفق عام 2020

ومن الواضح أن تونس رسمت لنفسها خطة بعيدة المدى تقوم على اعتماد خيار الدبلوماسية الاقتصادية لدعم المبادلات التجارية ورفع مستوى الصادرات والاستثمار الأجنبي اللذين تقلصا خلال السنوات الست الأخيرة.

ويقول محللون إن أفريقيا تشكل ساحة واعدة للاقتصاد التونسي في السنوات المقبلة في حال تمكنت الحكومة ومنظمات الأعمال وفي مقدمتها الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، من فك شفرات الدخول إلى أسواق القارة التي تسجل معظم بلدانها نموا يصل لنحو 6 بالمئة سنويا.

ويعتبر التبادل التجاري بين تونس وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء ضعيفا، في حين تحقق فيه القارة أرقام نمو عالية وتشهد تطورا لافتا في كافة المجالات، وهو ما يستدعي، وفق خبراء، توفير آليات لضمان تواجد أكبر للشركات وللمنتجات التونسية في الأسواق الأفريقية.

وتشكو علاقات تونس مع دول أفريقيا عموما من غياب اتفاقيات جمركية مشتركة، كما تعاني من نقص في الربط الجوي والبحري، وكذلك لا توجد فروع للبنوك التونسية التي بإمكانها تسهيل المعاملات المالية والتجارية.

ومع ذلك، تأمل تونس في رفع حجم المبادلات التجارية مع مختلف بلدان القارة ليصل إلى مليار دولار رغم الصعوبات الكثيرة التي تواجهها، كما تطمح إلى رفع معدل الاستثمار أيضا ليبلغ نحو 8.3 من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2020.

ووفق بيانات وكالة النهوض بالصادرات، فإن حجم التبادل التجاري بين تونس ودول أفريقيا ارتفع خلال السنوات الثلاث الماضية ليصل إلى نصف مليار دولار سنويا، مقارنة بعام 2009 حينما بلغ قرابة 320 مليون دولار.

وتعد إثيوبيا الشريك الأفريقي الأول لتونس ثم تأتي كل من السنغال والكوت ديفوار والكاميرون في المراكز التالية.

وذكرت مصادر مطلعة أن رئيس الحكومة التونسي يوسف الشاهد سيقوم بجولة أفريقية في الفترة المقبلة تشمل كلا من السودان والنيجر وبوركينا فاسو بعد أن تم تأجيلها الشهر الماضي، وذلك في أعقاب الزيارة التي يؤديها الاثنين، إلى ألمانيا.

وأشارت المصادر إلى أن تلك الجولة ستكون فرصة لعقد شراكات استراتيجية جديدة مع تلك الدول عبر إبرام حزمة من الاتفاقيات وعقود استثمار عديدة تشمل مجالات مختلفة من بينها الزراعة والبنوك وصناعة الأدوية والسلع الاستهلاكية.

ويمثل الطلب على السلع الاستهلاكية والخدمات محفزا لتونس لدعم اقتصادها المتعثر، والذي يكمن مستقبله في الاندماج في القارة من خلال قطاعات ذات قيمة مضافة في مجال الخدمات كالسياحة والتعليم العالي والهندسة والاستشارات.

ولحد الآن، لا يزال هذا الاندماج دون المأمول، ففي مجال التصدير تحتل تونس المركز الـ29 أفريقيا، بينما تحتل المركز الـ28 في ما يتعلـق بجـاذبيتها للاستثمارات الخارجية، رغم حـزمة القـوانين المتوفرة والتي تعتبر الأكثر تحفيزا للمستثمرين في القارة.

العرب اللندنية