الإمارات تطوّق الالتفاف الإيراني في منطقة باب المندب

الإمارات تطوّق الالتفاف الإيراني في منطقة باب المندب


لندن – تحركت الإمارات لتطويق محاولات التوسع الإيراني في منطقة القرن الأفريقي في الوقت الذي يشهد فيه اليمن تراجعا ملحوظا لنفوذ طهران بعد أن وجه التحالف العربي ضربات موجعة لحلفاء إيران الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح. وتلعب الإمارات دور رأس الحربة ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

وباتت أبوظبي تملك منفذين حصريين على مضيق باب المندب وخليج عدن عبر تشييد قاعدتين عسكريتين كبيرتين في ميناءي عصب الإريتري، وميناء آخر وافق برلمان دولة أرض الصومال على اتفاقية إنشاء قاعدة إماراتية جديدة فيه الاثنين.

وأعلن برلماني في جمهورية أرض الصومال، التي أعلنت استقلالها من جانب واحد، موافقة بلاده على استضافة قاعدة عسكرية لدولة الإمارات العربية المتحدة في ميناء بربرة.

وذكر المشرع، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن البرلمان صوت لصالح الاتفاق الذي يسمح للإمارات باستخدام القاعدة الواقعة في الميناء والمطار لمدة 25 عاما.

وتعمل الإمارات على خطة استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تطويق الالتفاف الإيراني في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي عبر الاستثمار العسكري والاقتصادي في منطقة لطالما شكلت فضاء أمام توسع إيراني دون عوائق تذكر.

وقال مسؤول في حكومة أرض الصومال، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن الإمارات تخطط لبناء قاعدة بحرية في ميناء بربرة ترسو فيها سفن حربية جاهزة لضرب مواقع الحوثيين وقوات صالح في اليمن. كما سيتم إنشاء قاعدة جوية تضيف للإمارات حضورا استراتيجيا فعالا في المنطقة.

ويقع ميناء بربرة على خط طول واحد جنوب مدينة عدن، التي تحولت إلى عاصمة مؤقتة لليمن. وتشهد المدينة تواجدا عسكريا ومدنيا مكثفا للإمارات، التي تعكف على إعادة تأهيل مرافق المدينة والمنشآت الحكومية فيها، كما تساعد حكومة الشرعية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي على ضبط الأمن ومكافحة جهاديين نفذوا سلسلة هجمات بهدف تقويض حكمه.

ويقابل ميناء عصب الإريتري ميناء المخا اليمني القريب من مدخل مضيق باب المندب، والذي تمكنت قوات التحالف العربي من استعادته من قبضة الحوثيين الشهر الماضي.
التجهيز لإقلاع استراتيجي في القرن الأفريقي

وعززت الإمارات علاقاتها العسكرية والاقتصادية مع أرض الصومال منذ عام 2012، بعد عام واحد من اندلاع ما يعرف بـ“الربيع العربي” في المنطقة. لكن العلاقات بين البلدين انتقلت إلى مستويات جديدة بالتزامن مع بدء حملة “عاصفة الحزم” في مارس 2015، ضد تمدد النفوذ الإيراني في اليمن.

وتقول مصادر إن المخططين الاستراتيجيين الإماراتيين حددوا هدف الالتفاف على النفوذ الإيراني المتزايد في منطقة الممرات الملاحية الاستراتيجية بالقرب من باب المندب، وفي عمق أفريقيا.

وتقول مصادر إن التوقيع على اتفاقية إنشاء القاعدة، التي تبلغ مساحتها 40 كيلومترا مربعا، جرى في آخر أسبوع من شهر سبتمبر الماضي، خلال زيارة وفد رفيع المستوى من أرض الصومال إلى الإمارات.

وقال مصدر في أرض الصومال إن الاتفاق على إنشاء القاعدة العسكرية الإماراتية يشمل توفير الإمارات التدريب والدعم الأمنيين لدولة أرض الصومال، وهو غطاء أمني ضروري لسلطات أرض الصومال التي تملك حدودا غير معترف بها مع دولة الصومال، حيث تنشط جماعة الشباب المرتبطة بالقاعدة.

ويقول ألكسندر ميللو، محلل الأمن في مركز “هورايزون كلاينت أكسيس” الأميركي إن “خطة الإمارات لتشكيل وحدة بحرية وجوية بين قاعدتي بربرة وصعب منطقية للغاية”.

وأضاف “قاعدة صعب الإريترية مازالت بسيطة، لكن العمل الذي تقوم به الإمارات هناك، خصوصا توسيع ملاجئ الطائرات ومخابئ العربات المصفحة وبناء رصيف حربي جديد على بعد 10 كيلومترات شمال ميناء عصب، يوضح أن الوجود الإماراتي في المنطقة سيطول”.

وتطور الإمارات بوتيرة متسارعة مدرج الطائرات في قاعدة عصب، كما أرسلت نصف سرب طائرات مقاتلة من طراز ميراج 2000 إلى القاعدة في سبتمبر الماضي.

وقال ميللو “ربما يسرع الإماراتيون من تطوير ميناء بربرة كي يكون لهم قاعدة خارج نطاق صواريخ الحوثيين. من المحتمل أن يكون تركيز قاعدة عصب لدعم العمليات العسكرية في اليمن، بينما تخصص قاعدة بربرة لتنفيذ مهام بحرية وجوية في مضيق باب المندب وخليج عدن، بالتنسيق مع مصر والولايات المتحدة”.

وعلى بعد خمسة كيلومترات من القاعدة الإماراتية الجديدة في أرض الصومال، أطلقت شركة موانئ دبي العالمية مشروعا مطلع هذا العام لتطوير ميناء بربرة التجاري ضمن عقد بلغت قيمته أكثر من 440 مليون دولار.

وينص العقد على حق الشركة في الانتفاع بالميناء لمدة 30 عاما، ضمن خطة تشمل توسيع الميناء ومضاعفة حجمه وإنشاء منطقة تجارة حرة، كبوابة محتملة إلى السوق الإثيوبية التي تنمو بشكل متسارع.

ويقول شهاب المكالي، المحلل السياسي في مجموعة “جيوستراتيجيك ميديا” للاستشارات، إن “الإمارات كانت تتبنى في السابق سياسة خارجية حذرة، لكن الأزمة الاقتصادية الأخيرة والربيع العربي وصعود الإسلام السياسي (الإخواني والإيراني) دفعت الإمارات إلى اتخاذ خطوات غير مسبوقة لحماية أمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية عبر بناء قواعد عسكرية في أماكن محورية بأفريقيا”.

العرب اللندنية