تقارب بوتين وترامب على المحك بعد استقالة فلين

تقارب بوتين وترامب على المحك بعد استقالة فلين

واشنطن – قدم مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب للأمن القومي مايكل فلين، الاثنين، استقالته بعد أربعة أيام على صدور معلومات صحافية بشأن إجرائه اتصالات حساسة في أواخر رئاسة باراك أوباما مع روسيا التي أكدت أن القضية “قضية داخلية أميركية”.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الثلاثاء، إن استقالة فلين “قضية داخلية أميركية”، مؤكدا “هذا ليس شأننا، لا نرغب في التعليق على هذه القضية بأي شكل”.

وفي رسالة الاستقالة، أقر فلين الذي ترأس الاستخبارات العسكرية سابقا بأنه “ضلل بغير قصد” نائب الرئيس (المنتخب آنذاك) مايك بنس وأشخاصا آخرين باطلاعهم على “معلومات منقوصة” بشأن اتصالاته الهاتفية مع السفير الروسي.

وأعلن البيت الأبيض، مساء الاثنين، قبول استقالة فلين بعد أقل من شهر على تنصيب ترامب رسميا في البيت الأبيض، وشكلت ضربة كبرى وسابقة في الإدارات الأميركية.

كما أعلن البيت الأبيض أيضا أن ترامب عين الجنرال المتقاعد جوزيف كيلوغ، المحارب القديم الذي نال أوسمة في حرب فيتنام وكان مديرا لمكتب فلين، لتولي منصب مستشار الأمن القومي بالوكالة.

وذكرت وسائل إعلام، الاثنين، أن عددا من كبار مستشاري الرئيس تلقوا تحذيرات بشأن اتصالات فلين مع الروس في وقت سابق هذا العام.

وتطرح تساؤلات حاليا حول من كان يعلم بشأن تلك الاتصالات ولماذا لم يتحرك ترامب في وقت سابق لاستبدال فلين. كما غذت هذه الاستقالة الدعوات إلى تحقيق مستقل حول تأثير روسيا على انتخابات 2016 الرئاسية.

وأثار اختيار فلين مستشارا للأمن القومي الجدل، حيث قال العديد في أجهزة الاستخبارات الأميركية إنه غير مناسب لهذا المنصب الحساس، وأشاروا إلى انه أقيل عندما كان مديرا لاستخبارات الدفاع بعد عامين بسبب إدارته السيئة.

وفي وقت سابق، الاثنين، أكد الناطق باسم البيت الأبيض شون سبايسر أن ترامب لم يكن على علم “على الإطلاق” ببحث فلين العقوبات مع السفير الروسي سيرغي كيسيلياك.

وقالت الصحافة الأميركية، الاثنين، إن وزارة العدل الأميركية حذرت البيت الأبيض من تعرضه لتضليل فلين بشأن المضمون الفعلي لمحادثاته مع كيسيلياك، وأنه قد يصبح بالتالي عرضة لمحاولات ابتزاز روسية.
قسطنطين كوساتشيف: الاستقالة علامة على تزايد المشاعر المناهضة لروسيا في البيت الأبيض

ونقلت الرسالة في آخر أيام رئاسة أوباما وزيرة العدل بالوكالة سالي ييتس، التي أقالها ترامب بعدما أمرت محامي وزارة العدل بالامتناع عن الدفاع عن مرسومه لحظر السفر الذي علق القضاء تطبيقه.

وأفادت شبكة “سي إن إن” أن مديري جهازي الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) جون برينان حينذاك وافقا على ضرورة إنذار البيت الأبيض بتلك المخاوف.

وفي الساعات السابقة للاستقالة، أفاد عدد من مساعدي ترامب أن فلين يحظى بدعم الرئيس الكامل، علما أن الضابط المتقاعد كان حتى الساعة لاعبا أساسيا في الدائرة المقربة منه.

وكان فلين أحد أوائل مؤيدي ترشح ترامب إلى الرئاسة رغم قلة فرصه، وحث على تشديد السياسات إزاء إيران وتليينها تجاه روسيا خلافا لإدارة أوباما التي فرضت عقوبات على موسكو بعد ضمها شبه جزيرة القرم الأوكرانية ودعمها الانفصاليين في شرق أوكرانيا، إضافة إلى ما وصفته الاستخبارات الأميركية بمحاولات لترجيح كفة ترامب في انتخابات 2016 الرئاسية.

كما اختلفت واشنطن وموسكو بشأن معلومات عن جرائم حرب في سوريا، حيث تخوض روسيا حملة عسكرية لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ودعمها لغارات أصابت مستشفيات وأهدافا مدنية أخرى، ورغم كل ذلك دافع فلين عن التقارب مع روسيا.

وضم عدد من الجمهوريين أصواتهم إلى الديمقراطيين في طلب استقالة فلين في مسألة أصبحت مصدر إحراج كبير للحزب الذي يتولى السلطة.

وقال السيناتور الجمهوري عن ولاية كولورادو مايك كوفمان في بيان بشأن فلين “من واجبه توخي الشفافية والصدق في تحركاته. أي تقصير في ذلك غير مقبول”، مضيفا أن المستشار المستقيل “تعمد في الواقع تضليل الرئيس، وعليه الاستقالة فورا”.

وأتت استقالة فلين قبل أيام على المحادثات الرسمية الأولى بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهي لقاءات يلعب فيها مستشار الرئيس للأمن القومي عادة دورا محوريا. ويعتبر فلين التطرف الإسلامي أكبر تهديد للاستقرار العالمي، وقال إن على واشنطن وموسكو التعاون في هذه القضية.

وتحقق وزارة العدل الأميركية والكونغرس في علاقات محتملة بين مستشاري حملة ترامب وموسكو، وتوصلت إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أدار شخصيا عملية للتدخل في الانتخابات الرئاسية.

وفي 29 ديسمبر، فرضت إدارة أوباما عقوبات على أربعة مواطنين من روسيا وخمسة كيانات وطردت 35 دبلوماسيا عقابا لروسيا على ذلك.

ومن جهته، نفى الكرملين أن فلين ناقش رفع العقوبات مع السفير الروسي وامتنع، الثلاثاء، عن الإدلاء بتعليقات أخرى، قائلا إن الاستقالة أمر داخلي بالنسبة إلى الولايات المتحدة.

وقال نائبان روسيان كبيران، الثلاثاء، إن استقالة فلين تُثبت أن جهودا تُبذل لتقويض العلاقات الروسية الأميركية، ولكن الكرملين امتنع عن التعليق.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن ليونيد سلوتسكي رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الروسي قوله “من الواضح أن فلين أُجبر على كتابة خطاب استقالته تحت ضغوط معينة”.

وقال سلوتسكي إن “الهدف كان العلاقات الروسية الأميركية وتقويض الثقة في الإدارة الأميركية الجديدة”، ولم يوضح من قد يكون مسؤولا عن ذلك.

وقال النائب قسطنطين كوساتشيف، الذي يرأس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الاتحاد (المجلس الأعلى في البرلمان الروسي)، إن استقالة المستشار الأميركي قد تكون علامة على تزايد المشاعر المناهضة لروسيا في البيت الأبيض.

وقال عبر وسائل التواصل الاجتماعي “إما أن ترامب لم يحصل على الاستقلال اللازم ويجري وضعه تدريجيا (بشكل ناجح) في مأزق وإما أن رهاب روسيا أصاب الإدارة الجديدة أيضا بشكل كامل”.

العرب اللندنية