إنتاج اللحوم في المختبرات لحل أزمة الغذاء في المستقبل

إنتاج اللحوم في المختبرات لحل أزمة الغذاء في المستقبل


لندن – كلما تزايدت التحديات التي تواجه العالم تزايد إيقاع الحلول المبتكرة لمكافحة مشاكل الفقر وأزمات الغذاء المتوقعة في المستقبل بسبب قلة المراعي الطبيعية التي لا تتناسب مع الزيادة الكبيرة في عدد سكان العالم، الذي من المتوقع أن يصل إلى 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050.

وتشير التقديرات إلى أن الحصول على قطعة “برغر” وزنها حوالي 100 غرام عبر الطرق التقليدية، يتطلب حوالي 700 غرام من الحبوب لتغذية الماشية، و52 غالونا من المياه للشرب وري محاصيل الأعلاف، إضافة إلى 74 قدما مربعا من الأراضي للرعي و10 وحدات حرارية من الوقود الأحفوري لإنتاج الأعلاف ونقلها.

ويرجح العلماء أن تتوفر اللحوم المزروعة في المختبرات إلى جانب الأنواع التقليدية في الأسواق خلال المستقبل القـريب في ظل التطـور السريع لتلك التقنيـة الأكثـر استـدامـة لإنتـاج اللحـوم مـن الوسائل التقليدية للثـروة الحيوانية وتأثيراتها على البيئة.

وكان فريق من العلماء الهولنديين قد نجح عام 2013 في إنتاج قطعة برغر في المختبر، لكن تكلفتها الإجمالية بلغت نحو 330 ألف دولار. ومن المتوقع أن تنخفض التكاليف تدريجيا مع تطور التقنيات، إلى أن تصبح مجدية تجاريا في المستقبل.

وقبل عدة أشهر نجحت شركة ممفيس ميتس الأميركية في إنتاج لحوم مزروعة في المختبر لأول مرة في العالم، بتكلفة بلغت نحو 18 ألف دولار لنحو نصف كيلوغرام.

وقد اعتمد الفريقان في تصنيع اللحوم في المختبر، على زرع خلايا جذعية ذاتية التجدد مأخوذة من الحيوانات، في بيئة تشبه مصانع الجعة (البيرة) كبديل عن تربية الماشية للحصول على لحومها.
بروفسور مارك بوست: اللحوم المنتجة في المختبرات أكثر صحية وتقل فيها الدهون المشبعة

ورغم أن ارتفاع التكلفة يمنع إنتاجها تجاريا، لكن كلا الفريقين الهولندي والأميركي يرى أن هذه التقنية ستستمر في التقدم سريعا، لتصل إلى مرحلة البيع في متاجر البقالة والمطاعم في غضون أعوام قليلة.

وأوضح أوما فاليت، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة ممفيس ميتس، أن العملية التي تعتمدها الشركة لإعداد منتجاتها، تطلق انبعاثات أقل بنسبة 90 بالمئة من الإنتاج التقليدي للحوم، لأن زراعة الخلايا لا تحتاج إلى أراض واسعة.

وأكد أن نجاح هذه الطريقة المبتكرة وانتشارها سيمكننا من إعادة الأراضي التي تستخدم لإيواء الماشية وتربيتها إلى الطبيعة البرية.

وتمثّل ظروف المختبرات عاملا مهما في إثبات مزايا اللحوم المزروعة في المختبر، مقارنة مع البروتينات الحيوانية التقليدية، إذ تزرع اللحوم في بيئة معقمة، فضلاً عن أن هذه الظروف لا تسمح بنمو البكتيريا الخطيرة مثل السالمونيلا، وبذلك يكون المنتج آمنا من التلوث.

وقال البروفيسور مارك بوست من جامعة ماستريخت الهولندية، أحد المشاركين في زراعة أول قطعة برغر في المختبر، إن اللحوم المزروعة تتمتع بجانب آخر مفيد لصحة الإنسان، وهو القدرة على إزالة أو تقليل الدهون المشبعة.

وأضاف أن الخـلايا الجـذعية تستطيـع مبدئيا صنـع الأحمـاض الـدهنية “أوميغـا 3” ولـذلك فإن نجاحنا في الاستفـادة من تلك الآليـة البيـولوجية سيعني إنتـاج لحـوم أكثـر صحية من اللحوم الطبيعية.

وأشار إلى أن الدهون من العناصر الأساسية في تحديد نكهة اللحوم ونسيجها والخصائص المـرغوبة كالطراوة، وأنه من الضروري أن تحتـوي اللحـوم المـزروعة على الـدهـون. وأكـد أن الأحماض الدهنية “أوميغا 3” صحية أكثر من الدهون المشبعـة، ولا بد مـن إيجـاد تـوازن بينهمـا، لأن نسبة كبيـرة من أحماض “أوميغـا 3” تجعل طعم اللحم مشابها لطعم السمك.

ويعتقد المتخصصون أن أحد أكبر التحديات، التي تواجه إنتاج اللحوم في المختبر، هو الحصول على القوام المناسب، الشبيه باللحوم التقليدية، مشيرين إلى أن إنتاجها في المختبر بكميات تجارية يتطلب استثمارات أكبر بكثير من تمويل بحث علمي، كما يتعيّن التأكد من سلامة استهلاكها من قبل الإنسان.

وكانت وكالة المعايير الغذائية البريطانية قد أكدت أن أي غذاء يتم إنتاجه بعملية تكنولوجية جديدة، يجب أن يخضع لتقييم واختبارات مستقلة صارمة قبل طرحه في الأسواق.

وتشير بيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) إلى أن 26 بالمئة من الأراضي الزراعية المستغلة في العالم تستخدم لإنتاج علف الماشية، وأن العالم يفقد سنويا نحو 32.1 مليار فدان من مساحة الغابات التي يتم تحويلها للاستخدامات الزراعية كالمراعي أو زراعة المحاصيل.

وأشارت المنظمة إلى أن تربية الماشية تساهم في 14.5 بالمئة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن النشاطات البشرية، ويعادل ذلك إطلاق 7.1 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون. ويتوقع المعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية أن يتضاعف تعداد المواشي بحلول عام 2050.

العرب اللندنية