جيش الأسد.. الملاذ الأخير يحمي دمشق والمطارات.. وفقد قدرته على الهجوم في الشمال والشرق

جيش الأسد.. الملاذ الأخير يحمي دمشق والمطارات.. وفقد قدرته على الهجوم في الشمال والشرق

لم تبق قوات المعارضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في شمال البلاد وشرقها، إلا مناطق مقطعة الأوصال، تحميها مقرات عسكرية ضخمة لم تتمكن قوات المعارضة من السيطرة عليها، وترفد بعضها بالإمدادات عبر الجو، فيما ينطبق المشهد نفسه على قوات المعارضة في وسط البلاد والمناطق المحيطة بالعاصمة السورية، وذلك بعد نحو 4 سنوات على تغير دراماتيكي في الخريطة العسكرية، وعمليات كر وفر، شهد خلالها الميدان تبدلا في المواقع بين القوات الحكومية وقوات المعارضة المعتدلة وتنظيمات متشددة، وقوات كردية دخلت على الخط منذ عام 2012.

يصعب على المعارضين التحديد بدقة، حجم انتشار القوات الحكومية، ونسبة الجغرافيا التي تسيطر عليها، في ظل وجود مساحات شاسعة من الأرض الجرداء التي تتعرض لسيطرة نارية، حتى لو كانت تفتقد إلى وجود ميداني على الأرض.. لكن الثابت، أن القوات النظامية تحكم سيطرتها على جميع المدن السورية، باستثناء الرقة (شمال البلاد)، وعلى 21 مطارا عسكريا من أصل 28، تستخدم جميعها لانطلاق الطائرات الحربية والمروحية التي تعتمد عليها القوات الحكومية في حربها المتواصلة على مساحة البلاد.

وفقدت القوات النظامية في شمال البلاد إلى حد كبير قدرتها على الهجوم، كما تقول مصادر المعارضة المعتدلة في الشمال لـ«الشرق الأوسط»، إذ «تحولت إلى قوة مدافعة عن مواقعها العسكرية، والمطارات التي تعززت حامياتها منذ عام 2013 وسط حصار لمدن وبلدات معزولة، لا تزال خاضعة لسيطرة النظام»، في حين تحاصر القوات الحكومية مواقع للمعارضة في وسط البلاد، وخصوصا في حمص، كما تهاجم في ريف دمشق وحماه، «واستعادت قدرتها على الهجوم في الجنوب، بعد تقدم قوات المعارضة خلال الأسبوعين الأخيرين في الجبهة الجنوبية»، من غير أن تسفر المعركة بعد عن تطورات استراتيجية.
وعلى مدى 4 سنوات، ورغم الحصار الذي فرضته قوات المعارضة على مواقع كبيرة للنظام في الشمال، لم تتمكن من السيطرة عليها، كما لم تتمكن من السيطرة على المدن، بعدما نقلت المعركة إلى أطرافها، مثل مدينة إدلب، ومدينة حماه، ومدينتي دير الزور والحسكة، بينما تقاسم الطرفان السيطرة على مدينة حلب (شمال) ومدينة درعا (جنوب البلاد).
ويصف معارضون بعض المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في الشمال، بأنها «جزر معزولة»، نظرا إلى محاصرتها، ومنع طرق الإمداد إليها، مثل بلدتي نبل والزهراء بريف حلب الشمالي، وبلدة الفوعة في إدلب، وغيرها… وأنشأت القوات الحكومية حاميات على أطراف البلدات والمدن الخاضعة لسيطرتها، بهدف منع اقتحامها. وتعرضت تلك المناطق على مدى أكثر من عامين لهجمات كبيرة، جرى صدها، مما يشير إلى أنها باتت حصونا عسكرية للنظام.

ومع تزايد الحديث عن مساع للتوصل إلى حل سلمي للبلاد، تتضاعف قواعد النظام العسكرية في المناطق الواقعة غرب سوريا، في منطقة تعد معقلا لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وخصوصا في اللاذقية وطرطوس. ويقول ناشطون إن «هذه المناطق تتضمن مستودعات الذخيرة، وقواعد إطلاق صواريخ أرض – جو، وصواريخ أرض – بحر، إضافة إلى صواريخ أرض – أرض، فضلا عن معامل الدفاع في المنطقة الواقعة شرق محافظة اللاذقية»، علما أن المنطقة لا تتضمن مطارات فعالة، باستثناء مطار باسل الأسد العسكري والمدني في اللاذقية. وبدءا من هذه المنطقة وباتجاه الجنوب والوسط، تمتد نقاط نفوذ القواعد النظامية، وقواعدها العسكرية التي لا تزال فاعلة بشكل كبير، وخصوصا في مناطق شرق حمص وجنوبها.
ويقول ناشطون إن «النظام، بعدما استعاد السيطرة على منطقة القصير في جنوب حمص، عزز وجوده العسكري، حتى باتت نقطة انطلاق لشن هجمات على ريف دمشق الشمالي والغربي». ويشير مصدر معارض إلى أن النظام جدد وجوده في بلدة قارة الحدودية بين حمص وريف دمشق الشمالي، كما في القصير وأعاد الخدمة إلى مطار الضبعة العسكري ». أما مناطق شرق حمص، التي تعرف بمناطقها الشاسعة، فعزز قدراته العسكرية فيها، كما بقي محافظا على مطارات عسكرية فاعلة، هي الأكبر في البلاد.

ويحتوي مطار الشعيرات أو الجيارات العسكري على 40 حظيرة إسمنتية، ويتضمن سربا من طائرات «ميغ 23» وسرب «سوخوي 22»، و«سوخوي 25» القاذفة، وفيه مقر الفرقة الجوية 22، ولديه مدرجان أساسيان وله دفاعات جوية محصنة جدا من صواريخ «سام 6»، ويقع المطار على بعد 31 جنوب شرقي حمص.

أما مطار «T4»، فيعد من أكبر المطارات العسكرية في سوريا، ويحتوي على 54 حظيرة إسمنتية وأغلب طائراته حديثة جدا «ميغ 29» و«ميغ 27» و«سوخوي»، وهو محصن بدفاعات جوية متطور جدا ورادارات قصيرة التردد المحمولة. ويبعد المطار عن حمص 85 كم شرق حمص. إضافة إلى ذلك، يستخدم مطار تدمر المدني لأهداف عسكرية، ويبعد عن حمص 150 كلم شرق حمص ويستقبل طائرات مدنية وله دفاعات جوية ورادارات قصيرة التردد.

ثقل الوجود العسكري للنظام، موجود في أرياف دمشق ودرعا. ففي القلمون الواقعة غرب وشمال العاصمة السورية، لا تزال كبرى القواعد العسكرية على حالها. تمكنت قوات المعارضة في السابق، لدى سيطرتها على بلدات ومدن القلمون، من الوصول إلى أحد أكبر مستودعات الذخيرة المعروف بمستودع «مهين»، والاستحواذ على عدد من الصواريخ الحرارية، لكن القوات النظامية سرعان ما استعادت السيطرة عليه. ويقول معارضون إن «المنطقة لا تزال معقلا عسكريا لقوات النظام، وتعززت بعد استعادة السيطرة عليها، وخصوصا في المنطقة الواقعة شرق دمشق، وشمالها، حيث يوجد مطار الضمير العسكري، ومنصات الصواريخ التي كانت تضرب الرقة منها في وقت سابق».

ويعد مطار الضمير، ثاني أكبر مطار عسكري في سوريا، ويقع على بعد 42 كيلومترا شمال شرقي العاصمة السورية، ويحوي 50 حظيرة إسمنتية ومنها 8 تحت الأرض وهو مطار سري ويحوي طائرات «ميغ 23» و«ميغ 24» و«ميغ 27»، ويمتلك دفاعات جوية قوية طول المدرج 3.1 كلم.

أما مطار السين، فيتصدر مطار الضمير أهمية، إذ يعد الأكبر والأضخم والأقوى والأهم، ويحوي سربا من طائرات «ميغ 29» و«ميغ 23»، وسربا من طائرات «سوخوي 24» القاذفة.

أما العاصمة السورية، فتعد معقلا أمنيا، وتتضمن مقرات القيادة العسكرية، ومنظومات الدفاع الجوي. ولعل أبرز القواعد فيها، هو مطار المزة العسكري الذي يحوي 22 حظيرة ومنها 5 حظائر بحراسة مشددة وطائراته من «ميغ 21» و«ميغ 23» ومروحيات «مي 24» و«مي 17» و«غزيل» الفرنسية، ويتضمن دفاعات جوية، ويبعد عن مركز العاصمة مسافة 6 كيلومترات.
وتتصدر محافظة درعا، وريف دمشق الجنوبي والغوطة الغربية، قائمة القواعد السورية، منذ حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 مع إسرائيل، نظرا أن هذه المنطقة تعد الحامية الأولى للعاصمة السورية. لكن درعا، التي شهدت انطلاقة الثورة السورية ضد النظام في عام 2011، فقدت جزءا من أهميتها العسكرية بعد تحييد نحو 50 في المائة من قواعدها العسكرية عن العمل، بفعل سيطرة المعارضة عليها. ويقول معارضون: إن «المنطقة الواقعة شرق درعا فقدت فيها القوات النظامية جزءا كبيرا من قواعدها»، كذلك المنطقة الواقعة في غربها، بعد سيطرة المعارضة وقوات «جبهة النصرة» في الأشهر الأخيرة من العام الماضي على قواعد عسكرية في الشيخ مسكين ونوى. بينما لا تزال قواعد النظام فاعلة في ازرع، والصنمين وجاسم بشكل أساسي، إضافة إلى القواعد المتصلة بغوطة دمشق الجنوبية، وفي المنطقة المتصلة بمحافظة القنيطرة الحدودية مع إسرائيل.
ويقول خبراء عسكريون إن قيادة الفيلق الأول الموجودة في بلدة قطنا الواقعة جنوب غربي دمشق، تعد الحامية الأساسية للعاصمة السورية، ولا يزال النظام يحتفظ فيها بقدرته على الردع، وعلى إطلاق العمليات. كما لا تزال الفرقة التاسعة واللواء 79 من أبرز المقرات التي تحتفظ فيها القوات النظامية على المثلث الواقع بين درعا ودمشق والقنيطرة.
إضافة إلى ذلك، لا يزال النظام يحتفظ بكامل مواقعه العسكرية في محافظة السويداء جنوب شرقي البلاد، على غرار مناطق غرب البلاد. وإضافة إلى مواقع الدفاع الجوي، لا يزال يحتفظ بالمطارات العسكرية بينها مطار خلخلة العسكري الذي يحوي 30 حظيرة إسمنتية، ويبعد عن مدينة السويداء 40 كلم شمال غربي المدينة. أما مطار الثعلة، فيبعد عن مدينة السويداء 13 كم غرب المدينة.

وفي الشمال، لا تزال القوات الحكومية تحتفظ بمواقع عسكرية كبيرة على طول البلاد وعرضها. ففي الشمال، يحتفظ النظام بمرابض مدفعية ومنصات إطلاق صواريخ في أطراف المدن التي يسيطر عليها، إلى جانب مطارات عسكرية، أبرزها في محافظة حلب، مطار النيرب أو مطار حلب الدولي الذي يحتوي على 8 حظائر طائرات إسمنتية وهو يتضمن طائرات من نوع «ميغ 21» وطائرات مروحية «مي 24» الهجومية والروسية الصنع، ويبعد عن مركز المدينة حلب 5 كم شرق حلب. أما مطار كويريس الواقع بريف حلب الشرقي، فيعد القاعدة العسكرية الوحيدة للنظام في شرق حلب، وقد حوصر منذ أكثر من عام ونصف العام، مع تمدد تنظيم داعش في محيطه، ويستخدم كمطار للمروحيات وطائرات «ميغ 21».

وتعد المطارات العسكرية، أبرز القواعد الحربية التي تحاول القوات الحكومية الحفاظ على سيطرتها عليها في المنطقة الشمالية بعد انحسار رقعة المعسكرات والقواعد العسكرية الكبيرة، باستثناء تلك الموجودة في الحسكة والقامشلي والأحياء الشرقية لمدينة حلب وعلى مدخلها الواقع جنوب شرقي المدينة. ففي الحسكة، لا يزال يحتفظ النظام بمطار عسكري هو مطار القامشلي، إلى جانب عدة تجمعات عسكرية، بينها نقطة كبيرة في جنوب المحافظة، ونقطة أخرى على الحدود مع تركيا، إضافة إلى تجمعات داخل المدينة، وعلى أطراف القامشلي وأطراف مدينة الحسكة.

ويسيطر الجيش النظامي على معبري كسب والقامشلي الحدوديين مع تركيا، والوليد مع العراق، ونصيب مع الأردن، والنقاط الحدودية مع لبنان.

وفي ريف إدلب، يحتفظ النظام بآخر مقراته العسكرية وهي مطار أبو الظهور الواقع شرق المحافظة، بعد خسارته معسكري الحامدية ووادي الضيف قبل شهرين، حين سيطرت عليهما جبهة النصرة وحلفاؤها. وتحاول قوات المعارضة التقدم إلى المطار الذي تعزز بحاميات إضافية، كما يقول معارضون.

ومطار أبو الظهور، يقع على بعد 50 كم شرق إدلب وهو من أهم المطارات في المنطقة الشمالية، ويضم 20 حظيرة إسمنتية، وتركن فيه طائرات «ميغ 23» و«سوخوي 25» و«ميغ 25» ولديه مدرجان أساسيان، وباستطاعته تقديم الدعم اللوجيستي لطائرات الكبيرة العسكرية وطول المدرج 3 كم.

وفي الشرق، خسر النظام معظم مقراته العسكرية مع تقدم تنظيم داعش في المنطقة، لكنه تمكن من صد هجمات واسعة شنها التنظيم مطلع هذا العام وأواخر العام الماضي، استهدفت مطار دير الزور العسكري الذي يعتبر حامية للمدينة.

وبعد فقدانه السيطرة على مقرات عسكرية ضخمة، يبقى المطار المقر الوحيد للنظام في المحافظة، ويحوي 4 حظائر وقوة جوية ضاربة تتألف من طائرات «ميغ 21» و«ميغ 23»، ويضم مدرجين بطول 3.1 كم ويحتوي على دفاعات جوية فعالة من «سام 2» و«سام 4» ويبعد عن دير الزور 5 كم جنوب شرق المدينة.

وفي حماه، يتضاعف نفوذ القوات الحكومية السورية، بدءا من المدينة التي تتضمن مطارا عسكريا وقاعدتين عسكريتين بمحيطها، وأخرى في جنوبها الغربي. ويحتوي مطار حماه على 17 حظيرة إسمنتية ويتضمن طائرات «ميغ 21» وطائرات «مي 8» و«مي 24» وبإمكانه تقديم الدعم المدني واستقبال طائرات مدنية وطول المدرج 2.8 كم ويبعد عن مركز مدينة 3 كلم. ويقع غرب المدينة.

الشرق الاوسط