السعودية ردا على ‘التودد’ الإيراني: لا حوار مع رعاة الإرهاب

السعودية ردا على ‘التودد’ الإيراني: لا حوار مع رعاة الإرهاب

الرياض – قطعت المملكة العربية السعودية الطريق على ما أسماه مراقبون بـ”حملة التودّد الإيراني لبلدان الخليج” التي تخوضها طهران بشكل مكثّف منذ ظهور بوادر على تنسيق كبير بين تلك البلدان والإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب لمواجهة التمدّد الإيراني في المنطقة.

وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الأحد، متحدّثا من ميونخ الألمانية حيث مثّل بلاده في مؤتمر الأمن، إنّ إيران تظلّ “الراعي الرئيسي المنفرد للإرهاب في العالم.. وهي مصرّة على قلب النظام في الشرق الأوسط”، مضيفا “ما لم تغير إيران سلوكها سيكون من الصعب جدا التعاون مع دولة مثل هذه”.

وردّ الجبير بذلك على الدعوات إلى الحوار التي كثّفت إيران توجيهها لجيرانها الخليجيين بشكل ملحوظ في ظل المتغيرات الكثيرة التي لا تبدو في مصلحة طهران سواء في المشهد السياسي الإقليمي والدولي، أو في المشهد العسكري بساحات الحرب في المنطقة حيث يقاتل وكلاء نيابة عن إيران.

وتتجلى أوضح ملامح الهزيمة الإيرانية في اليمن حيث يتراجع المتمرّدون الحوثيون الموالون لطهران أمام ضربات التحالف العربي بقيادة السعودية والداعم للقوات الحكومية. وحيث خسر المتمرّدون مناطق شديدة الحيوية على الساحل الغربي اليمني الشريان الرئيسي لإمدادهم بالسلاح الإيراني.

وتريد إيران من خلال دعواتها للحوار امتصاص حماس دول الخليج للتعاون مع قوى إقليمية ودولية لتأسيس تحالف قوي ضدّها من جهة. كما تريد من جهة ثانية الظهور بمظهر القوة الساعية للسلام والحريصة على الاستقرار مع تواتر الاتهامات الموجّهة لها برعاية الإرهاب وتأجيج النزاعات. وقال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف للمندوبين في مؤتمر ميونخ الأمني “لدينا ما يكفي من المشكلات في هذه المنطقة لذا نريد بدء حوار مع دول نعتبرها أخوة في الإسلام”.

وتدرك بلدان الخليج من خلال طول معايشتها للسياسات الإيرانية على مدار ما يقارب الأربعة عقود أن دعوات الحوار تلك ليست سوى خطوات تكتيكية تظلّ حبيسة الخطابين السياسي والإعلامي دون خطوات عملية على الأرض تساعد على بناء الثقة.

وتجد بلدان الخليج في مواقف الإدارة الأميركية الجديدة الصارمة تجاه إيران، سندا قويا في مواجهة السياسات الإيرانية في المنطقة.

وعبّر الجبير عن تفاؤل الرياض بشأن تعاونها مع واشنطن، واصفا الرئيس ترامب بأنه براغماتي ورجل أعمال وليس أيديولوجيا ويريد أن يكون لبلاده دور على الساحة العالمية.

ملامح هزيمة عسكرية إيرانية في اليمن حيث يتراجع المتمردون الحوثيون الموالون لطهران أمام ضربات التحالف العربي

وقال “عندما تنأى أميركا بنفسها تخلق خطرا كبيرا”، مضيفا أن بلاده وإدارة ترامب لديهما الكثير من الأهداف المشتركة، ومن بينها محاربة تنظيم داعش واحتواء إيران.

ويمثّل الوفاق الأميركي الخليجي مبعث قلق كبير لطهران التي تخشى العزلة. وتجلّى ذلك الوفاق في وتيرة التواصل الكثيف بين أركان إدارة ترامب وقادة بلدان الخليج وكبار مسؤوليها.

وزار وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس السبت دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، وبحث معه “مجمل القضايا الإقليمية والدولية والتطورات الراهنة في المنطقة خاصة فيما يتعلق بالجهود والتنسيق المشترك بين البلدين في محاربة التطرف والعنف والتنظيمات الإرهابية ودور البلدين في إرساء دعائم الأمن والاستقرار والتصدي لمصادر التهديدات التي تقوض السلام”.

وقياسا بقصر الفترة التي قضاها ترامب في الحكم إلى حدّ الآن، فإن وتيرة تواصل إدارته مع بلدان الخليج تبدو كثيفة جدّا ما يوحي بأن هذه الإدارة مرّت إلى السرعة القصوى لتدارك أخطاء الإدارة السابقة بقيادة باراك أوباما، والتي كادت تكلّف الولايات المتحدة خسارة تحالف استراتيجي مع بلدان الخليج، فيما أطلقت يد إيران لتعيث في محيطها.

وأكّد خبراء أميركيون هذا المنحى في مؤتمر نظّمه معهد هدسون للأبحاث الاستراتيجية في العاصمة واشنطن خلصوا فيه إلى أنَّ الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب بصدد العودة بقوّة لحلفائها التقليديين في الشرق الأوسط، الأمر الذي سيحد من دور إيران في المنطقة، بعد أن كانت خلال فترة الرئيس السابق باراك أوباما قد أوجدت لنفسها مساحة كبيرة في بعض البلدان كاليمن وسوريا إلا أنها لن تكون كذلك في ظل الإدارة الجديدة.

ودخلت إيران في ما يشبه السباق ضدّ الساعة لإحباط الخطوات الخليجية الأميركية المرتقبة ضدّها عبر عرض الحوار بديلا عن المواجهة.

وقام الرئيس الإيراني حسن روحاني الأسبوع الماضي بزيارة إلى كلّ من سلطنة عمان والكويت، حيث حاول التهوين من حجم الخلافات بين طهران وأغلب بلدان مجلس التعاون قائلا إن “العلاقات الطيبة مع الجيران وأمن الخليج هما ركيزة سياسات الجمهورية الإسلامية”.

كما حاول التهوين من الصراع الطائفي في المنطقة والذي أشعلته السياسات الإيرانية خلال السنوات الماضية على نحو غير مسبوق، داعيا إلى الوحدة بين السنّة والشيعة، قائلا إنّهم “تعايشوا بشكل سلمي معا لمئات السنين”.

وقلّل إلى أبعد حدّ من شأن خلافات بلاده مع جيرانها مختزلا إياها في مجرّد “سوء فهم”.

وقال إنّ إيران “لا تريد فرض عقائدها الدينية أو المذهبة أو السياسية على الآخرين ولا بد أن نفكر بالوحدة أكثر من أي وقت آخر ونعمل على سد الفجوة التي أوجدتها القوى الكبرى بين السنّة والشيعة”.

وبالنسبة إلى الخليجيين يظلّ مثل هذا الخطاب مجرّد شعارات تحتاج إلى خطوات عملية من طهران بتغيير سياسة التدخّل في دول الجوار، والتورّط في ملفات عربية ساخنة في اليمن وسوريا والعراق.

وذكّر وزير الخارجية السعودي، الأحد، بأنّ إيران تدعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد التي تعتبرها الرياض وواشنطن فاقدة للشرعية لتورّطها في حرب على شعبها، وبأنّ طهران تموّل الانفصاليين الحوثيين في اليمن وجماعات العنف في أنحاء المنطقة، داعيا المجتمع الدولي إلى وضع خطوط حمراء واضحة لوقف تصرفات إيران.

العرب اللندنية