النظام السوري يصعد حملته لفرض التهجير

النظام السوري يصعد حملته لفرض التهجير

“إنه الموت أو التهجير“، قالها النظام السوري في داريا والتل وقدسيا والهامة والمعضمية وغيرها، وهجّر آلاف السكان في مسعى منه لفرض ما يسميه “المصالحة” بالقوة على آخر معاقل مقاتلي المعارضة شرق دمشق.

فمنذ السبت الفائت، تشهد أحياء برزة والقابون وتشرين -التي تسيطر عليها فصائل المعارضة- شرق العاصمة السورية دمشق، حملة عسكرية هي الأعنف منذ سنوات.

ولم يكترث النظام السوري بالهدنة التي عقدت في هذه الأحياء مطلع العام 2014، ولا حتى بالهدنة التي يفترض بأن البلاد تعيشها منذ نهاية العام الفائت؛ فأمطر أحياء سكنية يقطنها عشرات آلاف المدنيين بالصواريخ والقذائف التي لا تميز بين مدني ومسلح، أو بين طفل وبالغ.

وفعليا، بدأت هذه الحملة العسكرية أوائل فبراير/شباط الحالي بإنذار روسي، حيث شنت مقاتلات روسية أربع غارات جوية على حي القابون وألقت صواريخ موجهة شديدة التدمير، مما أدى إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى ودمار عدد من المنشآت المدنية، منها مخبز ومعمل أحذية ومزرعة لإنتاج الحليب تشرف عليها “مجموعة الحياة” العاملة في الحي.

وفهم مقاتلو المعارضة الإنذار، فإما القبول بشروط النظام والرحيل إلى إدلب شمال البلاد أسوة بمن سبقوهم خلال الأشهر المنصرمة، أو انتظار الموت اليومي من أعنف الأسلحة وأشدها دمارا وفتكا.

وبحسب الناشط الإعلامي عدي عودة، أعقب تلك الغارات تفاوض بين المعارضة والنظام الذي طالب بتسليم كامل السلاح الثقيل وخروج كافة المقاتلين من المنطقة، مما اعتبره الأخيرون شروطا غير مقبولة بالنسبة إليهم.

وعقب رفض المعارضة بنود “المصالحة” المطروحة وإصرار مقاتليها على البقاء في أرضهم ومنازلهم، أخذ قناصة النظام المنتشرين على أطراف المنطقة باستهداف كل ما يتحرك داخلها، سواء كان رجلا أم امرأة، عجوزا أم طفلا؛ لتسجل 15 إصابة برصاص القناصة تراوحت بين البسيطة والخطيرة.

أما يوما السبت والأحد الفائتان فكانا الأعنف والأشد ضراوة، حيث استيقظ السكان على وقع صواريخ أرض أرض وقذائف الهاون والمدفعية، والتي حصدت أرواح العشرات وأوقعت ما لا يقل عن مئة جريح. وشهد يوم أمس الاثنين غارة جوية على شارع الحافظ في حي برزة وقع ضحيتها العشرات بين قتلى وجرحى.

وأكد عودة للجزيرة نت نزوح مئات العائلات إلى غوطة دمشق الشرقية التي باتت أكثر أمانا من الأحياء المستهدفة، خاصة مع منع النظام السوري خروج سكان تلك المنطقة إلى أحياء العاصمة دمشق، والسماح فقط للطلاب والموظفين بالمغادرة.

وأشار الناشط الإعلامي إلى أن المفاوضات لا تزال مستمرة، حيث تسعى فصائل المعارضة للوصول إلى حالة من وقف إطلاق النار ورفض التهجير من المنطقة.

وفي انتظار نتائج تلك المفاوضات، تعيش عائلة سميرة حالة من الترقب، بعد أن منعها النظام أمس الاثنين من الخروج من حي برزة مع أطفالها الثلاثة للجوء لمنزل أحد أقربائها في حي ركن الدين شمال دمشق، هربا من الموت.

وتأمل المرأة الأربعينية -في حديثها للجزيرة نت- بأن تحمل الأيام القادمة أنباء أفضل لأسرتها ومئات العائلات التي تنتظر سلاما يمحو من ذاكرتها هذه الأيام الدامية، على حد تعبيرها.

سلافة جبور

الجزيرة