الرئيس العراقي يحاول فك اشتباك الفرقاء المتصارعين على السلطة

الرئيس العراقي يحاول فك اشتباك الفرقاء المتصارعين على السلطة


بغداد – كشف المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية العراقية عن إرسال المستشارية القانونية التابعة للرئاسة مسودة مشروع قانون جديد للانتخابات النيابية، إلى مجلس النواب لمناقشتها تمهيدا لإقرارها.

وجاءت الخطوة في محاولة من طاقم الرئيس فؤاد معصوم لفكّ الاشتباك الذي فجّره زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر داخل العائلة السياسية الشيعية بمطالبته بتغيير القانون الانتخابي وإعادة تشكيل المفوضية المشرفة على تنظيم الانتخابات، وقيادته مظاهرات عارمة في العاصمة بغداد وعدد من كبريات مدن الجنوب لتمرير مطالبه.

وجاء ذلك في إطار صراع على السلطة بدأ يزداد شراسة مع تقدّم الحرب ضدّ داعش في العراق، ويُؤمّل أن يدخل البلد بعدها مرحلة جديدة بترتيبات سياسية يفترض أن تكون مختلفة عن تلك التي أفضت إلى الوضع الحالي.

ويأمل الصدر في الفوز بموقع أهم في قيادة البلد مستقبلا، فيما يخشى أن يؤدّي الحفاظ على قانون ومفوضية الانتخابات الحالية إلى إعادة ذات الوجوه إلى سدّة الحكم.

ويأتي على رأس المستهدفين بشكل مباشر بالحراك الصدري رئيس الوزراء السابق نوري المالكي المتهم باستخدام مفوضية الانتخابات في الحصول على أصوات الناخبين بطرق غير مشروعة.

وتخشى أطراف شريكة في حكم العراق تطوّر الصراع الشيعي-الشيعي إلى درجة تقويض العملية السياسية التي تستفيد منها تلك الأطراف. ويحاول الرئيس العراقي فؤاد معصوم استخدام صورته كطرف محايد في معركة الفرقاء الشيعة على السلطة لتهدئة الصراع باقتراحه قانونا جديدا للانتخابات.

وأوضح المكتب الإعلامي للرئاسة أنّ مسودة القانون الجديد “تم إعدادها على ضوء التوجيهات المباشرة والمتواصلة لرئيس الجمهورية وعدد من المختصين القانونيين وخبراء الانتخابات في الرئاسة وبعد الاستماع إلى رأي عدد مهم من القوى السياسية والكتل البرلمانية المعنية”، مشيرا إلى أن المشروع المقترح سعى إلى الموازنة بين مختلف المطالب والمستلزمات بما يعبر عن المصالح المشتركة.

أطراف شريكة في حكم العراق تخشى تطور الصراع إلى درجة تقويض العملية السياسية التي تستفيد منها تلك الأطراف

ومما تنص عليه مسودة القانون المقترح أن يناط برئيس الجمهورية تحديد موعد الانتخابات بعد التنسيق مع مجلس الوزراء والمفوضية قبل موعد الاقتراع بمدة لا تقل عن تسعين يوما.

كما تقدّم جملة من الشروط الإضافية يجب توفّرها في المرشح لعضوية مجلس النواب من بينها أن لا يقل عمر المرشح عن خمس وعشرين سنة عند الترشيح وأن يكون حاصلا على الشهادة الإعدادية أو ما يعادلها على الأقل، وغير محكوم بجريمة مخلة بالشرف بحكم قضائي باتّ، وأن لا يكون منتميا إلى أفراد القوات المسلحة، أو المؤسسات الأمنية كافة عند ترشحه.

وفيما نص مشروع القانون على أن تُوزع الدوائر الانتخابية على أساس دائرة انتخابية لكل محافظة، نص على أن يتألف مجلس النواب من 328 مقعدا، منها 318 للمحافظات وفقا لحدودها الإدارية فيما تذهب المقاعد العشرة المتبقية بوصفها “كوتا” للمكوّنات، ستة منها للمكون المسيحي بمعدل مقعد واحد لمحافظات نينوى وأربيل ودهوك وكركوك، ومقعدان لبغداد أحدهما للأرمن، ومقعد واحد لكل من المكونين الإيزيدي والشبكي في نينوى، وواحد للمكون الصابئي المندائي في بغداد وواحد للأكراد الفيليين في العاصمة.

وبالنسبة إلى توزيع المقاعد على الكيانات المتنافسة يقترح مشروع القانون اعتماد النظام المختلط حيث نص على أن تُوزع نصف المقاعد في الدائرة الانتخابية وفق آلية يُعاد فيها ترتيب تسلسل المرشحين جميعهم في القوائم كلها، تأسيسا على عدد الأصوات التي حصل عليها كل منهم، ويكون الفائز الأول مَنْ يحصل على أعلى الأصوات في جميع القوائم في المحافظة ضمن الدائرة الانتخابية الواحدة بصرف النظر عن القائمة، وهذا ينطبق على بقية المرشحين.

أما نصف المقاعد المتبقية، فتوزع على القوائم حسب المجموع الكلي للأصوات التي حصلت عليها كل قائمة، في الدائرة الانتخابية الواحدة وفقا لنظام سانت ليغو المعدّل.

كما ينص مشروع القانون على أن لا يقل عدد النساء عن خمسة وعشرين بالمئة من مجموع المرشحين في القائمة، وفرض مراعاة ضمان حصول المرأة على النسبة ذاتها من عدد المقاعد بمجلس النواب.

وتعليقا على المقترح قال فادي الشمري القيادي في كتلة المواطن بزعامة عمار الحكيم “إنّ القانون الذي أرسلته رئاسة الجمهورية أنصف المستقلين والشخصيات القوية بشكل جيد ولعله أعطى فرصة استثنائية قد لا تتكرر”.

وقال الباحث والأكاديمي يحيى الكبيسي إنّ “تمرير قانون الانتخابات بصيغته المقترحة سيخلق مشاكل حقيقية أكثر من القانون الحالي، فلا بديل عن نظام التمثيل النسبي القائم، مع إمكانية تحسينه”.

ويستبعد متابعون للشأن العراقي، أن يؤدّي مجرّد إقرار قانون جديد للانتخابات في العراق، مهما كانت درجة إحكامه وتطوّره، إلى إصلاح الشأن السياسي في البلد ونزع فتيل الصراعات المستمرّة على السلطة والتي هي من جوهر نظام المحاصصة الحزبية والعرقية والطائفية.

ولا تخلو الساحة العراقية من أصوات مطالبة بتغيير جذري لنظام الحكم في البلد وإنهاء تجربة حكم الأحزاب الدينية وما خلّفته من نتائج كارثية على كلّ المستويات قد عصفت بكيان الدولة.

العرب اللندنية