الغرب يصوب علاقته مع مصر بعد سنوات من الفتور

الغرب يصوب علاقته مع مصر بعد سنوات من الفتور


القاهرة – تتواتر في الفترة الأخيرة زيارات المسؤولين الغربيين إلى القاهرة وآخرهم قائد القيادة المركزية الأميركية، الفريق أول جوزيف فوتيل، في مؤشر واضح على تحول إيجابي في التعاطي مع النظام المصري الحالي.

وكان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، قد قام السبت، بزيارة إلى القاهرة وصفها بـ“الإيجابية”.

وبدأت رياح التغيير في العلاقة بين القاهرة والغرب، مع وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة في الولايات المتحدة، وتغير الأولويات على الصعيد الدولي والإقليمي، حيث تأخذ الحرب على الإرهاب زخما أكبر من السابق.

وعقب لقائه مع الفريق أول جوزيف فوتيل، في قصر الاتحادية، دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الأحد، إلى ضرورة التوصل لاستيراتيجية مشتركة بين مختلف دول العالم لمواجهة الإرهاب.

وأكد المسؤول الأميركي خلال اللقاء حرصه على التنسيق مع المسؤولين المصريين، وأهمية الدور المحوري والرئيسي لمصر في المنطقة، وإلى رغبة الولايات المتحدة في تعزيز علاقاتها الاستراتيجية معها.

وأضاف فوتيل أن “مهمة القيادة المركزية الأميركية هي التعاون مع الحلفاء والشركاء لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي”.

وبحكم موقعها الجيوسياسي المؤثر ودورها التاريخي تبدي الإدارة الأميركية الجديدة اهتماما كبيرا بمصر، وما يمكن أن تلعبه من أدوار متقدمة سواء في الحرب على الإرهاب، وأيضا في ما يتعلق بالنزاعات التي تعصف بالمنطقة.

ووصل فوتيل إلى القاهرة الأحد، في زيارة غير معلنة وغير محددة المدة. وكانت آخر زيارة قام بها المسؤول الأميركي إلى مصر في أغسطس 2016
محمد مجاهد الزيات: التقارب مع واشنطن لن يكون بالضرورة له تأثير على العلاقات المصرية- الروسية.

وبالتزامن مع زيارة المسؤول الأميركي، توجه وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى واشنطن، في زيارة هي الثانية له خلال 3 أشهر.

وأكدت مصادر دبلوماسية أن الزيارة تأتي في إطار التجهيز لزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى واشنطن في أوائل مارس المقبل، كثاني زعيم عربي يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.

وتسعى القاهرة إلى استثمار الموجة الإيجابية التي أبدتها الإدارة الأميركية الجديدة تجاهها والنقاط المشتركة الكثيرة التي تجمعهما، لتعزيز التعاون معها على أكثر من صعيد، والعودة إلى صدارة المشهد الإقليمي، بعد تراجع مرده أسباب داخلية وخارجية منها ما هو مرتبط بإدارة باراك أوباما السابقة.

ومعلوم أن العلاقة بين النظام المصري وواشنطن شابها الكثير من الفتور، خلال فترة أوباما، بسبب العديد من الملفات وعلى رأسها ملف جماعة الإخوان والتيار الإسلامي عموما.

وهذا الملف بات اليوم يشكل إحدى النقاط المشتركة بين القاهرة وساكن البيت الأبيض الجديد الذي لا يخفي عداءه للتيارات الإسلامية ومنها الإخوان، حيث يتجه إلى تصنيفهم ضمن التنظيمات الإرهابية.

وتنسحب الموجة الإيجابية بين القاهرة وواشنطن، على العلاقة بين مصر وباقي القوى الغربية وعلى رأسها بريطانيا، التي نحت في السابق إلى جانب إدارة أوباما، واليوم على ما يبدو خيرت تصويب مسار العلاقة مع القاهرة.

ويقول مراقبون إنه لا يمكن ربط الانفتاح الأوروبي المستجد على القاهرة فقط بتغير الموقف الأميركي، فالدول الأوروبية في حاجة أكيدة اليوم إلى القاهرة سواء على صعيد الملف الليبي حيث تلعب الأخيرة فيه دورا حيويا، وأيضا في مسألة الهجرة غير الشرعية التي أصبحت أحد مصادر القلق الأوروبي، فضلا عن مكافحة الإرهاب في المنطقة.

واستقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، السبت، بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني، الذي كشف عن تقديم بلاده ثلاث حزم جديدة من الدعم إلى القاهرة، تركزت على الاقتصاد والتعليم وريادة الأعمال، بينها قرض بقيمة 150 مليون دولار.

وتزور المستشارة الألمانية أنجييلا ميركل، القاهرة، الخميس المقبل، حيث تلتقي الرئيس السيسي، لبحث تعزيز العلاقات الثنائية.

وتخوض ميركل هذا العام تحديا انتخابيا مهما، وتخشى أن يؤثر ملف المهاجرين على فرص نجاحها لولاية رابعة، وهي ترنو إلى دعم مصري في هذا الملف خاصة.

الحرارة الظاهرة في العلاقات المصرية الغربية، بقدر ما تعكس توجها لمنح القاهرة هامشا أكبر للحركة في الملفات الإقليمية خلال الفترة المقبلة، بقدر ما تطرح تساؤلات عن مآلات العلاقة بينها وموسكو.

وفي هذا الإطار يقول وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق ومدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط اللواء محمد مجاهد الزيات، لـ“العرب” إن التقارب المصري الأميركي لن يكون بالضرورة له تأثير لافت على العلاقات المصرية- الروسية، على أساس أن واشنطن وموسكو تجمعهما رؤية مشتركة في ملفات كانت محل خلاف في السابق.

ويضرب الزيات مثلا برؤية الإدارة الأميركية للملف السوري، حيث يبدو ترامب مهتما بمحاربة الإرهاب أكثر منه بتغيير النظام، ما يطرح أرضية مشتركة بين مصر وروسيا والولايات المتحدة، تضاف إلى بعض القواسم المشتركة مع أوروبا.

واستبعد عبدالمنعم المشاط أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في تصريحات لـ“العرب” أن تتأثر جوهريا علاقات مصر بروسيا، انطلاقا من أن العالم يتجه إلى نظام دولي جديد، ومن ثم ينبغي أن تكون العلاقات المصرية الخارجية متنوعة وليست محصورة في اتجاه واحد، كما أن الدول الإقليمية المركزية عليها أن تحافظ على التوازن بين الدول الكبرى والتجمعات الإقليمية.

واستشهد بوضع الدولة التركية التي على الرغم من عضويتها في حلف الناتو، إلا أن هذا لم يمنعها من التفاهم مع كل من روسيا وإيران.

العرب اللندنية