عبث استخدام البصمة الوراثية لتتبع القطن المصري ‘المفقود’

عبث استخدام البصمة الوراثية لتتبع القطن المصري ‘المفقود’


تفاقمت الأزمات والانتقادات الموجهة لجمعية قطن مصر بعد الفضائح المتلاحقة بشأن استخدام شعار “قطن مصري” وأكد خبراء لـ“العرب” أنها تهدد بضياع البصمة الوراثية ورصيد ذلك الشعار العريق، منذ بيع حق استخدامه لشركة ولسبن الهندية بداية فبراير الجاري.

وتفجرت العام الماضي فضيحة كبيرة طالت الشركة الهندية، بعدما أظهرت تحقيقات أميركية أنها باعت لشركات تجزئة كبرى منتجات قطنية، كتب عليها زورا أنها مصنوعة من القطن المصري الممتاز.

واستنكر مفرح البلتاجي عضو مجلس إدارة اتحاد مصدري الأقطان مشاركة وزير التجارة والصناعة المصري طارق قابيل في الاتفاق مع الشركة الهندية، والذي جاء تحت شعار الترويج للقطن المصري عالميا، حيث تعد الهند من أكبر المنافسين لمصر في أسعار القطن والغزل.

وأكد لـ“العرب” غياب أي سياسة واضحة لصناعة القطن في مصر. وطالب بوضع برنامج للنهوض بها يبدأ من زراعة القطن وتسويقه وتصديره مرورا بمراحل الغزل والنسيج.
مفرح البلتاجي: لا توجد سياسة زراعية أو تصنيعية والمسؤولون يعملون في جزر منعزلة

وقال البلتاجي إن الجهات المسؤولة عنه تعمل في جزر منعزلة، سواء على صعيد وزارتي التجارة والزراعة أو معهد البحوث الزراعية وصولا إلى التجار وشركات الغزل والنسيج. وأشار إلى أن تصدير أي كمية من القطن المصري طويل التيلة، يتيح استيراد ضعفها من القطن قصير التيلة.

وتشير تقديرات وزارة الزراعة الأميركية إلى أن مصر سوف تنتج في موسم 2016 – 2017 الحالي نحو 160 ألف بالة زنة 480 رطلا من القطن، مقارنة بنحو 1.4 مليون بالة قبل 12 عاما، أي بانخفاض يصل إلى 89 بالمئة. وأصبح إنتاجها يعادل أقل من 0.2 بالمئة من مجمل الإنتاج العالمي المتوقع، والذي يصل لنحو 27 مليون طن.

وكانت أسهم الشركة الهندية قد خسرت في أعقاب الفضيحة نحو 42 بالمئة من قيمتها، بعد إعلان شركة “تارغت” الأميركية أنها ستقطع علاقاتها مع الشركة واتهمتها باستخدام أنواع رخيصة من القطن غير المصري في منسوجاتها.

ودافع وائل علما رئيس جمعية قطن مصر عن الاتفاق مع الشركة الهندية قائلا إن هدف منح الشركات العالمية شهادة حق استخدام شعار “قطن مصري” هو الحفاظ على سمعة هذا المنتج الذي توارثناه على مرّ التاريخ.

وأوضح لـ“العرب” أنه بموجب تلك الشهادة تقوم الجمعية باختبارات دورية على الشركات للتأكد من استخدامها للقطن المصري في منتجاتها.

وكشف مصدر مطلع في اتحاد مصدري الأقطان المصرية لـ“العرب” أن الاتحاد هو المعني بمنح هذه الشهادة، وأنه سبق أن منح جمعية قطن مصر حق التصرف بالشعار في اتفاق مدته عشر سنوات تنتهي العام الحالي.

وأوضح أنه بعد اتفاق “ولسبن” سوف يصوت بعدم تجديد الاتفاق الجمعية مرة أخرى، لأنها باعت للشركة الهندية حق استخدام شعار “قطن مصري” قبل انتهاء أجل الاتفاق بوقت قصير.

ورغم الحالة السيئة التي وصل إليها القطن المصري طويل التيلة، إلا أنه لا يزال يلقى تقديرا عاليا، لأن أليافه أطول من كافة الأنواع الأخرى، الأمر الذي يتيح إنتاج منسوجات أعلى جودة وأخف وزنا وأطول عمرا وصناعة ملابس راقية وأكثر نعومة.
وائل علما: نقوم باختبارات دورية على الشركات للتأكد من استخدامها القطن المصري

ويمثل القطن طويل التيلة 4 بالمئة فقط من الإنتاج العالمي، وتستأثر أميركا بإنتاج 90 بالمئة منه، لكن إنتاجها لا يصل إلى جودة القطن المصري بسبب طبيعة الأرض والطقس، أما نسبة 10 بالمئة المتبقية فإنها تأتي من البرازيل والهند والصين ومصر والسودان.

وكانت مصر تزرع نحو مليوني فدان قطن حتى نهاية الثمانينات، وأخذت في التراجع حتى بلغت المساحة حاليا نحو 120 ألف فدان فقط في 2016. ومن المتوقع أن تصل صادرات مصر خلال الموسم الحالي الذي بدأ في سبتمبر 2016 وينتهي في 31 أغسطس المقبل، إلى نحو 650 ألف قنطار فقط.

وبلغ إجمالي كمية المستهلك من الأقطان المحلية نحو 107 آلاف قنطار متري خلال الربع الأخير من العام الماضي، مقابل 113 ألف قنطار متري لنفس الفترة من الموسم السابق بانخفاض قدره 5.3 بالمئة نتيجة توقف بعض مصانع الغزل والنسيج عن الإنتاج.

وقال سرور الصباحي عضو شعبة الملابس باتحاد الغرف التجارية، إن مصانع الغزل والنسيج المصرية تعاني من نقص شديد في خام القطن. وأكد أن السوق تحتاج إلى زراعة ما لا يقل عن مليون فدان.

وأضاف لـ“العرب” أن النقص الشديد في توفر القطن تسبب في خفض الطاقة الإنتاجية للمصانع إلى 25 بالمئة والتحول إلى استيراد الغزول من الهند وباكستان وأوزبكستان بأسعار مرتفعة بعد تحرير سعر صرف العملة المصرية.

وحرر البنك المركزي المصري سعر العملة في 3 نوفمبر الماضي وترتب عليه تخفيض قيمة الجنيه بأكثر من 100 بالمئة أمام جميع العملات. وانعكس ذلك في ارتفاع أسعار الغزول المستوردة بنحو 60 بالمئة منذ ذلك الحين.

العرب اللندنية