زيارة الجبير: الدلالات والمعطيات

زيارة الجبير: الدلالات والمعطيات

العبادي-الجبير

فاجأت الدبلوماسية السعودية جميع الأوساط السياسية العربية والإقليمية بزيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير للعراق في 25 شباط 2017 كونها تشكل تطورا واضحا في مستقبل العلاقات العراقية-السعودية وانعطافا مهما واضحا في مستقبل العلاقات العربية-العربية ضمن مخاض جديد تعيشه الأمة العربية وما يحيط به من أخطار وتحديات تهدد وحدة وسلامة أراضيها ومستقبل أجيالها .
جاءت الزيارة لترسم معالم علاقات جديدة وواقع على الجميع أن يتعامل معه بكل دراية ومعرفة لطبيعة السياسة السعودية في المنطقة وأهدافها وسعيها لدعم واسناد وتمتين البيت العربي ضد الأطماع والنفوذ الإيراني الذي يشكل عقبة كبيرة في تطور وانبعاث الآمة العربية والحفاظ عليها يوازيه في الفعل والإسناد ما يقوم به الكيان الصهيوني من مشاريع وأهداف استيطانية تستهدف الشعب الفلسطيني في أرضه ووحدته والنيل من الأمة العربية واضعافها والعمل بشكل حثيث لتفتيتها والسيطرة عليها .
ولنا أن نرى في زيارة الجبير الكثير من المعاني والدلائل التي يمكن لنا استنتاجها وملاحظتها وكما يلي :
1.جاءت الزيارة في توقيت مهم وحساس تشهد فيه العلاقات العراقية-السعودية أزمة كبيرة تعالت فيها التصريحات والمناكفات السياسية المتبادلة واتسمت بالتصعيد الذي سعت اليه الحكومات السابقة وتحديدا حكومة المالكي التي لم تكن ترغب في تعزيز الدور العربي للعراق والانفتاح على الأقطار العربية .
2.نظرة القيادة السعودية للعراق كونه بلدا مهما وجارا عزيزا يشكل عمقا استراتيجيا لأبناء الشعب العربي وبوابة منيعة لمواجهة المد والنفوذ الإيراني وهي في خطوتها هذه انما تؤكد حقيقة عروبة العراق والعمل على عودته لمحيطه العربي والتعامل الجاد مع جميع قضايا الأمة العربية بما يحقق التكامل المنشود في تعزيز الدور الريادي للعراق عربيا واسلاميا.
3.أكدت هذه الزيارة صفتين متميزتين تتمتع بهما القيادة السعودية وهي الحكمة والعقلانية وتفهمها للواقع العربي وما يجري في العراق وما يحيط به من أخطار جسام وما يعيشه أبناوه من تمزق وتشرذم بسبب الغزو الامريكي ونتائجه والنفوذ الإيراني وسيطرته .
4.العمل على تطويق النفوذ الايراني في العراق ومحاولة تنبيه المسؤولين في بغداد للخطر المحدق بالعراق جراء السياسات العدوانية لايران ومحاصرة المشروع الايراني في العراق وسورية ولبنان واليمن والبحرين واينما امتدت الأذرع الإيرانية .
5.أهمية التنسيق الأمني الاستراتيجي بين بغداد والرياض في مواجهة الإرهاب الذي يعصف بالمنطقة العربية والشرق الأوسط والمملكة العربية السعودية حريصة على مفاتحة العراق بخصوص وجود أعدادا من الميليشيات المسلحة المرتبطة بايران والقريبة من الحدود العراقية-السعودية وتحديدا في منطقة النخيب والتي تشكل تهديدا لأمن المملكة وتعزز الهدف الاستراتيجي الأمني التوسعي لايران والمليشيات التابعة لها وايقاف التصريحات التي تصدر من قبل بعض قيادات المليشيات التي تدعو لمواجهة السعودية أو التمدد داخل أراضيها .
6.هناك العديد من القضايا الأمنية التي حققت بها الأجهزة الأمنية والاستخباراتية العراقية وأدت الى اعتقال العديد من المواطنين السعوديين وحكم القضاء العراقي عليهم بأحكام مختلفة ومازالوا في السجون العراقية وتطالب بهم السلطات السعودية وبارسالهم اليها ،وهذا الملف من الملفات الساخنة في العلاقات بين البلدين .
7.تأكيد السعودية أنها على مسافة واحدة من جميع العراقيين وهذا يعمق الرؤية العربية الصحيحة للعراق الواحد بعيدا عن الطائفية السياسية التي رسخها الغزو الأمريكي للعراق وما نتج عنه من حكومات متعاقبة والابتعاد عن المحاور والسياسات الخاطئة التي أضعفت العراق وأبعدته عن أشقائه العرب .
8.مخاطبة وزير الخارجية السعودي الجميع بأنني أتحدث من بغداد العروبة أي انه يؤكد أصالة وانتماء هذا البلد العربي الأصيل صاحب الحضارات التاريخية التي حكمت العالم وان جميع الأيادي والأذرع والمشاريع التي تحاول النيل من عروبة العراق ستفشل ومصيرها الهلاك .
9.تعميق أواصر العلاقات الاقتصادية بين بغداد والرياض بفتح معابر جديدة واحياء القديمة منها لتحريك عجلة الاعمار والبناء في العراق وتطوير عملية الاستثمار المالي فيه ودعم الاقتصاد العراقي في مواجهة التحديات بما ينعكس ايجابيا على وضع ابناء الشعب العراقي وعودتهم لممارسة دورهم في حياة حرة كريمة .
10.المساهمة في تعمير المناطق والمحافظات التي تضررت من العمليات العسكرية والمواجهات المسلحة التي جرت على أراضيها واصابة البنى التحتية لها بالخراب والدمار واسعاف جميع المتطلبات التي من شأنها أن تعيد الحياة لهذه المناطق وتؤمن عودة أهاليها لمساكنهم وممتلكاتهم ومزارعهم .
فهل تسعى بغداد للتعامل الجاد مع هذه الزيارة بما يحقق المصالح العليا للشعب العراقي بعيدا عن المهاترات السياسية لبعض الكتل والمسؤولين السياسيين ويعمل العبادي على اتخاذ خطوات جادة في فتح افاق جديدة في العلاقة مع الاشقاء العرب وخاصة المملكة العربية السعودية وتدعيم أهداف هذه الزيارة بزيارة مماثلة واللقاء بالقيادة السعودية ،أم انه سيرضخ للعديد من الآراء والمواقف التي تحد من حركته وتفشل سياساته الداخلية والعربية والاقليمية ؟ هذا ما سنتابعه ونراه في قابل الأيام.

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية