امريكا تسيطر على الاقتصاد العالمي ..بورقة قيمتها 9 سنتات

امريكا تسيطر على الاقتصاد العالمي ..بورقة قيمتها 9 سنتات

 

الاسباب التي جعلت الدولار عملة الاحتياط العالمي ..

الذهب، ملاذ اقتصادي آمن، وتم سك العملة الذهبية لأول مرة قبل حوالي 700 سنة ق.م ، وكان يستخدم الذهب غير المسكوك كـ (مال ) في المعاملات التجارية بعد فحِص وزنه ونقاوته.
و تم استخدام الذهب وحدة نقدية، بعد ان مر بعدة مراحل داخل النظام النقدي العالمي، اذ يلجأ المستثمرون إليه كلما توترت السلع الحيوية والدولار وأسواق العقارات، ويمكن القول ان الذهب حاضر في التاريخ والحضارات بصعودها وانهيارها، وحروبها وإعمارها، وكسب احترامه كوحدة نقدية وتسعير لكل السلع، كما احتفظ بهيبته عنصرا مشتركا في كنوز القدماء، حتى أن الفراعنة أخذوه معهم لحياتهم بعد الموت.
ومر الذهب داخل النظام النقدي العالمي بثلاث مراحل، وهي: نظام القاعدة الذهبية، ونظام قاعدة الصرف بالذهب، ونظام تفرد الدولار وإلغاء قاعدة الذهب.
*قاعدة الذهب : وامتد العمل بها منذ 1881 حتى 1930، اذ تقوم الدولة بسك عملتها من الذهب ( عمله معدنية بوزن محدد من الذهب ) وبأوراق نقدية قابلة للتحويل الى ذهب، وذلك من خلال الغطاء الكامل الذي يحتفظ به البنك المركزي مقابل عملات اصدار النقود الورقية . إلا أنه ما لبث أن انهارت هذه القاعدة بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى؛ بسبب انهيار اقتصاديات بعض الدول.
وتعتمد قاعدة الصرف بالذهب على عدة اسس ومنها: –
*ان تحتفظ الدولة بغطاء كامل من الذهب يساوي بالوزن الكميات المصدرة من العملات الورقية.
*ان يقف البنك المركزي مستعدا لتحويل ما يقدم اليه من عملات ورقية الى ذهب؛ لضمان تامين سعر صرف ثابت .
وفي عام 1931 انهارت قاعدة الذهب، وذلك لعدم كفاية الانتاج او المعروض العالمي ، وسوء توزيع الاحتياطي من الذهب ، وفرض قيود على الحركة التجارة الدولية بهدف حماية منتجاتها وتحسين اوضاعها الاقتصادية مما ادى الى اختلاف الاسعار، وهنا هدم اهم ركن بالعلاقة المحددة او الثابتة بين قيمة العملة كنقد والذهب كسلعة .

نظام اتفاقية بريتون وودز عام 1944:
وبادرت الحكومة الأميركية بتأسيس نظام نقدي دولي اذ دعت 44 دولة للاجتماع في يوليو/تموز 1944 بمدينة بريتون وودز الامريكية للاتفاق على نظام نقدي دولي جديد؛ بغية تأمين الاستقرار والنمو الاقتصادي العالمي. ووضع الأسس العامة لتنظيم الأوضاع النقدية على الصعيد الدولي وتنمية التجارة الخارجية، وحركات رؤوس الأموال، دون النظر إلى ما قد يؤثر هذا سلبا على الدول الأخرى.
وتبعا لذلك أنشئت حينها المؤسسات الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والأمم المتحدة والاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة “غات”) لتدعم التوجه العام السياسي والاقتصادي للاتفاقية.
وكانت بنود اتفاقية بريتون وودز تنص على ان يستعمل الدولار الامريكي غطاء بدل الذهب لإصدار ما تحتاج اليه من عملات وطنية ، وتلتزم الولايات المتحدة الامريكية بتحويل ما يقدم اليها من دولار الى ذهب عند معدل صرف 35 دولارا للأوقية من الذهب لكل من يطلب ذلك من دول العالم .
وتقوم كل دولة من دول العالم بتحديد صرف ثابت لعملتها مقابل الدولار ، وتلتزم بان تحافظ على معدل صرفها ثابتا صعودا ونزولا وفي حالة تغيير ذلك فيجب عليها ان تتشاور مع صندوق النقد الدولي في كيفية تعديل سعر الصرف بالنسبة الى الدولار وشروط ذلك ، واخيرا على دول العالم الالتزام بالاكتتاب على الذهب حتى تتيح لدولة المركز وهي امريكا ان تحتفظ بكميات كافية من الدولار لتغطية اصداراتها من النقود، وبعدها بدأت مرحلة جديدة هي مرحلة “التعويم” التي تعني ترك سعر صرف العملة يتحدد بحرية وفق آلية العرض والطلب في الأسواق.

العوامل التي تؤثر على ارتفاع أو انخفاض أسعار الذهب
هناك عدة عوامل تساعد على ارتفاع أسعار الذهب أو انخفاضها، نذكر منها:
– الطلب على الذهب في الاسواق الاسيوية والصينية ، اذ تشكل الصين والهند اكبر طلب على شراء الذهب اذ كلما زاد الطلب زاد السعر.

– ان سياسة البنوك المركزية تؤثر على اسعار الذهب فاذا ما خفضت البنوك المركزية معدلات الفائدة لجأ المستثمرون الى شراء الذهب وبالعكس .
– الاضطرابات السياسية اذ تؤثر بشكل كبير في اسعار الذهب حيث يلجأ اليها المستثمرون كملاذ امن عند وقوع اضطرابات سياسية.

– العلاقة الطردية التي تربط بين اسعار النفط واسعار الذهب ففي حالة ارتفاع اسعار النفط تتجه اسعار الذهب الى الارتفاع والعكس صحيح .

– هناك علاقة عكسية بين قيمة الدولار الامريكي مع الذهب اذ في حالة ارتفاع سعر الدولار تتراجع اسعار الذهب والعكس صحيح .

إن العلاقة العكسية بين قيمة الدولار والذهب، لا تنطبق على الذهب فقط، وإنما أيضا على السلع التجارية كافة في العالم، فالزيادة في سعر الذهب تعكس الانخفاض في قيمة الدولار ، وهذه العلاقة العكسية بين الدولار والذهب تنبع من حقيقة أن الذهب هو أحد أهم أدوات التحوط ضد مخاطر تغيرات معدل الصرف للعملات، حيث يمكن للمستثمرين والمتعاملين في سوق النقد الأجنبي شراء الذهب لتغطية المخاطر الناتجة من ضعف الدولار.
غير أن قيمة الدولار تتحدد أساسا من خلال معدل صرفه بالعملات الأخرى، ففي الوقت الذي تتراجع فيه قيمة الدولار، فإنه ينخفض بالنسبة للعملات الرئيسة الأخرى في العالم كالين الياباني مثلا ويكمن السر في طرفي العلاقة، فانخفاض الذهب يقابله ارتفاع في سعر الدولار وهي سياسة مارستها الإدارة الأمريكية منذ بداية السبعينيات منذ اتفاق (بيرتون وودز) عام 1944م الذي أسس ربط العملات بالدولار.
وهذا الاضطراب في العلاقة بين قيمة الدولار وسعر الذهب منبعه الأساس هو اتجاهات المضاربة على الذهب في أوقات الأزمة؛ ذلك أن الطلب على الذهب في الوقت الحالي لغرض المضاربة المرتبطة بالمخاطر الاقتصادية في العالم التي تعد العامل الأساسي في الطلب على الذهب في الوقت الحالي
وكذلك اصبح سعر الذهب مؤشرا الى الثقة بالدولار باعتبار ان سعره يسير على خط معاكس للدولار؛ اذ انه كلما ارتفع سعر الذهب تراجعت الثقة بالدولار، وارتفاع مستوى المخاطر في الاستثمار في الاصول المالية التقليدية وفي سندات الدين السيادية شجع ايضا على الاقبال على الذهب ، الذي ارتفع سعره نحو اربعة اضعاف ونصف الضعف خلال عشر سنوات منذ عام 2001 .
ومن اهم الدول المنتجة للذهب
المرتبة الاولى: احتلتها جنوب افريقيا 272.128 كيلوغراما من الذهب فهي تنتج نحو72%، من الانتاج العالمي للذهب
المرتبة الثانية :الصين بلغ انتاجها 247.200 كيلو غراما، وفق الاحصائية وفقا لجمعية الذهب الصينية، ويفضل الصينيون شراء المجوهرات المصنوعة من الذهب الخالص “عيار 24 قيراط”، كما ارتفع الطلب على السبائك الذهبية بنسبة 47% إلى 366 طنا، وتهدف خطط الحكومة الصينية الى زيادة احتياطاتها من الذهب، والتي بلغت مستويات قياسية بحيث اصبحت سادس اكبر مالك للذهب بعد البنوك المركزية، فيما ان عمليات الشراء الفعلية للذهب في اسواق اسيا وبكميات كبيرة وخاصة في الهند والصين زادت من قوة الطلب على الذهب.
المركز الثالث: استراليا اذ بلغ انتاجها 247.000 كيلو غراما وزاد انتاجها عام 2010 &2011 بنسبة 10% للاستفادة من المستويات القياسية المرتفعة التي سجلها المعدن النفيس لتحتفظ البلاد بهذا المركز.
وفي ظل حملة تسويق قوية للمعدن النادر تستهدف استمرارية رفع سعره،
اصبح عدد كبير من المستشارين الماليين العالميين ينصحون باستثمار نسبة لا تقل عن 5% من اجمالي استثماراتهم بالذهب بهدف تنويع العوائد والمخاطر.

وادت اجراءات التيسير الكمي التي تنفذها الولايات المتحدة الامريكية من اجل استمرارية خفض سعر صرف الدولار، وخفض سعر الفائدة، ادت الى اللجوء الى الذهب كحافظ للثروة.
الازمة المالية نتاج النظام الرأسمالي الذي تديره امريكا لخدمتها
الدكتور عبد الحي زلوم الخبير في شؤون البترول عرض لجذور الازمة المالية التي عصفت بالعالم وكان مركزها امريكا، انها نتاج النظام الرأسمالي الذي تديره امريكا لخدمة مصالحها.
لقد مرت امريكا بأزمات مالية عديدة تكاد تكون اسبابها متشابهة بفارق الوقت منذ ازمة 1898 الى 1929 ، وايضا في الستينيات وفي الثمانينيات وكان العامل المشترك بينها هو الحلول دائما خارج امريكا على شكل حروب امتدت من اسبانيا وصولا الى احتلال الفلبين الى العالميتين الاولى والثانية مرورا بحرب فيتنام واخرها حرب الخليج.
ان اهم مرحلتين للتحول في الاقتصاد الامريكي واللتين غذتا جذور الازمة الاولى هما: اتفاقية بريتن وودز التي افرزت صندوق النقد والبنك الدوليين، واتفاقية الجات التي فشلت وتحولت الى منظمة التجارة العالمية.
وهذه العملية تعد اكبر سرقة في تاريخ العالم حيث كان كل 35 دولارا تعادل اونصة ذهب تباع وتشترى على هذا الاساس، وعندها اصبح ثمن اونصة الذهب 350 دولارا بانخفاض قيمة الدولار 9 مرات، بادرت امريكا الى فك ارتباط الدولار بالذهب في عام 1971 اذ أعلن الرئيس الأميركي نيكسون وقف قابلية تبديل الدولار إلى ذهب ورغم ما حقق هذا النظام في أول الأمر نجاحاً ملحوظاً في تحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي والنقدي الدولي.

وادت حرب اكتوبر 1973 بين الدول العربية واسرائيل الى مكاسب اقتصادية لصالح الولايات المتحدة الامريكية اذ ادت الى زيادة أسعار النفط إلى 400% ، وتحقيق الأهداف التالية:
– جعل نفط بحر الشمال ذا قيمة اقتصادية ، تحولت بريطانيا معه إلى دولة منتجة للنفط بكل ما يعنيه ذلك من تحسين ميزان مدفوعاتها الذي كان في وضع حرج، وتوفير مخزون نفطي طبيعي لقوات الناتو ، التي لن تعتمد بعدها على إمدادات نفطية بعيدة المصادر ومعرضة للمخاطر.
– جعل نفط ألاسكا ، عالي التكلفة الإنتاجية ، ذا جدوى اقتصادية ، مما يخفف من واردات النفط الأمريكية ، وينعكس ايجابيا على العجز التجاري الأمريكي، الذي بدأ من بداية السبعينيات نتيجة استيراد النفط.
– وفر للولايات المتحدة مزية تنافسية جديدة باعتبار أن منافسيها الصناعيين الرئيسيين ، اليابان وألمانيا ، أكثر اعتماداً على الواردات النفطية .
– جعل الدولار عملة تسعير النفط ، مما يخلق طلباً اجبارياً على شراء الدولار من الدول المستوردة للبترول ، ومما يسهل طباعة المزيد من الدولارات الورقية بدون غطاء من الذهب .
– ومع إصدار الولايات المتحدة المزيد من الأوراق النقدية ، ستجد هذه الدولارات النفطية طريقها عائدة إلى الخزينة الأمريكية بشكل سندات خزينة أو شراء اسلحة مما اصبحت خارج الخدمة.
– سدادا العجز التجاري الأمريكي.
وقامت الولايات المتحدة سنة 1971 بالغاء التزامها حسب اتفاقية بريتون وودز ( سنة 1944) بأن تطبع الولايات المتحدة من الدولارات حسب كمية الذهب المتوفرة لديها وباحتساب 35دولارا للأونصة وهو التعهد الذي قطعته على نفسها في تلك الاتفاقية لقاء سعر صرف ثابت للدولار، مع باقي العملات العالمية مما اوجد نظاماً مالياً مستقراً لا يسمح للولايات المتحدة بطبع ما تراه هي مناسباً من عملة الدولار والتي اصبحت عملة الاحتياط العالمي .
وبعد تنصل الولايات المتحدة من الالتزامات المترتبة عليها بمبادلة اي كمية من الدولارات مقابل الذهب ستصبح عملتها للدولار، ورقاً سيفقد قيمته لا نه اصبح دونما غطاء لذلك جاءت حرب اكتوبر 1973 التي نتج عنها زيادة الاسعار 400% . وعندما تمّ اجبار العالم كله على شراء النفط لعملة الدولار فقط مما يخلق طلباً اجبارياً على شراء الدولار من الدول المستوردة للبترول ، ومما يسهل طباعة المزيد من الدولارات الورقية دون غطاء من الذهب .

وإذا كان الدولار قد خسر دعم الذهب الاصفر فانه وجد البديل الأفضل في الذهب الأسود(البترول)، وفوق ذلك فإن فرض الدولار عملة تسعير إجباري لشراء النفط ، خلق طلبًا لا ينقطع على العملة الأمريكية ، وهو وضع لم يتغير كثيرًا عبر السنوات.
وفي عام 2013 كانت أسعار النفط تبلغ 100 دولار للبرميل. وإذا كان معدل الاستهلاك العالمي من النفط يصل إلى 90 مليون برميل يوميًا ، فإن الخزينة الأمريكية تطبع حوالي 9 مليارات ورقة دولار يوميًا بتكلفة 5 سنتات لورقة 100 دولار، مغطاة في الأساس من النفط.
والمفجع حقاً هو أن الدول المنتجة للنفط لم تستفد حقيقة من زيادة اسعار النفط الا بالقدر اليسير في ميزانياتها التي اعتمدت اساساً على الاستهلاك والبنية التحتية والعسكرية وما عدا ذلك اي معظمه ذهب لخزائن الولايات المتحدة.
واشار كتاب اليد الخفية للهيمنة الامريكية(The Hidden Hand of American Hegemony:) ديفيد ي سبيرو، دار جامعة كورنل للنشر، اشار الى ان : “النظرية الرأسمالية تدّعي أن أسواق المال تتأقلم أوتوماتيكياً بشكل جيد ، وتدّعي أن الكميات الهائلة من الاموال التي ذهبت الى البلدان المنتجة للنفط تم تحويلها الى اقتصادات دول العالم الثالث، وهذه العملية تمّ تسميتها اعادة تدوير البترو دولارات . ولكن اكثر تلك البترو دولارات لم تذهب الى الدول الفقيرة المستوردة للنفط ، بل الى خزائن الولايات المتحدة عبر اتفاقيات سرّية بين دول النفط الكبرى والولايات المتحدة لتشتري تلك الدول سراً سندات الخزانة الامريكية .

وبهذه الترتيبات اشترت دول أوبك الديون الامريكية والتي دون هذا الدعم لم تكن الولايات المتحدة تستطيع الاستمرار في سياسة المديونية العامة الكبيرة ، وكذلك لا يستطيع مواطنوها الاستمرار بالعيش على الديون من اجل المحافظة على انماطهم الاستهلاكية.” وهذا بالضبط ما تمّ الاتفاق عليه في مؤتمر البيبلدربيرغ في مايو 1973 قبل 5 اشهر من حرب اكتوبر .
وطبقاً لدراسة أعدها البروفيسور جورج . سي . لودج George C. Lodge ، والتي تشكل جزءاً من المنهج الذي يدرس لطلبة الماجستير في مساق شؤون النفط الدولي بكلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد ، فإن ضمان الإمدادات النفطية للغرب ليس وحده الذي يشكل أحد مطالب الأمن القومي فيما يتعلق بموضوع النفط ، بل هناك سعر النفط أيضاً. وقد تعاونت الولايات المتحدة مع بعض الدول المنتجة للقيام بوظيفة المرجح (سونغ باور) لزيادة الانتاج لينخفض السعر وبما أن السعر هو من مقومات الأمن القومي الأمريكي كما في دراسة هارفارد أعلاه فمن البديهي معرفة من هو صاحب الكلمة العليا والأخيرة في هذه العلاقة وهي الولايات المتحدة .

وجدت معظم الدول النامية نفسها في مواجهة الزيادة الكبيرة التي طرأت على أسعار واراداتها النفطية ، وبنسبة 400% ، وذلك في وقت لا تملك فيه المال لتسديد فاتورتها النفطية، وهكذا شهد العالم ظهور ما عرف بمصيدة الديون ، ومعها “الاقتصاد العالمي الجديد” ، يعتمد في الأساس على المضاربة والهيمنة على موارد الآخرين. والآن ، وبعد أن ارتبط النفط بالدولار، فإن الولايات المتحدة تستطيع طباعة ما تشاء من الأوراق النقدية دون غطاء ، وبإمكان البنوك إقراض الدول النامية بالدولارات هذه ، مع الكثير من الشروط بالطبع، وتكون النتيجة أن هذه الدول تعجز عن سداد ديونها في الوقت المحدد ، وعندها يتدخل صندوق النقد الدولي بشروطه المفروضة لإعادة جدولة الديون ، لتجد هذه الدول نفسها وقد فقدت استقلالية قرارها الاقتصادي والسياسي، وأصبحت أسيرة هاجس تسديد الفوائد واستمرار دورة الديون إلى الأبد.
جاء في كتاب عولمة الفقر لاستاذ الاقتصاد في جامعة أتوا بكندا ميشال شدسفسكي :“كان مجموع الديون طويلة الأجل على الدول النامية عام 1970 حوالي 62 مليار دولار. وزادت سبع مرّات فوصلت إلى 480 مليار دولار سنة 1980 ثم زادت 32 مرّة لتصبح 2 تليون دولار سنة 1996 … ولأن الدول قد اصبحت تنوء من ثقل ديونها.

الجدول التالي يبن تزايد الديون الطويلة الامد للدول النامية

فلقد مكن ذلك البنك الدولي ، صندوق النقد الدولي ، منظمة التجارة العالمية. من إجبار تلك الدول على إعادة تشكيل اقتصادها وقبول الشروط التي تتوافق مع مصالح أصحاب المال العالمي، وأصبح الاقتصاد العالمي موجهاً لعملية تحصيل الديون،  لما ينتج عن ذلك من زيادة في البطالة ، وتباطوء في النشاط الاقتصادي “.
واكد الخبير ان في تسعينيات القرن الماضي كانت امريكا تخرج من ازماتها المالية بحروب مفتعلة، وازمات لاحقة واتبعت الاسلوب ذاته اذ ان الازمة المالية التي مر بها الاقتصاد العالمي في عامي 2007 و 2008م ، ادت الى طفرة اقتصادية كبيرة وارتفاع حاد في أسعار جميع مواد الخام الطبيعية والصناعية ، وشمل أيضا جميع المنتجات الطبيعية والصناعية ومنها الغذائية .
حيث ان بوادرها بدأت بالظهور عندما توسع السلوك الاستهلاكي عند المواطنين الامريكيين وقبلوا بتشجيع من البنوك على الاقتراض لغايات البناء والاستهلاك الشخصي فوصلت قروض العقارات الى 14 تريليون دولار، وارتفعت قروض الدولة الخارجية الى 6 تريليونات دولار والديون على القطاع الخاص 11 تريليون دولار.
وادى توسع البنوك في استخدام المشتقات المالية الى تضخم النظام المالي الامريكي الى 668 تريليون دولار، مما انعكس على جميع دول العالم، ويتضح هنا ان الأزمة المالية العالمية ما زالت تداعياتها مستمرة وستستمر لفترة لاحقة ، حيث ان الاقتصاد العالمي يتجه نحو الركود والكساد.
وهذا بدوره يجعل الحكومات عاجزة عن تنفيذ سياساتها التنموية ، كما يجعل المؤسسات المالية والبنوك تشدد وربما لا تقوم بعمليات التمويل والإقراض ، وهذا بدوره يحد من أعمال التنمية والتشييد ، وبالتالي تراجع الطلب على الكثير من المواد والمنتجات المختلفة .
وفي عالم يتغير بسرعة الا في بلدان ” القديم يبقى على قدمه” أعلن الرئيس المنتخب ترمب في أثناء حملته الانتخابية أن حماية الولايات المتحدة لن تكون بالمجان بالنسبة لدول الخليج وعلى دول النفط دفع فاتورة كل القواعد العسكرية في اراضي الجزيرة العربية بشكل كامل من دول مجلس التعاون لو ارادت بقاء تلك القواعد في اراضيها . كما انه صرح بأن ملكية النفط ليست لمن تقع مكامنه تحت اراضيها فقد وُجِدَت هناك بصدفة جيولوجية فالنفط لمن اكتشفه وبحاجة اليه وهي الولايات المتحدة – وجاهر ايضاً البدء بتنفيذ تلك السياسة باستملاك نفط العراق، وهكذا اصبح النفط ركيزة حماية الدولار والنظام المالي والاقتصادي الامريكي وسمح للدولار بأن يصبح عملة الاحتياط العالمية.

شذى خليل

وحدة الدراسات الاقتصادية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية