بالوثائق الحكومة العراقية :تكشف مخالفات دستورية بموازنة 2017

بالوثائق الحكومة العراقية :تكشف مخالفات دستورية بموازنة 2017

كشف رئيس الوزراء حيدر العبادي، في المؤتمر الصحفي الاسبوعي ، بتاريخ 14/3/2017 ، عن رفعه دعوى لدى المحكمة الاتحادية العليا للطعن بأحكام، ومواد في قانون الموازنة لسنة 2017 ، لما لها مساس بحياة المواطن العراقي ، وخصوصا ان البلد يمر بظروف صعبة من حرب ونزوح وازمة مالية .
واوضح العبادي ان اي تعديل او اضافة لمواد جديدة على الموازنة من قبل مجلس النواب دون مراجعة الحكومة ، تعد مخالفة قانونية حسب الدستور .
ومن الطعون اشار العبادي الى حدوث خطا برلماني اذ تمت مناقلة اكثر من 50 مليار دينار عراقي من تخصيصات حساسة الى حساب اعضاء مجلس النواب؛ لتغطية فروقات رواتبهم، ولم تذهب للمحتاجين او النازحين او الفقراء او بناء البنى التحتية او الاستثمار او لقطاع الصحة او التعليم ، بل لرواتب من له راتب، مؤكدا حق مجلس الوزراء القانوني بالطعن بالمناقلة امام المحكمة الاتحادية.
واكد خطأ المناقلة ايضا عضو لجنة النزاهة مشعان الجبوري ، في لقاء متلفز، متسائلا عن اسباب اعلان العبادي عنها في هذا التوقيت.
اما عضو اللجنة المالية ماجدة التميمي فبينت ان “مجلس النواب وخلال مناقشته مشروع قانون الموازنة المالية العامة للسنة الحالية ذهب باتجاه الزيادة في عدد من الفقرات الدستورية، بمعدل نصف المواد المرسلة من قبلِ الحكومة، وهذا يتعارض مع الدستور العراقي”، مبينةً أن “مشروع قانون الموازنة يمثل رؤية الحكومة العراقية، وليس وجه نظر البرلمان”.
وبين الخبير القانوني طارق حرب ان تغيير بعض احكام قانون الموازنة يعد خرقا للدستور كما جاء في المادة (62) الذي قيّد سلطة مجلس النواب وحدد صلاحيته ولم يجعلها مطلقة وخصص هذه السلطة ولم يجعلها عامة بشكل يتغاير به قانون الموازنة عن القوانين الاخرى”. اذ يعد مخالفة دستورية، ويعطي الحق للحكومة بالطعن فيها امام المحكمة الاتحادية العليا ويعطي السند الدستوري لهذه المحكمة لا لغاء وابطال الاحكام التي اضافها البرلمان على قانون الموازنة طبقا لا حكام المادة (13) من الدستور كونها احكاماً غير دستورية.
واكد العبادي ان تصويت اعضاء مجلس النواب على الفقرات المطعون بها لا علم لأغلب النواب بها، وتم اخفاؤها بطريقة احترافية، والا لم يوافقوا عليها، داعيا الى كشف الذمة المالية للمسؤولين والحزم في متابعة الجميع حسب القانون، ومحاربة الفساد بكل أشكاله والتوجه الى بناء البلد.
وهذه تفاصيل الدعوى التي قدمها العبادي للمحكمة الاتحادية العليا للطعن ببعض مواد الموازنة لعام 2017 ، والموجهة من الامانة العامة لمجلس الوزراء المتمثلة بـ رئيس مجلس الوزراء / اضافة الى وظيفته / وكيل المستشار القانوني المساعد حيدر الصافي بتاريخ 6/2/2017 العدد 2/2/68/006827 ، ضد المدعى عليه : رئيس مجلس النواب / اضافة الى وظيفته .
لقد تم اقرار الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق رقم 44 لسنة 2017 ، في جريد الوقائع العراقية في العدد 4430 في 9/1/2017 ، اذ تضمن ادراج عدد من المواد لم تكن في مشروع القانون الذي قدم للحكومة ، وان ادراج اي تعديل من حذف واضافة ، يعني هناك مخالفات دستورية من الناحيتين الشكلية والموضوعية ، للقضاء الدستوري في العراق ، فقد قرر مجلس الوزراء رقم 30 لسنة 2017 الطعن ببعض الاحكام والمواد الواردة في القانون للأسباب التالية :
المادة 62 من الدستور اجازت لمجلس النواب المناقلة بين ابواب وفصول الموازنة العامة وتخفيض مجمل مبالغه، واجاز ايضا عند الضرورة زيادة مبالغ اجمالي النفقات ، الا ان ذلك لا يعني تجاوز السلطة التنفيذية ، بعد اقتراحها على مجلس الوزراء ، بوصفه مسؤولا عن التخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة .
اما المادة 80 من الدستور، المعنية بما يتعلق الامر بتعديلات جوهرية على المشروع المقدم من الحكومة ، فنص عليها القضاء الدستوري في العديد من احكامه ومنها قرار25/ المحكمة الاتحادية /2012 ، المؤرخ في 22/10/2012 ، اذ قضت المحكمة بـ ” لا يحق لمجلس النواب اجراء تعديلات جوهرية على مشروع الموازنة المقدم من الحكومة” ، وكذلك القرار 21/ الاتحادية / 2015 ، وموحدتها 29/ الاتحادية /2015 ،اذ قضى ” ان قانون استبدال اعضاء مجلس النواب رقم 6/لسنة 2006 ليس من القوانين التي تمس مبدا الفصل بين السلطات لم يرتب أثارا مالية مضافة على السلطة التنفيذية، ولا يشكل خلافا مع السياسة العامة للدولة ، ولا يمس السياسة العامة للدولة ، ولا السلطة القضائية او استقلاليتهما ، وقد جاء تشريعه مباشرة اختصاصه الاصيل المنصوص عليه ، في المادة 61 من الدستور ، واعمالا لحكم المادة 49/ خامسا ، وهنا المخالفة: ” لا يحق لمجلس النواب تشريع القوانين دون الرجوع للحكومة او تعديل النصوص التي اقترحها مجلس الوزراء ، اذا ترتب عليها اثارا مالية اضافية ، او تعارضت مع السياسة العامة للدولة .

هنا جاءت المخالفات لمجلس النواب العراقي للنصوص الدستورية فنلاحظ في المواد ادناه التجاوزات التالية:
– المادة2/اولا /و : اذ تشير الى تخصصات المحافظات المنتجة، 5% من إيرادات النفط الخام ، او 5% من إيرادات النفط المكرر، او 5% من ايرادات الغاز الطبيعي ، على ان تختار واحدة من تلك الايرادات ، بشرط تخصيص 500 مليار دينار عراقي للمشاريع المهمة للمحافظة ، وعلى وزارة المالية اصدار سندات خزينة لتسديد بقية المبالغ المذكورة في حالة لم تغط المبالغ المخصصة للمحافظة ، وحسب الكميات المصدرة عن طريق وزارة النفط ( شركة سومو) او اي آلية اخرى، فالمبالغ التي يجب تصدر وزارة المالية سندات خزينة لتسديد تلك المستحقات كبيرة بحيث لن تكون قابلة للشراء ، والعودة المذكورة للنسبة المذكورة بالقانون غير ممكنه في ظل تدهور اسعار النفط ، ومن جهة اخرى ؛ فان ديوان الرقابة المالية لم يقم باي التحقيقات المطلوبة لمعرفة استحقاق المحافظات ، كي تقوم وزارة المالية بواجبها واصدار سندات الخزينة لتسددها .
– المادة 8/ خامسا : لم تشر من قريب او بعيد لوزارة البيشمركة ، اذ تمت اضافة عبارة ( بما يضمن رواتب البيشمركة) بدل النص المعتمد في المشروع الحكومي في المادة9 / خامسا / الذي ينص على تخصيص نسبة من تخصيصات القوات البرية الاتحادية للجيش الى قوات البيشمركة حسب النسب السكانية بوصفها جزءا من المنظومة الامنية العراقية ، اذ تم حذف عبارة ( النسبة السكانية ) وباعتبار البيشمركة جزءا من المنظومة الامنية، اصبح النص يتعارض مع البند اولا من المادة 9 / التي تنص على ان القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي .

– اما المادة 11/ ثالثا/ فتضمنت اضافة وزارتين الى الوزارات المستثناة من التعينات وهي الهجرة والمهجرين مما يؤدي الى توسع في النفقات العامة وهذا يتعارض مع احكام المادة 62 /ثانيا من الدستور.

– المادة 11 / خامسا/ التي تقضي بتدوير الوظائف الشاغرة ضمن حركة الملاك ، اذ يكون التعيين في الدرجات الوظيفية المخصصة لوزارة الداخلية للمناطق المحررة من الارهاب ، وهذا مخالف لمبدا تكافؤ الفرص الذي اقره الدستور في المادة 16 والمادة 23 والتي كفلت حق العمل لجميع العراقيين من ابناء المحافظة حصرا ، مما يخلق اثارا مالية تعجز الحكومة عن تحملها ضمن الازمة المالية .

– المادة 11/سادسا : هذه المادة اجازت احتساب الخدمة العقدية لأغراض العلاوة والترفيع والتقاعد وكل ما يترتب عليها من اثار مالية تتعارض مع المادة 62 من الدستور، التي اجازت المناقلة بين ابواب وفصول الموازنة وتخفيض مبلغها .

– المادة 12 /اولا : التي اعطت المحافظ تخويل بتنفيذ المشاريع التي لا تزيد على 10 مليار دينارعراقي، التي تعود لوزارة الصحة والاعمار والاسكان والبلديات والزراعة والشؤون الاجتماعية والثقافة والشباب والرياضة ، غير ان بعض المحافظات لاتزال غير قادرة تنفيذ المشاريع الاستراتيجية، لافتقارها المقومات والكوادر .

– المادة 14 / خامسا : وتتضمن الزام الوزارات والجهات غير المرتبطة بوازرة بقرار مجلس الوزراء رقم 347 بسنة 2015 وهذا من شانه ان يقيد المجلس بعدم تعديل القانون ، في حين يجب ان يتمتع المجلس بالمرونة التي تمكنه من ادارة شؤون الدولة .

– المادة 18/ : وتتضمن إمكانية التعاقد مع موظفي مراكز التسجيل ودائرة الاحزاب والتنظيمات السياسية، مما يشكل عبئا ماليا على الحكومة ، اذ بمقدورهم تثبيت جميع المتعاقدين في السنين السابقة ، مما عني عدم حاجة المفوضية للتعاقد من جديد، وان الزام وزارة المالية بنقل الدرجات الوظيفية والتخصيص المالي للراغبين للانتقال من وزارة الداخلية الى الوزارات الاخرى من حمل الشهادات الجامعية ،وهذا يؤثر على تفريغ المؤسسة الامنية من حملة الشهادات ، في ظل ظرف امني صعب، وتعد هذه مسألة تقديرها يرجع الى الوزيرين المختصين، اما ايقاف النقل والتنسيب الى الرئاسات الثلاثة واعادة المنتسبين الى دوائرهم وان كان مقبولا ، فان ذلك يؤدي الى افراغ المؤسسات الرئاسية من الكوادر الكفؤة، وهناك فقرة تشير الى تحمل وزارة المالية دفع رواتب للمحالين على التعاقد من موظفي شركات التمويل الذاتي وتحمل اعباء فروقات توقيفاتهم لتعاقدية من صندوق تقاعد موظفي الدولة ، وهنا اكدت وزارة المالية انها لا تمتلك التخصيصات المالية لذلك.

– اما المادة 24 وهي تخصيص 50% من الوحدات الادارية التي قامت بجباية الرسوم ، وان الابقاء عليه سيؤدي الى حرمان الخزينة العامة من مبالغ مهمة لتمويل مشاريع الوزارات .

– المادة 26/ وتتضمن عرض كل إصدار على مجلس النواب لغرض المصادقة ، مما يؤدي الى زج السلطة التشريعية في الامور التنفيذية، وهذا مخالف لمبدا الفصل بين السلطات الذي اكدته المادة 47 من الدستور .

– اما المادة 27 فذكرت عبارة المنتج المحلي تفضيله بسنبة 10% مقارنة بالمستورد هذه النسبة تعد مرتفعة في ظل وضع مالي صعب .

– المادة 32 والمتعلقة بتسديد وزارات الدولة الالتزامات الخارجية في المنظمات العربية والدولية ، اذ نجد انه لا توجد علاقة بين تسديد ما على العراق من التزامات دولية وبين حصوله على استحقاقه من الوظائف والمواقع الادارية، اذ ان تللك النفقات الحاكمة لا يجوز المساس بها ، اما ما يلزم وزارة المالية دراسة الجدوى للاستثمارات ، يتعارض مع سياسة الحكومة في تعزيز التعاون العربي .

– المادة 33 والتي تتضمن توزيع الاستقطاعات البالغة 3.8 % من رواتب ومخصصات موظفي الدولة ، والمتقاعدين ، اذ رصدت لبرامج متعددة وليس بضمنها الطوارئ مما يعني عدم دستوريتها.

– المادة 35 / والتي تضمنت اعفاء المواد الاولية والمكونات المستوردة ومنتجات توليد الطاقة الكهربائية والميكانيكية من الطاقة الشمسية والرياح ، من شركات القطاع لعام الانتاجية التي تستخدم حصرا، في عمليات الانتاج، وهذا يخالف النص الحكومي بإخضاع السلع للرسوم كافة ، باستثناء العقود المبرمة قبل 1/1/2017 الذي هدفها تعظيم موارد الدولة ويذهب جزء من ارباحها الى رفد خزينة الدولة .

– المادة 47 التي تناولت مناقلة التخصيصات التشغيلية للنقابات والاتحادات والجمعيات، عدا المساهمات الدولية للمؤتمرات، الى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ،بإعادة تأهيل اطفال ونساء والارامل المناطق المحررة، مما يؤدي الى زيادة النفقات العامة اذ ان الدولة ملزمة بموجب الدستور تقديم الدعم للاتحادات ، وهذا معارض للدستور احكام المادة 22 من الدستور .

– المادة 48 والتي الزمت الحكومة الاتحادية ووزارة النفط بمراجعة عقود جولات التراخيص النفطية لتعديل البنود لمصلحة العراق الاقتصادية، وهذه العقود ملزمة الطرفين ( الجانب العراق ، الشركات )، وعلى الطرف الثاني الموفقة .

– واوجبت المادة ثانيا نفسها اوجبت وزارة المالية باجراء مقاصة بين الديون المترتبة بذمة الشركة ومستحقاتها ازاء الشركات ، وهذا غير ممكن اذ تترتب بذمة شركة توزيع المنتجات النفطية ارباحا لم تتم مفاصلتها مع الديون المترتبة بذمة الوزارات .

– المادة 49 والتي بموجبها تمت مناقلة 10 مليارات دينار عراقي من تخصيصات وزارة الهجرة والمهجرين الى وزارة المالية، لتغطية الرسوم والفوائد للقروض العقارية من المصرف العقاري الممنوح ل( الانبار، نينوى ، صلاح الدين )ولاتساع حجم المناطق المحررة ، وضخامة الازمة المالية مما يجعل خزينة الدولة غير قادرة تلبية تلك التزامات ، يستوجب تعزيز قدرات وزارة الهجرة والمهجرين للنهوض بالتزاماتها قانونيا وتخفيف المعاناة ، وليس الاستقطاع منها.

– المادة 52 / تعديل جدول النفقات الحاكمة لتكون الاجهزة الطبية والمستلزمات الطبية ، بدلا من النص الحكومي ، الذي يقتصر على الادوية ، مما يؤثر على الواقع الصحي بسبب محدودية تخصيصات الادوية .

– المادة 56/ والمتضمنة ايرادات المنافذ الحدودية المحددة بقانون المحافظات ، لتطوير البنى التحتية لمنافذ الحدود والمناطق المجاورة لها ، وتتم المباشرة 2017 ؛ لا نها مدرجة ضمن التخصيصات الاجمالية المحددة بقانون الموازنة .

– اما المادة 57 والتي بموجبها الفائدة المستقطعة من الفلاحين لصالح المصرف الزراعي للسنة الاولى والسنوات اللاحقة تكون مشابهة لنسب الفائدة للمصرفي الرشيد والرافدين، اذ ان العقد شريعة المتعاقدين، هذه يعني الفائدة من الفلاحين واجبة.

– المادة 59 / والتي تضمنت مناقلة مبالغ من جهات الى جهات اخرى من شانها ان تؤثر على مستحقات غاز البصرة .

بعد عرض المخالفات الدستورية والتعديلات التي اجراها مجلس النواب و المواد التي اضافها على المشروع الحكومي كما جاءت في دعوى العبادي على رئيس مجلس النواب اضافة الى وظيفته اكد العبادي انها تنطوي على تجاوز الدور التنفيذي للحكومة ومخالفة للآلية التشريعية التي رسمها الدستور .
كما اكد انها تعد انتهاكا واضحا لمبدأ الفصل بين السلطات التي اوردتها المادة 47 من الدستور ومصادرة للوسائل والادوات التي تمكنها من النهوض بالمهام الموكلة بها بموجب المادة 80 من الدستور ومخالفة ماقر علية القضاء الدستوري العراقي ، وجاءت المطالبة بـ عدم دستورية المواد المدرجة انفا وإلغائه لمخالفتها لا حكام الدستور .
وطالب العبادي برفع عبارات الهجرة والمهجرين ، ووزارة الكهرباء الواردة في البند ثالثا من المادة 11، واحتساب الخدمة العقدية لأغراض العلاوة والتوقيع والتعاقد ، الواردة في المادة 11/ سادسا واعادة المنتسبين للرئاسات الثلاث من دوائرهم الاصلية ، الواردة في المادة 18/هـ .
وشدد العبادي في الدعوى على عرض كل اصدار على مجلس النواب للمصادقة علية ، الوارد في المادة 26 ، والمنتج المحلي الوارد في المادة 27، وعجز البند اولا من المادة 33 من القانون انفا وعبارة الاجهزة والمستلزمات الطبية ، الواردة في البند ثانيا من المادة 53 للأسباب السابقة.

<

شذى خليل
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية