“المخدرات”.. سلاح إيران السري لإضعاف دول الجوار

“المخدرات”.. سلاح إيران السري لإضعاف دول الجوار

لا تتوقف إيران عن محاولاتها إغراق الدول العربية بالمخدرات سواء من خلال بوابة التهريب أو التجارة، حيث يغض النظام الإيراني الطرف عن هذه الظاهرة متخدًا اياها كسلاح لإلحاق الضرر بهذه الدول أما على الصعيد الداخلي أدت إلى تدمر المجتمع، وسببت الضياع والتشرد لكثير من العائلات الإيرانية في وقت تعجز فيه الحكومة عن معالجة المشكلة من جذورها.

ويصل عدد مدمني المخدرات ومتعاطيها إلى أكثر من مليوني شخص في إيران، وفق الإحصائيات الحكومية، غير أنه من المتوقع أن يكون الرقم ضعف الرقم الحالي، خاصة أن ظاهرة الإدمان في ارتفاع مستمر في المجتمع الإيراني، رغم محاولات النظام معالجة المدمنين، إلا أن إهمال الحلول الجذرية لمشكلة المخدرات جعل كل هذه المحاولات فاشلة.

تتنوع أنواع المخدرات المنتشرة في المجتمع الإيراني، وأكثرها تعاطيًا: الميثامفيتامين، والأفيون، والهيروين، والحشيش، وهناك أنواع من المخدرات الصناعية تروج لها مافيا المخدرات كدواء لجميع أنواع الأمراض، مثل: التوتر، والاضطراب النفسي، والسمنة، ونحافة الجسم، وتحسين البشرة وعلاج الضعف الجنسي على حد سواء.

تورط الحرس الثوري

في ذات الوقت يقف الحرس الثوري الإيراني وراء انتشار المخدرات في العديد من دول الجوار وعلى رأسهم العراق ودول الخليج؛ بحسب تصريحات مدير اللجنة الوطنية العراقية لمكافحة المخدرات، إذ أكد أن إيران تحولت إلى عاصمة ومركز للتهريب على مستوى العالم فهي تربط بين مزارع الإنتاج في أفغانستان، وأسواق الاستهلاك في الدول الأخرى، مستغلة دول الجوار في عمليات التهريب، خاصة أذربيجان والعراق ودول الخليج العربي.

تؤكد المعلومات المتوفرة أن تهريب المخدرات «المنظم» إلى داخل العراق بدأ مع التدخل الإيراني عبر الميليشيات وعصابات المخدرات والجريمة المنظمة برعاية جهاز المخابرات الدولي الإيراني ومخابرات الحرس الثوري وفيلق القدس.

وكشف المساعد الدولي في مركز مكافحة المخدرات، أسد الله هادي نجاد، أن أكثر من 35 في المائة من المخدرات المنتجة في أفغانستان، تمر من إيران باتجاه الدول الأخرى. وبحسب المسؤول الإيراني الرفيع تعد إيران الطريق المثالي لعصابات الاتجار بالمخدرات كما تشهد إيران استثمارا واسعا من قبل العصابات المهربة للمخدرات في إنتاج المخدرات الصناعية وتهريبها وتوزيعها في المناطق الأخرى. ويقدر إنتاج المخدرات في أفغانستان بستة آلاف و400 طن سنويا بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وأوضح رئيس مرکز مکافحة المخدرات التابع للشرطة الإيرانية عن شبكة تهريب مخدرات دولية وتشير المعلومات التي وردت على لسان الجنرال علي مؤيدي إلى أن العصابة الدولية نشطت في محافظات بلوشستان وقم وسمنان وطهران بأساليب «معقدة» قبل تفكيكها على يد شرطة مكافحة المخدرات واعتقال عشرة من أعضاء العصابة وضبط ثلاثة أطنان.

وتقدر السيولة المالية لتجارة المخدرات في إيران بأكثر من عشرة آلاف مليار تومان إيراني بحسب وزير الداخلية الإيراني، رحمان فضلي، الذي أكد أن تلك الأموال تلعب دورا أساسيا في السياسة الداخلية الإيرانية عبر تمويلها الحملات الانتخابية.

وقبل ذلك، كان الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد قد لمح إلى تورط الحرس الثوري في السيطرة على السوق السوداء وتهريب السلع والمخدرات عندما وصفهم في إحدى خطبه بـ«إخوتنا المهربين».

يُشار إلى أن الحرس الثوري يتكفل منذ سنوات بتأمين الحدود الشرقية مع باكستان وأفغانستان وهو ما يثير الشكوك حول علاقته بعصابات تهريب المخدرات ومسارات مرورها إلى الدول الأخرى وبحسب التحقيق المشار إليه، فإن صحيفة «التايمز» في 2011 أفادت نقلا عن العضو السابق في مخابرات الحرس الثوري، سجاد حق بناه، أن الحرس الثوري متورط بتهريب المخدرات وتوزيعها في منطقة الشرق الأوسط فيما وضعت وزارة الخزانة الأميركية في مارس 2012، القيادي في فيلق قدس الإيراني، غلام رضا باغباني على لائحة العقوبات الإيرانية.

وكان الكونغرس الأميركي قد كشف في تقرير له صدر في 2012، عن علاقة إيران وحزب الله بعصابات تهريب المخدرات في المكسيك وفقا لاعترافات أدلى بها منصور عرب سيار الذي خطط لاغتيال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير عندما كان سفيرا لبلاده في واشنطن.

وقبل سنوات كشفت تقارير أخبارية عن كشف عمليات تهريب يقوم بها الحرس الثوري الإيراني مستخدمًا مطار النجف لنقل المخدرات من إيران وإلى العراق، ومن ثم تهريبها إلى دول الخليج العربي ولا سيما الكويت والمملكة العربية السعودية، ولغرض تمويل بعض أنشطته الاستخبارية والتجسسية، واستخدام مطار النجف يعود إلى أن الطائرات المدنية التابعة للحرس الثوري لا يتم تفتيشها من قبل القائمين على أمن المطار؛ لذا تسهل عمليات التهريب إلى دول الخليج عبر هذا المنفذ وعبر المنافذ الأخرى.

وفي أحد التصريحات لمحافظ ديالى العراقية السابق عمر الحميري، أكد أن 90% من المخدرات المهربة إلى العراق مصدرها إيران، مشيرًا إلى أن الحدود المشتركة بين العراق وإيران تنشط فيها عصابات محترفة تقوم بعمليات تهريب لمختلف أنواع المخدرات، مؤكدًا تورط بعض المسؤولين الإيرانيين في عمليات التهريب لإغراق العراق ودول الخليج بالمواد المخدرة والمدمنين.

التهريب إلى أوروبا والغرب

ففي يناير 2016، نشر موقع “ويكيليكس” برقية سرية بتاريخ 12 يونيو 2009، صدرت عن السفارة الأمريكية في باكو، تشير إلى أن كميات الهيروين التي مصدرها إيران، والمصدرة إلى أذربيجان، ارتفعت من 20 ألف كيلوغرام في 2006، إلى 59 ألفًا في الربع الأول من 2009 وحده، وأكدت البرقية التي تستند إلى تقارير سرية لمحققي الأمم المتحدة المكلفين بالملف، أن أذربيجان من الطرق الرئيسة لتصدير الهيروين نحو أوروبا والغرب.

ونقلت هذه البرقية عن دبلوماسيون أميركيون قولهم إن إيران تعتبر من أكبر مهربي المخدرات في العالم، فهي أكبر مشترٍ للأفيون الأفغاني، وأحد أكبر منتجي الهيروين في العالم، وأضافوا أن 95% من الهيروين في أذربيجان ياتي من إيران، في حين تصدر الكمية نفسها من أذربيجان إلى السوق الأوروبية.

التهريب إلى الخليج

وأما عن المحاولات الإيرانية لتهريب المخدرات إلى دول الخليج العربي، فهي لا تعد ولا تحصى؛ ففي مارس2012، أعلنت وزارة الداخلية السعودية إحباط محاولة تهريب مخدرات نوعية، إذ رصدت تحركات لأفراد “يمثلون شبكة إجرامية” تتخذ من إيران محطة انطلاق لها، وتستهدف دول الخليج بالدرجة الأساسية.

وتمكنت من إحباط محاولة تهريب نصف طن من مادة الحشيش المخدر، عبر السواحل الشرقية للسعودية والقبض على المتورطين في تهريبها، وهم 4 باكستانيين و5 إيرانيين.

كما أن اللواء منصور التركي، المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية، كشف خلال تصريح سابق له للتليفزيون السعودي، أنه سبق أن أحبطت سلطات الأمن محاولة تهريب مخدرات في السواحل الشرقية للبلاد، مشيرًا إلى أن هناك اعترافات حصلت عليها وزارة الداخلية أبرزت جعل إيران محطة مرور لتلك الشبكة الإجرامية، التي تمتهن تهريب المخدرات.

وفي أبريل 2014، أعلنت الداخلية السعودية، إحباط محاولتين لتهريب 22 مليونًا و85 ألفًا و570 قرص أمفيتامين، تقدر قيمتها السوقية بمليار و38 مليونًا و21 ألفًا و790 ريالًا، مؤكدة القبض على 5 سعوديين وبحريني من المتورطين في العمليتين، مبينة أن العمليتين مرتبطتان بشبكة تهريب دولية تنشط في تهريب الأمفيتامين إلى السعودية، ويتزعمها سوريون وإيرانيون.

وفي نوفمبر2015، نفذت السلطات السعودية أحكامًا بالإعدام على 3 إيرانيين بالرياض، أدينوا في قضية تهريب مخدرات، وهي كمية كبيرة من الحشيش المخدر للسعودية عن طريق البحر.

وفي الكويت أحبطت السلطات في أكتوبر 2014، محاولة تهريب 5 ملايين حبة مخدرة، كان سيتم توزيع نصفها في الإمارات، والنصف الآخر يتوجه إلى السعودية. وتمكن رجال وزارة الداخلية في الإمارات من ضبط المهربين، بعد أن أبلغت الكويت نظيرتها الإماراتية بالشبكة، والتي ضبطت المتهمين في منطقة العين الإماراتية، وتمت مصادرة كميات الحبوب المخدرة التي كانت مخبأة في ألواح خشبية.

أما الإمارات فأعلنت في ديسمبر 2015، ضبط باخرة إيرانية حاول قبطانها تهريب كمية كبيرة من المواد المخدرة وشخصين يحملان الجنسية الإيرانية عبر ميناء خالد البحري بإمارة الشارقة. وذكرت وكالة أنباء الإمارات (وام) أنه تم ضبط 11.5 كيلو جرامًا من مخدر الحشيش و142 ألفًا و725 قرصًا مخدرًا كانت مخبأة في مخابئ سرية، بالإضافة إلى ضبط 10 أشخاص على متن الباخرة. وبعد التحقيق مع قبطان الباخرة، أقر المشتبهون بأن الكمية المضبوطة تم جلبها إلى عدد من تجار المخدرات لترويجها بالدولة بناء على توجيه أحد تجار المخدرات في إيران.

1000 بائع في ساحة واحدة

حذر رئيس “لجنة البيئة والصحة” في مجلس بلدية طهران رحمة الله حافظي، سبتمبر الماضي من ازدياد بيع وشراء المخدرات في طهران قائلًا إن هناك 1000 بائع مخدرات في ساحة واحدة، وسط العاصمة الإيرانية.

ونقل موقع وكالة “ميزان” الإخباري قول حافظي إن هناك أكثر من ألف شخص يقومون ببيع المخدرات في منتصف الليل في ميدان شوش وسط العاصمة في حين لا يوجد سوى 200 إلى 300 مدمن مطروحين على الأرض حول الساحة.

وتشير التقارير الإيرانية أن هناك أكثر من مليون و200 ألف مدمن مسجل في المراكز الصحية في حين تقدر بعض المراكز أن يكون العدد وصل إلى مليوني مدمن خلال العامين الأخرين بسبب تنامي المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.

ويأتي الإدمان على مادة الأفيون أولًا في ترتيب المواد المخدرة المستخدمة في إيران، لكن بسبب غلائها توجه كثير من المدمنين الإيرانيين إلى ما يطلق عليها بـ”الشيشة” وهي عبارة عن زجاجة محشوة بمادة الميثامفيتامين وذلك بسبب سعرها الزهيد، لكنها أكثر خطورة على الصحة من مثيلاتها المخدرة.

ويقول مسؤول الوقاية والعلاج في وزارة الصحة الإيرانية إن إحصائيات الوزارة تشير إلى أن هناك ما يقارب المليون و350 ألف مدمن على المخدرات في إيران، حيث تشكل النساء نسبة 9% من هؤلاء المدمنين.

أما تقرير الشرطة الإيرانية فيشير إلى أنه إضافة إلى هذا العدد، هناك 700 ألف شخص تحت سن 21 عامًا يتعاطون المخدرات بشكل وقتي.

تقتل 8 مواطنين يوميًا بإيران

وفي العام الماضي، أكد نائب وزير الصحة الإيراني إرج حريرجي أن المخدرات تتسبب بمقتل ثمانية مواطنين في البلاد يوميا، وإن 65% من متعاطي المخدرات عن طريق الحقن مصابون بمتلازمة نقص المناعة المكتسب “إيدز” و50% من المدمنين على المواد المخدرة مصابون بالتهاب الكبد الفيروسي “سي”.

وأوضح نائب وزير الصحة أن المخدرات تعد رابع مسبب لوفاة الإيرانيين، وأنها تؤدي لوفاة ثمانية أشخاص يوميا، وأشار إلى أن 50% من المحبوسين محكومون بقضايا تتعلق بتعاطي المخدرات أو الاتجار بها، وأن 26.5% من أسباب الطلاق سببها الإدمان على المخدرات والكحول.

إدمان الشباب الإيراني

ويرى خبير اجتماعي في طهران،أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين تدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية وارتفاع عدد المدمنين؛ فكثير من الشباب والرجال تدفعهم الظروف الاقتصادية السيئة إلى الهروب منها، ورمي أنفسهم في مستنقع الإدمان كنوع من العلاج الوهمي للتهرب من مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن سياسة النظام المتسببة في التدهور الاقتصادي في المجتمع، ومن ثم التسبب بهذه الظاهرة التي يقف عاجزًا عن إيجاد حل جذري لها؛ لأن السبب هو النظام نفسه.

وأضاف في تصريحات للصحف، “اليوم أصبح تعاطي المخدرات أمرًا طبيعيًا بين عديد من العائلات، مثل تناول الأفيون، فهذه المادة موجودة وبوفرة، ويمكن الحصول عليها بكل يسر وسهولة، خاصة إذا عرفنا تورط بعض المسؤولين من الحرس الثوري في تجارة المخدرات وتهريبها، وتقديم التسهيلات للمهربين، ورغم العنف المستخدم ضد المهربين إلا أن عملية التهريب والتجارة في إيران في تزايد مستمر، في ظل عجز الحكومة عن معالجة الظاهرة لأنها تنكر الأسباب الجذرية لها؛ ولذا لن تتمكن من القضاء عليها”.

بوابة العالم للمخدرات

نائب رئيس دائرة مكافحة المخدرات في إيران، علي رضا جزيني، أكد أن إيران أحد الممرات الأساسية لانتقال المخدرات إلى بقية بلدان العالم، حيث أنها جارة لأفغانستان التي تعد أكبر بلد لزراعة المخدرات وإنتاجها في العالم، في حين تتصدر إيران عملية التهريب مستفيدة أيضًا من موقعها الاستراتيجي وسط قارات العالم؛ لتنشيط عمليات التهريب بين العصابات الدولية في تجارة المخدرات.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، عن “جزيني” قوله أن “الخسائر الناتجة عن إنتاج وتعاطي المخدرات في إيران بلغت ما يقارب 3 مليارات دولار، وأن 47% من هذه الخسائر تطال المتعاطين، و24% منها خسائر تكلف الحكومة، بينما 29% من هذه الخسائر تطال المجتمع، مؤكدًا انخفاض سن المستهلكين للمخدرات في إيران إلى أقل من 15 عامًا، وأن 1% من طلبة المدارس في البلاد يتعاطون المخدرات، وأن 6.2% من طلبة كليات العلوم، و6.1% من طلبة كليات الطب في البلاد يتعاطون المخدرات، وأنهم كانوا يشكلون 3% من نسبة المدمنين فقط، ولكن الآن ارتفعت نسبتهم إلى 26% ما يبعث على القلق المتزايد”.

وعلى الرغم من ذلك يوجه المسؤولون الإيرانيون اللًوم إلى المجتمع الدولي في مسألة انتشار تجارة المخدرات في البلاد!!

التقرير