بريطانيا.. جنة الأثرياء الهاربين من جحيم زمن أردوغان

بريطانيا.. جنة الأثرياء الهاربين من جحيم زمن أردوغان


لندن – يحلم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفتح حدود أوروبا أمام مواطنيه، لكن على ما يبدو فإن الأتراك الوحيدين الذين سيغادرون البلاد باتجاه أوروبا هم الأثرياء الهاربون من قبضته القمعية المتزايدة.

ويسارع الكثير من الأثرياء إلى تصفية ممتلكاتهم في تركيا، ويتجه عدد كبير منهم إلى الانتقال إلى بريطانيا، حيث يصعب أن يطال التأميم ثرواتهم التي تقدر بالملايين من الدولارات.

ومن شقتهما الواقعة في الجزء الآسيوي من مدينة إسطنبول، حيث يدخلها الضوء من كل جانب، تستطيع أزجي وزوجها إبراهيم سيزر الاستمتاع بمنظر جمالي لتلال المدينة بأسرها. وخلال الصيف غالبا ما يقضي الزوجان وقتهما في السباحة في مسبح خاص، داخل أسوار المجمع السكني الراقي الذي يضم شقتهما.

لكن هذا الشهر سيترك الزوجان كل هذا وراءهما وينتقلان للعيش في بريطانيا، ضمن موجة نزوح تتزايد بين الأثرياء من تركيا التي تشهد اهتزازا سياسيا واقتصاديا كبيرين.

والزوجان سيقيمان مع ابنهما علي البالغ 14 شهرا، في منزل جديد في مدينة برايتون الساحلية قرب لندن دفعا مقدمه. ويخطط إبراهيم وأزجي لتأسيس مكتب لأعمالهما في لندن.

ويقول إبراهيم الذي يملك شركة تجارية “السبب الرئيسي لانتقالنا إلى بريطانيا هو العمل”.

5 آلاف من كبار الأثرياء الأتراك يتركون بلادهم

وأضاف في حديث قصير لمراسل صحيفة “التايمز” البريطانية “التذبذب في القطاع المصرفي التركي كبير جدا الآن. يمكن أن نطلق على الوضع الحالي إدارة الأزمة”.

وتعاني تركيا التي كانت في يوم من الأيام النموذج الأكبر للاستقرار السياسي والاقتصادي، من صراعات داخلية وخارجية وضعت مستقبل البلاد على المحك.

ومن إشعال ما يشبه الحرب الأهلية مع الأكراد، إلى التورط في الحرب السورية ومواجهة تنظيم داعش، ثم الدخول في سجال عنيف مع أوروبا وأنظمة عربية، يقود أردوغان البلاد بطريقة راعي أبقار من الغرب الأميركي الذي يعيش على المغامرات.

ويستعد أردوغان إلى إجراء أول استفتاء على توسيع صلاحياته، كأحد بنود تغيير الحكم من برلماني إلى رئاسي، سيساعده كثيرا على بسط نفوذ إسلامي مطلق في بلد تخفت فيه تدريجيا روح العلمانية التي أسسها كمال أتاتورك مطلع القرن الماضي.

والعام الماضي، غادر تركيا قرابة 5 آلاف من بين الأثرياء التي تتخطى ثروتهم مليون دولار أميركي بالإضافة إلى منازلهم الفخمة، في زيادة من ألف تركوا البلاد خلال عام 2015.

ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد، إذا ما قرر الناخبون التصويت لصالح تعزيز صلاحيات أردوغان منتصف أبريل المقبل.

ويقول مسؤولون بريطانيون إن طلبات الانتقال إلى بريطانيا من تركيا ازداد إلى ثلاثة أضعاف خلال العام الماضي. ويقول علي غودين، وهو محام متدرب في إسطنبول رصد قفزة في عدد الأثرياء المغادرين إلى بريطانيا، إن “الكثيرين يريدون مغادرة البلد قبل موعد الاستفتاء”.

وأضاف “معظمهم يحظى بتعليم جيد، ويعملون بوظائف قيمة ولديهم خلفية علمانية. لكنهم قلقون من التغيير السياسي الجذري في البلد، ويتوقعون أن يؤثر الاستفتاء على طريقة حياتهم بشكل مباشر”.

ولم يعد القانون هو السائد في تركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي كادت أن تنهي حكم حزب العدالة والتنمية المستمر منذ عام 2002. ومنذ ذلك الحين صادرت الدولة الملايين من الدولارات وأصولا تعود إلى شخصيات اتهمت بدعم الانقلاب. وخسر 100 ألف شخص وظائفهم، وتم اعتقال 40 ألف شخص آخرين.

وتقول مديرة موارد بشرية في إحدى الشركات الكبرى، وهي تستعد لترك بيتها المطل على البحر الأسود وتنتقل للعيش في منطقة راقية في جنوب لندن “الناس باتوا أكثر خوفا على خسارة ثرواتهم التي تمكنوا من جمعها على مدار أعوام طويلة”. وأضافت “الأمر يشبه ما حصل في روسيا. في تركيا لم يعد لدينا قانون”.

العرب اللندنية