تضارب رسائل الإخوان للقمة العربية يعكس أزمة داخلية

تضارب رسائل الإخوان للقمة العربية يعكس أزمة داخلية


القاهرة – أثار الموقف المتضارب لجماعة الإخوان المسلمين، من القمة العربية التي عقدت في البحر الميت بالأردن، جدلا واسعا بين المراقبين، وبينما رآه البعض تعبيرا عن الانقسام الحاد داخل الجماعة، قال آخرون إن تلك هي الطريقة المعتادة في التعامل مع القضايا المختلفة، عندما يضيق الحبل حول رقبتها.

وأصدرت قيادات الإخوان (جناح محمود عزت) الاثنين بيانا رحبوا فيه بالقمة، وغازلوا بكلمات مليئة بالود الحكام العرب.

وقال البيان “شعوبكم على أتم استعداد للوقوف خلف قيادتكم الحكيمة بكل عزيمة”، و”إذا كانت شعوبكم مطالبة بالسمع والطاعة، فإن الأمانة مقرونة بالحكم العدل الذي هو أساس الحكم”، ثم كان ختام البيان كالتالي “السادة أصحاب الجلالة والسمو والفخامة أعانكم الله على تأدية الأمانة”.

ولم يكن هذا أخطر ما جاء في البيان، بل تضمن أيضا عبارة جاء فيها “منذ تأسيس الجامعة العربية، قبل قيام دولة إسرائيل بثلاث سنوات”. وكانت تلك هي المرة الأولى التي تعترف فيها الجماعة رسميا بأن هناك دولة اسمها إسرائيل، لأنها كانت دائما تستخدم مصطلح “الكيان الصهيوني” أو “دولة الاحتلال”.

وينطوي قبول الجماعة بدولة فلسطينية على حدود 1967 على تطور نوعي آخر، حاولت به الجماعة مغازلة بعض القوى الإقليمية والدولية، أملا في تخفيف الضغوط عليها حاليا، وأنها تتمتع بدرجة عالية من المرونة تتوافق مع المعطيات الجديدة.

وبعد يوم واحد، فوجئ المراقبون ببيان آخر، يعتذر عما تضمنه البيان الأول، أصدرته هذه المرة ما يسمى بمجموعة محمد كمال، التي تعبر عن القيادات الشابة، شنوا فيه هجوما لاذعا على البيان الأول، وأصروا على وصف إسرائيل بالكيان الصهيوني. وقالوا “لن نسمي الكيان الصهيوني أبدا بإسرائيل”، وأضاف “القتلة سوف يظلون قتلة؟”.

وجسدت رسالة قيادات الإخوان -كبارهم وشبابهم- للقمة العربية والرؤساء والملوك العرب، ذروة الأزمة التي يمر بها تيار الإسلام السياسي في الفترة الحالية.

وأوضحت مصادر سياسية بالقاهرة أن الجماعة ستحاول في المرحلة المقبلة إعادة إنتاج نفسها كواحدة من الدوائر الحريصة على المصالح العربية، بالنظر إلى طبيعة المرحلة التي من المرجح أن تشهد معالجات ومحاسبات على ضوء التدهور الكبير الحاصل في بعض الملفات، التي تتحمّل الجماعة القدر الأكبر من المسؤولية عنه.

وقال عمرو الشوبكي، الخبير المصري في شؤون الحركات الإسلامية “إن جماعات الإسلام السياسي وفي مقدمتها جماعة الإخوان، توقفت بشكل كبير عن الرهان على احتضان الجماهير العربية لمشاريعها”.

وأكد الشوبكي في تصريح لـ”العرب” على أن الجماعة مضطرة إلى تقديم تنازلات كبيرة، مع بزوغ مرحلة جديدة على المستويين العربي والدولي، يأفل خلالها نجم “الثورات”، وتتراجع فيها أدوار بعض القوى الإقليمية التي تزعمتها.

وأحالت الرسالة المفاجئة التي كشفت التضارب الإخواني، إلى سياقات تحل فيها المرونة والمواءمات السياسية محل أي اعتبار آخر لديهم، حتى لو تم تصنيف ذلك في خانة التناقضات والمبالغات الفجة.

ولم يستغرب طارق أبوالسعد، الباحث في شؤون الإسلام السياسي الخطوة، ورآها معتادة من جماعة الإخوان في الظروف المماثلة التي تمر بها، حيث تعمد في أوقات الأزمات إلى إعادة التموضع داخل السياق الجديد بخطاب مختلف.

وأشار أبوالسعد في تصريح لـ”العرب” إلى أن الجماعة لديها قدرة فائقة على التلون والتأقلم للخروج من أزماتها.

وحذر سياسيون في القاهرة من التعامل المتسرع حيال مواقف الجماعة الأخيرة، التي وصفوها بالمناورات غير الموثوق بها، وأنها تهدف إلى امتصاص أزمة التنظيم والخروج من مأزق الجماعة الإقليمي، خاصة أن الجسد الإخواني وصل إلى أقصى درجات الشد بين طرفي التنظيم المتصارعين. وعلى جانب آخر، شدد خبراء في الشأن الفلسطيني على أن بيان الإخوان الأول، لا يمكن أن يكون قد صدر دون تشاور مسبق مع حركة حماس التي أبدت استعدادها في السنوات الأخيرة لتقديم تنازلات غير مسبوقة على ضوء أزمتها مع داعميها في المنطقة.

ومعروف أن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس، صرح بأن إسرائيل باتت أمرا واقعا لكن لن نعترف به إلا بعد قيام الدولة الفلسطينية.

وقال وزير الخارجية التركي مولود أوغلو، في واشنطن قبل أيام، إن أنقرة مارست ضغوطا على حماس لإلقاء السلاح، والتفاوض مع إسرائيل، والحركة أبدت استعدادها لذلك.

العرب اللندنية