ترامب الجامح يكتشف أن صلاحياته محدودة في مواجهة المؤسسات القوية

ترامب الجامح يكتشف أن صلاحياته محدودة في مواجهة المؤسسات القوية


واشنطن – قلص الكونغرس والقضاء من حماس الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإحداث تغييرات جذرية في قطاعات حساسة، مثلما وعد بذلك خلال حملته الانتخابية.

ولم يصدم ترامب بعقلانية المؤسسات التي كبحت أفكاره الإصلاحية المنفلتة فقط. ولكنه اكتشف، أيضا، أن إدارة البيت الأبيض أكثر تعقيدا من الفوز بكرسي الرئاسة والظهور اليومي أمام وسائل الإعلام، وإطلاق التصريحات التي تنظر إلى العالم من فوق دون حساب التفاصيل.

هناك فرق كبير بين أن تكون رئيسا لمجلس الإدارة في عدد من شركاتك الخاصة وتتصرف في إدارتها بحرية تامة، وبين أن تترأس بلدا في حجم الولايات المتحدة وتضع في حسابك الاهتمام بأدق التفاصيل قبل أن تبادر إلى الاقتراح وعرض القرارات.

ومني الرئيس بانتكاستين مدويتين حول إجراءين مهمين في بداية ولايته هما مرسوم الهجرة وإصلاح نظام التأمين الصحي.

وعكس الإجراء الأول صورة سيئة عن رئيس لا يقيم وزنا لعلاقات بلاده الخارجية خاصة مع بلدان حليفة. أما الثاني فوضعه وجها لوجه مع أعداد كبيرة من الأميركيين في ملف حساس هو الصحة.

ويذكر جون كاري الأستاذ في معهد دارتموث أن “رئيسنا ضعيف في الواقع″، بالمقارنة مع الرؤساء في فرنسا أو في أنظمة سياسية أخرى.

ويقول كاري إن “سلطة الرئيس على النواب تتمثل خصوصا بمدى قدرته على الإقناع، وترامب أساء تماما استخدام قدرته في هذا الخصوص”.

ولا يحق للحكومة في الولايات المتحدة، فرض القوانين بالقوة. والكونغرس يقرر جدول أعماله بنفسه وحقوق المعارضة واسعة تقليديا في مجلس الشيوخ حيث لا بد من الحصول على غالبية موصوفة.
جون كاري: الرئيس الأميركي ضعيف بالمقارنة مع الرئيس في فرنسا

أما القضاء فيُلجأ إليه بشكل منهجي للطعن في القرارات الرئاسية التي يعلق تطبيقها في بعض الأحيان.

ولا يعتبر تدخل القضاء أمرا جديدا. فقد كادت المحكمة العليا تعطل “العقد الجديد” سياسة التدخل التي دعا إليها الرئيس الأسبق فرانكلين روزفلت بعد الركود في ثلاثينات القرن الماضي. إلا أن إقحام القضاء في العمل السياسي تكثف منذ سنوات.

وقال خبير الدستور إيروين شيمرينسكي “لا أتذكر رئيسا واحدا واجه هذا الكم من الطعون أمام القضاء بهذه السرعة”.

وتتم هذه الإجراءات في أجواء من الاستقطاب يدين ترامب خلالها قضاء “مسيسا” على حد تعبيره، يتعدى على صلاحياته الرئاسية.

وتضاف إلى هذه العوامل الهيكلية التي يواجهها كل الرؤساء الأميركيين، جوانب خاصة بترامب.

فهو الرئيس الأقل شعبية في التاريخ الحديث في مطلع ولايته مع نسبة تأييد أقل من 40 بالمئة. وبينما تعاون الديمقراطيون مع الرئيس الشعبوي رونالد ريغن في ثمانينات القرن الماضي، إلا أنهم لا يريدون فعلا التوصل إلى تسوية مع الرئيس الحالي.

وحتى نواب حزبه الجمهوري يتحدونه. فقد تمكنت مجموعة من المعارضين الجمهوريين الأسبوع الماضي من نسف مشروعه لإصلاح نظام “أوباماكير” للتأمين الصحي، مما ينذر ببدء تفكك الحزب.

وعلق ديفيد رود أستاذ العلوم السياسية في جامعة ديوك “إنها أسوأ بداية لولاية رئاسية أشهدها في حياتي”.

لكن وبعد عشرة أسابيع تماما على توليه مهامه، لا يزال الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة يحتفظ بصلاحيات رئاسية يمكن أن تتيح له إذا أحسن استخدامها، استعادة زمام الأمور على صعيد المواجهة الوشيكة حول الموازنة مثلا.

وتابع كاري أن “ترامب ستكون أمامه فرص عدة للعمل بشكل فعال من خلال استخدام المراسيم والتشريعات”، مشيرا إلى أن الرئيس لم “يضع الوقت” بعد فشل مشروعه حول النظام الصحي وانتقل على الفور لإلغاء معايير البيئة التي حددها أوباما.

العرب اللندنية