توحيد الصفوف بين القوى الإقليمية قبل مواجهة إيران

توحيد الصفوف بين القوى الإقليمية قبل مواجهة إيران

يعكس الحراك الدبلوماسي في المنطقة رغبة واضحة في تنقية الأجواء العربية-العربية قبل التوصل إلى بناء تحالف صلب لمواجهة أنشطة إيران في المنطقة.

ويلقى هذا الحراك دعما من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي سعت لإقناع السعودية ومصر بأنه لا مجال للدخول في مواجهة مع إيران قبل توحيد الصفوف خصوصا بين القوى الكبرى في المنطقة العربية وهو التوجه الذي دعمته القمة العربية في عمّان.

وانخرطت مصر والسعودية بشكل سريع في خيار تنقية الأجواء. وأعلنت القاهرة السبت أنها اتفقت مع الرياض على عقد “مشاورات سياسية” بين البلدين قريبا.

وقالت مراجع دبلوماسية عربية إن إدارة ترامب وضعت على رأس أولويّاتها تنقية الأجواء بين حلفائها الإقليميين وهو ما تعبّر عنه زيارات متتالية لمسؤولين عرب إلى واشنطن آخرها زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ولقاؤه المقرر غدا الاثنين مع ترامب، ثم تليها زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي يتحرك بصفته رئيسا للقمة العربية ومفوضا بمتابعة نتائجها.

ومن الواضح أن إيران أصبحت مدركة تماما لما ينتظرها في ضوء تصريحات قوية لوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس وصف فيها طهران بأنها المصدر الرئيس للإرهاب في العالم.

ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن بهرام قاسمي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قوله “تتعمد بعض الدول وفي مقدمتها أميركا تجاهل المصدر الرئيسي للإرهاب التكفيري الوهابي والتشدد”.

وتأتي تعليقات قاسمي بعد تصريحات لماتيس ردا على سؤال عن قوله في 2012 إن التهديدات الثلاثة الرئيسية التي تواجه الولايات المتحدة هي “إيران ثم إيران ثم إيران”. وأضاف ماتيس الجمعة أن سلوك إيران لم يتغير منذ ذلك الحين.

وتابع “في الوقت الذي تحدثت فيه عن إيران كنت قائدا للقيادة المركزية الأميركية وكانت (إيران) المُصدر الرئيسي للإرهاب… بصراحة كانت الدولة الرئيسية الراعية للإرهاب وهي تواصل هذا السلوك اليوم.”

وبدل أن تهاجم دور واشنطن في محاصرتها، تسعى طهران إلى توريط الرياض التي نجحت في استصدار موقف جماعي من القمة العربية ضد أنشطة إيران في المنطقة.

وتعيش إيران وضعا صعبا في ضوء توارد تسريبات عن توافق روسي أميركي إسرائيلي هادف إلى إخراج طهران والميليشيات التابعة لها من سوريا في سياق اتفاق يمكن أن يتم التوصل إليه في جنيف ويطالب القوات والميليشيات الأجنبية بالانسحاب من سوريا، ما قد يجعلها تفقد رهاناتها في المنطقة.

ومنذ عقد لقاء السيسي والملك سلمان على هامش القمة العربية بالأردن وبورصة التوقعات تتزايد في القاهرة لحسم القضايا الخلافية التي عكرت صفو العلاقات مع الرياض.

ورجحت مصادر دبلوماسية لـ”العرب” عقد لقاء السيسي والملك سلمان بالرياض في النصف الثاني من شهر أبريل الجاري، بعد عودة الرئيس المصري من واشنطن ولقائه الاثنين مع ترامب.

ومن المتوقع أن تكون قمة واشنطن نواة لتعاون مهمّ بين البلدين (مصر والولايات المتحدة) ومعهما السعودية بما يفتح الباب لبعض الترتيبات الإقليمية الجديدة حيال تسوية القضية الفلسطينية ومواجهة خطر إيران ومكافحة الإرهاب في المنطقة.

وقال بيان للخارجية المصرية السبت إن وزيري خارجية البلدين المصري سامح شكري والسعودي عادل الجبير اتفقا في مكالمة هاتفية الجمعة على “عقد جولة مشاورات سياسية بين البلدين في القاهرة قريباً لتناول مسار العلاقات الثنائية وكافة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.

وعلمت “العرب” أن هدف لقاء القاهرة التشاوري هو طيّ صفحة الخلافات تماما، قبل لقاء السيسي والملك سلمان في الرياض وهو ما يتسق مع قناعة القيادتين بضرورة عقد حوار بناء يحدد ملامح التحالف الجديد وهامش الخلاف المقبول في التفاصيل.

وقال محمد مجاهد الزيات رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط سابقا إن لقاء البحر الميت بين الزعيمين أتاح فرصة جيدة للقفز على الخلافات وترطيب الأجواء السياسية، ومهّد الطريق أمام المزيد من اللقاءات على المستوى الوزاري والأمني لطيّ الصفحة الماضية على أسس وقواعد متينة تحول دون القطيعة مستقبلا.

وأضاف الزيات لـ”العرب” أن هناك شواهد جدية على تقارب واضح بين البلدين في قضايا كانت خلافية بينها الملف السوري واليمني بوجه خاص حيث جددت القاهرة دعمها للشرعية اليمنية وتأييدها للرئيس عبدربه منصور هادي.

وعقب اللقاء الأربعاء الماضي بين الملك سلمان والسيسي قال وزير الخارجية السعودي في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية إن الرياض والقاهرة “متطابقتان في الرؤى في جميع المجالات سواء في الأزمات التي تواجهها المنطقة أو الحذر من الخطر الذي تشكله إيران. وهناك مبالغة في تفسير أيّ تباين في مواقف البلدين بشأن سوريا واليمن”.

وكانت الرياض قد بدأت خطوات الانفراج بالإعلان عن أن شركة النفط السعودية الحكومية أرامكو ستستأنف توريد المنتجات البترولية إلى مصر بعد نحو ستة أشهر من توقفها بشكل مفاجئ.

وتزامن القرار مع الزيارة التي أداها إلى واشنطن وليّ وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ولقائه بالرئيس ترامب ومسؤولين أميركيين بينهم وزير الدفاع.

واعتبرت الخطوة وقتها امتدادا لمساعي واشنطن في تنقية الأجواء بين الدول الإقليمية الكبرى قبل التفرغ لمواجهة إيران.

وأشار محمد السعيد إدريس الخبير في الشؤون الخليجية إلى أن كلا من مصر والسعودية بحاجة إلى الآخر وأن المصالح الحيوية تفرض عليهما سرعة التقارب، لافتا في تصريح لـ”العرب” إلى أن لقاء السيسي والملك سلمان سوف يتم بعد الانتهاء من تسوية الخلافات الرئيسية.

صحيفة العرب اللندنية