بداية دامية لـ’أسبوع آلام’ المسيحيين في مصر

بداية دامية لـ’أسبوع آلام’ المسيحيين في مصر


القاهرة – في تحدٍّ غير مسبوق لأجهزة الأمن المصرية، استهدفت عناصر إرهابية الأحد كنيستين، إحداهما في مدينة طنطا (شمال القاهرة)، والأخرى في الإسكندرية على البحر المتوسط، ما أودى بحياة العشرات من المواطنين وإصابة آخرين.

ووقع الانفجار الأول الذي أسفر عن 27 قتيلا و78 جريحا في كنيسة مار جرجس قبيل الساعة العاشرة صباحا (8:00 توقيت غرينيتش) أثناء أحد السعف (الشعانين) في بداية “أسبوع الآلام” الذي يسبق عيد الفصح.

وكانت طنطا التي تبعد نحو 100 كيلومتر عن القاهرة، قد شهدت قبل عدة أيام تفجيرًا أمام أحد مراكز تدريب الشرطة، أسفر عن مصرع رجل أمن وإصابة عدد من المدنيين.

وأوقع الانفجار الثاني 16 قتيلا و40 جريحا بينهم ثلاثة من الشرطة قرابة الساعة 12 ظهرا مستهدفا الكنيسة المرقسية في مدينة الإسكندرية قرابة 200 كم شمال القاهرة.

ووقع تفجير كنيسة الإسكندرية بعد لحظات قليلة من مغادرة تواضروس الثاني، بابا الأقباط وبطريرك الكرازة المرقسية، والذي كان يقود قداس الأحد فيها.

وتبنى تنظيم داعش التفجيرين، حسبما ذكرت وكالة أعماق التابعة له. وقال مراقبون، إن تنظيم داعش أراد إبلاغ رسالة للحكومة المصرية مفادها أنه مستمر في استهداف الأقباط، ليس في داخل سيناء فقط، بل وفي كل المحافظات المصرية.

وسارع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى عقد اجتماع طارئ مع مجلس الدفاع الوطني، انتهى بتبنيه قرارا بالدفع بعناصر من القوات المسلحة لمعاونة الشرطة في تأمين المنشآت الحيوية بكافة محافظات مصر، في خطوة لافتة تعكس حقيقة أن السيسي القادم من المؤسسة العسكرية لا يستطيع الاطمئنان إلا لها.

وأكدت مصادر حكومية لـ”العرب”، أنه سيتم فتح تحقيق موسع مع أطراف أمنية على علاقة بخطة تأمين الكنائس في أسبوع الآلام، ومحاسبة المتورطين في وجود ثغرات أمنية وعدم تكثيف الإجراءات الاحترازية، وتحديدًا في مديرية أمن محافظة الغربية.

وأشار مراقبون إلى أن التصعيد غير المسبوق ضد الأقباط ومحاولة استهداف البابا نفسه، يرمي إلى إحراج أجهزة الأمن وزيادة الضغوط الواقعة على الحكومة، باللعب على وتر العلاقة بين النظام والأقباط، باعتبارهم كتلة صلبة ما تزال تدعم السيسي.

وعزا متابعون وقوع التفجيرين في منطقتين معروف عنهما الهدوء والبعد عن أماكن التوتر الأمني، إلى عدم تشديد الإجراءات الأمنية بالقدر الكافي، حيث جرى التعامل بتراخٍ مع دخول المصلين، وهو ما استغلته العناصر المتطرفة.

وقالوا إن وصول انتحاري إلى الكنيسة التي كان يتواجد فيها بابا الأقباط يرسخ لدى الأقباط فكرة غياب الحماية الأمنية، ما يدفع النظام إلى اتخاذ إجراءات للتهدئة، ربما تصل إلى التضحية بعدد من القيادات الأمنية، وهو ما تم فعلا بإقالة مدير أمن محافظة الغربية.

ويعاني أقباط مصر من محاولات الاستهداف الشخصي وفي الكنائس منذ دعمهم لثورة 30 يونيو 2013 والإطاحة بنظام حكم جماعة الإخوان المسلمين.

ويمثل الأقباط كتلة صلبة تؤيد السيسي منذ وصوله إلى الحكم، ويهدف اللعب على هذا الوتر إلى هز علاقته الجيدة بهم.

وقال اللواء محمد نورالدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن حادثي الكنيستين محاولة لضرب الاستقرار الأمني في البلاد وإحداث وقيعة بين الأقباط والحكومة بما يخدم مصالح التيارات المناوئة للنظام.

وأضاف لـ“العرب”، أن وقوع حوادث إرهابية ضخمة في البلاد أمر متوقع، لا سيما بعد تصنيف وزارة الخارجية الأميركية لمصر على أنها بلد آمن.

وتواترت ردود الأفعال الدولية المنددة بالهجومين الإرهابيين، وقام بابا الفاتيكان فرانسيس المتوقع أن يقوم بزيارة إلى القاهرة يومي 28 و29 أبريل، بتعزية البابا تواضروس.

وأعربت فرنسا عن تضامنها مع القاهرة داعية إلى توحيد الجهود ضد الإرهاب.

وقدّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه لأسر الضحايا وقال في برقية “من الواضح أن الإرهابيين لا يسعون فقط لترويع الناس بل ولإظهار وجود خلاف بين أبناء العقائد المختلفة”.

من جهتها أعلنت دول الخليج عن دعمها لمصر في “مواجهة هذه الأعمال الإجرامية”، وكذلك تونس والمغرب والأردن والجزائر واليمن ولبنان والسودان.

العر اللندنية