رئيسي مرشح المحافظين لإزاحة روحاني في انتخابات الرئاسة الإيرانية

رئيسي مرشح المحافظين لإزاحة روحاني في انتخابات الرئاسة الإيرانية


طهران – توصل المحافظون في إيران إلى توافق بشأن ترشيح رجل الدين المحافظ إبراهيم رئيسي (57 عاما) لخوض انتخابات الرئاسة المقررة في مايو ومنافسة الرئيس المعتدل حسن روحاني وقراراته الاقتصادية وسياسته القائمة على التقارب مع الغرب.

ويأمل المحافظون من وراء هذا القرار في تجنب تفتيت أصوات أولئك الذين يتعطشون لما يعتبرونه إحياء لقيم الثورة الإسلامية عام 1979، خاصة وأن رئيسي حليف وثيق للزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي كما أنه يزدري الغرب.

وقد يكابد رئيسي الذي كان مدعيا عاما لإثبات نفسه بين الناخبين، لكن محللين يقولون إن دعم خامنئي له قد يجعله تحديا حقيقيا لمسعى روحاني للفوز بولاية ثانية.

ورئيسي شخصية تقع في منتصف التسلسل القيادي للسلطة الدينية في إيران الشيعية لكنه كان مسؤولا كبيرا لعقود في السلطة القضائية التي تضع سيطرة رجال الدين على البلاد موضع التنفيذ.

وربما يجد المدعي العام السابق صعوبة حتى يعرفه الناخبون بيد أن محللين قالوا إن رئيسي قد يشكل تهديدا لمحاولة روحاني للفوز بفترة رئاسية ثانية وذلك بفضل الدعم من الصقور المتمسكين بمراكز القرار.

وانتقد رئيسي الأداء الاقتصادي للبلاد في ظل رئاسة روحاني وسعيه للتقارب مع الغرب والذي أدى إلى إبرام اتفاق نووي تاريخي في 2015 مع القوى العالمية يقضي بالحد من البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات عنها.

رئيسي مسؤول منذ 2016 على منظمة «آستان قدس رضوي» وهي مؤسسة دينية ميزانيتها المليارات من الدولارات

وقال رئيسي في بيان نشرته وكالات أنباء إيرانية “يسأل الناس لماذا بلادنا في هذا الوضع رغم كل مواردنا ومواهبنا البشرية؟”.

وأضاف “الحل الرئيسي لمشكلاتنا هو تغيير جذري في الإدارة التنفيذية للبلاد بإرادة الشعب وتشكيل حكومة قادرة تحظى بالمعرفة وتعمل ليلا ونهارا لاستعادة كرامة الشعب ومحاربة الفقر والفساد”.

وفاز روحاني بالرئاسة في 2013 بدعم من الشبان والنساء بالأساس. ووعد بإخراج البلاد من عزلتها الدولية وإقامة مجتمع يتمتع بحرية أكبر.

لكن الكثير من الإيرانيين فقدوا الثقة فيه لأنه لم يتمكن من تحسين وضع الاقتصاد رغم تخفيف العقوبات في يناير بموجب الاتفاق النووي.

ويقول نشطاء في مجال الحقوق إن السلطات الإيرانية لم تتحرك أو اتخذت خطوات قليلة في سبيل توفير المزيد من الحريات السياسية والثقافية.

ويتولى رئيسي (57 عاما) مسؤولية منظمة “آستان قدس رضوي” المعنية بأقدس الأضرحة الإيرانية في مدينة مشهد.

وذكر بيان رئيسي أنه لن يستغل المزايا الدينية والمالية لمنصبه في حملته الانتخابية.

وإذا فاز رئيسي في الانتخابات المقررة في 19 مايو فإن ذلك سيعزز فرصه في خلافة خامنئي.

وقال حسين رسام وهو مستشار لوزارة الخارجية البريطانية بشأن إيران “ترشيحه يأتي بمثابة المفاجأة ويشكل تهديدا.. وتهديدا كبيرا.. لروحاني”.

وأضاف “بل إن الفرص باتت أكبر الآن لأن نشهد انتخابات من جولتين في إيران على أن تكون الجولة الثانية شديدة الاستقطاب”.

وانتخب روحاني قبل أربع سنوات بعد تحقيقه فوزا كاسحا في الجولة الأولى متجنبا جولة إعادة بحصوله على أكثر من 50 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى بفضل تعهدات بالحد من عزلة إيران الدولية وإتاحة المزيد من الحريات في الداخل. ولم يفز أي مرشح آخر بأكثر من 17 في المئة من الأصوات.

لكن قد يواجه روحاني هذه المرة تحديا أشد إذا وحد محافظ واحد مثل رئيسي المحافظين خلفه وشق طريقه نحو جولة ثانية.

واستفاد رئيسي من انتقاد المحافظين لسجل روحاني قائلين إن الرئيس يراهن بشدة على التقارب مع الأعداء ولم يفعل شيئا يذكر في الداخل لتحسين الاقتصاد.

وقال رئيسي في سبتمبر “مشكلاتنا لن يحلها الأميركيون والغربيون، فهم لم يحلوا مشكلة واحدة لأي بلد. لم يجلبوا شيئا سوى الشقاء للدول الأخرى”.

وعين خامنئي رئيسي في 2016 رئيسا لمنظمة “آستان قدس رضوي” المسؤولة عن مؤسسة دينية ميزانيتها المليارات من الدولارات تدير تبرعات لأقدس ضريح في البلاد في مدينة مشهد.

وتملك المؤسسة الدينية، التي تتبع ذراعها الاقتصادية 36 شركة من بينها مناجم ومصانع نسيج ومصنعا للأدوية بل وشركة نفط وغاز كبرى.

وذكر دبلوماسي إيراني كبير رفض الكشف عن هويته أنه حتى قبل الثورة “كان أولئك الذين يقودون هذا الوقف قريبين للغاية من رئيس الدولة ومن القيادة العليا للبلاد. رئيسي لديه قوة كبيرة”.

وقال محللون إن خامنئي الذي يفوق الرئيس المنتخب مكانة بارك ترشيح رئيسي. واستقال رئيسي الأسبوع الماضي من مجلس إشرافي على الانتخابات، وهو منصب لا يسمح له بالترشح للانتخابات.

وقال مسؤول كبير طلب عدم نشر اسمه “ما كان لرئيسي أن يستقيل من منصبه الحالي للترشح للرئاسة من دون مباركة خامنئي. إنه منافس قوي للغاية لروحاني”.

وتثير محاولة رئيسي للترشح للرئاسة قلق بعض الإصلاحيين نظرا لفترة عمله الطويلة في السلطة القضائية الإيرانية التي تتبع نهجا محافظا.

وكان نائبا لمدعي طهران في 1988 في وقت أُعدم فيه الآلاف من السجناء. وكان رئيسي نائبا لرئيس السلطة القضائية لعشر سنوات قبل أن يعين في 2014 مدعيا عاما لإيران.

وقال رسام المستشار السابق لبريطانيا بشأن إيران “رئيسي يعرف طريقه في الممرات المظلمة للسياسة الإيرانية على نحو جيد للغاية. لكنه متعود على مساءلة الساسة في الظلال المريحة للسلطة القضائية أكثر ممن هم في دائرة الضوء”.

ويعتبر بعض الساسة الإيرانيين أن رئيسي يجري إعداده لخلافة خامنئي، الذي يبلغ من العمر 77 عاما ويشغل منصب الزعيم الأعلى منذ 1989، والرئاسة هي خطوة أولى.

وقالت النائبة الإصلاحية السابقة جميلة كاديفار “رئيسي موجود في دائرة ثقة خامنئي. كان أحد طلاب خامنئي وأفكاره قريبة للغاية من أفكار الزعيم الأعلى”.

العرب اللندنية