تيلرسون في موسكو لبحث جدوى استمرار بوتين بمساندة الأسد

تيلرسون في موسكو لبحث جدوى استمرار بوتين بمساندة الأسد

واشنطن – يرصد المراقبون باهتمام التحوّل الذي طرأ على الموقف الغربي برمته جراء التبدل الجذري في موقف الإدارة الأميركية بعد قصف قاعدة الشعيرات الجوية السورية بصواريخ توماهوك.

ويلفت هؤلاء إلى التأييد الشامل للموقف الأميركي من أستراليا واليابان انتهاء بكندا مرورا بدول الاتحاد الأوروبي، بما يعيد إنعاش تحالف غربي أطلسي غابت أعراضه في السنوات الأخيرة، وبما يعيد لواشنطن موقع زعامة ما يطلق عليه بـ”العالم الحر”.

ووصل وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى موسكو في زيارة يفترض أن يلتقي خلالها بنظيره الروسي سيرجي لافروف اليوم الأربعاء.

وقال تيلرسون خلال اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في إيطاليا إنه يتعين على روسيا إعادة النظر في تحالفها في ظل الهجوم الكيميائي الذي تتهم واشنطن دمشق بارتكابه في خان شيخون في شمال غرب سوريا. وأضاف “أعتقد أنه من المفيد أيضا التفكير في انحياز روسيا إلى نظام الأسد والإيرانيين وحزب الله”.

وتساءل الوزير الأميركي “هل يخدم هذا التحالف مصالح روسيا على المدى الطويل؟ أم أن روسيا تفضل أن تكون إلى جانب الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى ودول الشرق الأوسط التي تسعى إلى حل الأزمة السورية؟”.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أن اجتماع مجموعة السبع واللقاء الموسع مع عدة دول عربية (قطر والأردن والإمارات والسعودية) وتركيا شددا على القول إن “لا مستقبل ممكنا لسوريا مع بشار الأسد”.

وتؤكد مراجع دبلوماسية أوروبية أن موقف مجموعة الدول السبع التي اجتمعت في إيطاليا يروم تشكيل جبهة دبلوماسية قد تأخذ طابعا عسكريا في ما بعد تهدف إلى التحرّك لمواجهة تنامي النفوذ الروسي عامة وفي الشأن السوري خاصة. لكن عدم اتفاق المجتمعين على فرض عقوبات جديدة على موسكو ودمشق عزز من خيار عدم تصعيد الأمر مع موسكو قبل معرفة نتائج زيارة تيلرسون لموسكو.

وصدرت إشارات أخرى تفيد باستمرار واشنطن وحلفائها في السعي لتسوية سياسية، فقد تواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ومع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وصدر عن الاتصال الأول ما يؤمل منه “نافذة حل” في سوريا، فيما أفاد وزير الخارجية الألماني أن اجتماع مجموعة السبع هدفه “حمل روسيا على دعم العملية السياسية من أجل تسوية سلمية للنزاع السوري” مؤكدا أن هذا هو موقف تيلرسون.

لكن موسكو استبقت وصول وزير الخارجية الأميركي بإعلان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية عن اجتماع لوزراء خارجية روسيا وسوريا وإيران نهاية هذا الأسبوع. فيما حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أي “استفزازات” بالسلاح الكيميائي يجري إعدادها، بحسب قوله، في سوريا لتوريط الرئيس السوري بشار الأسد.

وكشفت مصادر روسية مطلعة أن موسكو تراقب بقلق الموقف الدولي الذي انقلب تماما في الأيام الأخيرة وبات بعيدا عما جهدت روسيا في تسويقه وكادت تنجح فيه بشأن إعادة تعويم الرئيس السوري بشار الأسد أو تأجيل البت في مصيره على الأقل.

وتلاحظ هذه المصادر أن مستوى التدهور في العلاقات الروسية الغربية لا سابق له منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وأن ذلك يتداعى على مستوى الانتشار العسكري المتبادل في أعالي البحار في العالم.

وقال وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف إن العلاقات الروسية الأميركية هي الأصعب منذ الحرب الباردة، متطلعا إلى محادثات مثمرة مع تيلرسون. فيما نقلت صحيفة الإندبندنت البريطانية عن مصدر عسكري أميركي رفيع في قيادة الناتو أن الحركة العسكرية البحرية الروسية تجاوزت مستويات الحرب الباردة.

ورغم تخوّف خبراء غربيين في الشؤون الروسية من أن تسبب الضغوط الغربية الجماعية رفعا لمستوى التعنت الروسي ورد فعل عكسي من قبل بوتين، ترى بعض الأوساط أن السياسة الخارجية الروسية التي راجت في السنوات الأخيرة مستفيدة من حالة الفراغ الأميركي الغربي في ملفات عديدة بما فيها الملف السوري، ستأخذ بعين الاعتبار اندثار هذه القاعدة مع عزم واشنطن وحلفائها العودة للعب دور فاعل مباشر في المسألة السورية لما لذلك من علاقة مباشرة بالحرب ضد داعش.

ولفت المراقبون إلى تصريح وزير الخارجية الفرنسي الذي طالب بأن يكون هناك وقف لإطلاق النار في سوريا يشرف عليه المجتمع الدولي كخطوة أولى، ما فهم أنه نزع للحصرية التي تتمتع بها روسيا ومجموعة دول أستانة في هذا الصدد.

وتعتقد مراجع روسية مراقبة أن موسكو تلقت الرسائل الغربية التي تطالبها بالتخلي عن الأسد وهي فهمت من ذلك أن العالم الغربي يود عودة التعاون مع روسيا إذا ما تم إيجاد صيغة تضع الرئيس السوري خارج الحكم في نهايتها.

العرب اللندنية