توشيبا.. غرق عملاق آخر لم يتجاوب مع تغيرات التكنولوجيا

توشيبا.. غرق عملاق آخر لم يتجاوب مع تغيرات التكنولوجيا


لندن – ضم التسارع في توغل التكنولوجيا عملاقة الأجهزة الكهربائية والمنزلية توشيبا إلى صفوف الشركات التي تعاني انهيارا منذ التغير الجذري في مفهوم رقمي حيّد كثيرا منتجات شكلت العمود الفقري لسوق التكنولوجيا التقليدية لعقود.

ودخلت شركة توشيبا على ما يبدو مرحلة انهيار وسط خسائر غير مسبوقة أعلنت عنها في بيان إيراداتها خلال الربع الأخير من العام الماضي، ولكن دون موافقة جهات المراجعة وبعد إرجاء إعلانه مرتين.

ويتضمن التقرير صافي خسائر يقدر بـ647.8 مليار ين (86.5 مليار دولار) خلال هذا الربع بسبب الخسائر الكبيرة لأعمالها المتعلقة بالطاقة النووية في الولايات المتحدة.

وانخفضت المبيعات خلال نفس الربع من العام بنسبة 9.3 بالمئة مقارنة بعام 2015 لتصل إلى 27.1 تريليون ين. وتدفع توشيبا اليوم ثمن عدم قدرتها على التجاوب مع متغيرات التكنولوجيا.

وترددت الشركة لعقود في إجراء تحولات كبيرة باتجاه ضخ استثمارات في شركات فرعية تابعة لها لإنتاج هواتف ذكية وأجهزة كومبيوتر لوحي وأجهزة تلفزيون ذكي تجاري، تحقق التقدم الذي حققته شركتا سامسونغ وأبل اللتان تتمتعان ببيئة استثمارية تدعم وادي السيليكون المزدهر.

وبدأت ملامح تغير في ثقافة الاستثمار اليابانية تظهر مع الوقت. وضخت مصارف كبرى ورجال أعمال استثمارات في النمو المتسارع الذي تحققه شركات التكنولوجيا المغامرة. وقفز حاجز الاستثمارات في شركات التكنولوجيا الصغيرة إلى 2.5 مليار دولار، من 450 مليون دولار منذ عام 2010.

وتمكنت الطفرة في شركات التكنولوجيا الاستهلاكية في اليابان من الضغط على عمالقة شركات الإلكترونيات مثل توشيبا، التي ضخت المليارات للاستثمار في الطاقة النووية منذ عام 2006 بدلا من الانتباه لطفرة الهواتف الذكية التي لحقت ذلك بعامين. ونتج عن قرار الشركة تكبدها خسائر فادحة.

وتقول أكيرا كيتامورا، رئيسة مركز أبحاث رؤوس الأموال في اليابان، إن “الشركات تستثمر في الابتكارات التكنولوجية لأنها لا تريد أن ينتهي بها الحال كتوشيبا وشارب”، اللتين تكبدتا خسائر كبيرة خلال السنوات الأخيرة.

وتمر شركة توشيبا بمرحلة من التراجع مماثلة لمرحلة سابقة مرت بها شركة “أي بي إم” التي حققت نجاحا كبيرا في صناعة الكومبيوتر الشخصي.

وكان السبب وراء هذا التراجع إصرار نوكيا على استهداف الفقراء الذين ليست لديهم القدرة على شراء الهاتف الذكي. لكن أبل وسامسونغ باغتتا السوق عندما طرحتا منتجاتهما بأسعار أرخص من المتوقع، وتمكنتا من إخراج نوكيا من المنافسة.

وفهمت سامسونغ على وجه الخصوص أبعاد السوق الجديدة التي تعتمد على الاستثمار في الأفكار، وانتقلت سريعا من التركيز على الاستثمار في الإلكترونيات والأجهزة المنزلية إلى التكنولوجيا التي ساهمت في صعود تاريخي في قيمة الشركة.

وأنقذت هذه الخطط سامسونغ من الجمود الذي ضرب عمالقة آخرين لم تفهم قياداتهم الفائدة من أخذ الاستثمار في المكونات الصلبة للتكنولوجيا والبرمجيات والتطبيقات الذكية، على محمل الجد.

ويظهر هذا التراجع اليوم خصوصا في اليابان التي مازالت تحكم سوق الاستثمار الرئيسية فيها عقلية محلية، يصعب عليها فهم احتياجات السوق العالمية.

ويقول يسوكي أساكورا الذي يقود مجلسا يضم شركات تكنولوجية في طوكيو، إن “عقلية الأعمال اليابانية تحتاج إلى تغيير عاجل”.

وأضاف أساكورا الذي قاد تحولا جذريا كمدير تنفيذي لشركة “ميكسي” وهي خدمة تواصل اجتماعي في اليابان، إن “اليابانيين يقدرون جيدا العمل الشاق لساعات طويلة، لكن ما يخلق الإبداع ليس التمسك بهذا العمل الشاق، ولكن التفكير فيه باعتباره شاقا أكثر من اللازم، بحيث نتمكن من إيجاد وسائل بديلة تجعلنا ننتج أكثر وبجهد أقل”.

العرب اللندنية