حقول الغاز تشعل الحرب المقبلة في الشرق الاوسط

حقول الغاز تشعل الحرب المقبلة في الشرق الاوسط

 

شذى خليل *

الغاز مصدر ثروة، واداة نفوذ وهيمنة، وعصب حروب متنقلة من بلد الى اخر، وتسعى الدول المتقدمة الصناعية جهدها للحد من الانبعاثات المتسببة للاحتباس الحراري ، للحفاظ على الكوكب من تلوث الانهار او البحار او التربة ، وبما ان احتياطي النفط محدود بين 50-70 سنة المقبلة، فلا بد من البحث عن بدائل مثل الطاقة النظيفة .
صراع الغاز : اثبت الاكتشاف والتنقيب وتطوير الوسائل والتكنولوجيا في منطقة الشرق الاوسط ، احتواءها على طاقة هائلة من الغاز تقدر قيمتها بمئات المليارات الدولارات، تشبه منطقة الخليج العربي في بداية السبعينيات، لكن الحقول المتداخلة بين اسرائيل ، ولبنان ، واليونان، وقبرص، اوجدت صراعا على هذا الكنز ، قد يؤدي الى اشتعال الحرب، وبخاصة ان اسرائيل وقبرص بدأتا فعلا ببسط نفوذهما واستغلال بعض الحقول .

وتعد حقول الغاز في منطقة الشرق الاوسط ، مصدرا غنيا للطاقة حيث اشارت تقارير دولية اصدرتها ” المؤسسة الامريكية للمسح الجيولوجي” الى ان الاحتياطي في منطقة الشرق الاوسط يبلغ 122 تريليون متر مكعب ، و 1.7 مليار برميل نفط .
ورافق هذا سباق دول وتحالفات دولية؛ حيث تحالف قبرص واليونان واسرائيل، اما لبنان وتركيا ومصر فهي اكبر الخاسرات .

في البداية لابد للإشارة الى المنطقة الاقتصادية الخالصة ، التي يحددها القانون الدولي للبحار لعام 1982، وهي احقية الدولة، في الامتداد نحو 200 ميل بحري ضمن مناطق الولاية الوطنية ، اذ يحق للدولة ان تمارس اي نشاط اقتصادي والاكتشاف والتنقيب، والاستغلال لأي ثروة تقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة لها ، ففي عام 2003 وقعت مصر مع قبرص اتفاقية لاقتسام المنطقة الاقتصادية الخالصة بينهما ، وفي 2011 اعلنت قبرص اكتشاف حقل أفروديت ، اذ يقدر الاحتياطي له 27 تريليون قدم مكعبة من الغاز، ويمثل اعلى احتياطي عالمي، بقيمة 120 مليار دولار.

ووقعت اسرائيل ايضا مع شركة امريكية، اتفاقية للتنقيب والاكتشاف، حيث اكتشفت أحد أكبر حقول الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، وهو حقل لفيتان العملاق للغاز، و الأكبر في تاريخ شركة “نوبل إنرجي”. ويقع تحت السيادة الاسرائيلية، ويقدر احتياطي الغاز فيه اكثر من 16تريليون قدم مربعة، وتعقد اسرائيل آمالا اقتصادية كبيرة على استغلاله وتصدير غازه إلى دول الجوار، وفي مقدمتها مصر والأردن ثم تركيا.
و يقع حقل غاز لفيتان البحري على مسافة تقدر بحوالي 190 كيلومترا شمال مدينة دمياط شمال شرقي مصر، في السفح الجنوبي لـ”جبل إراتوستينس” البحري بشرق البحر المتوسط، بين قبرص ومصر في منطقة يفترض أنها اقتصادية خالصة لمصر، بينما يبعد الحقل بـ233 كيلومترا غرب حيفا على عمق 1500 متر، اذ تعد المنطقة من أغنى مناطق الغاز الطبيعي في العالم.

بعد الإعلان عن اكتشاف حقل لفيتان اعتبرت إسرائيل ذلك بداية الطريق لتحولها من مستورد إلى مصدر للغاز، وتحدث وزير الطاقة الإسرائيلي حينها يوفال شتاينتسعن عن “رؤية عندما تكون إسرائيل لاعبا رئيسا في سوق الطاقة”، معتبرا الغاز الطبيعي “المحرك الرئيسي لجهود صياغة علاقات تقارب بين إسرائيل وتركيا”، وفي 13 سبتمبر/أيلول 2013، تقدمت شركة “تركاس” الفرع التركي لشل باقتراح مد خط أنابيب غاز طبيعي من حقل لفيتان، يمتد الى جنوب تركيا، بتكلفة 2.5 مليار دولار، ويمكنه نقل 16 مليار متر مكعب من الغاز.
ويذكر ان حقل “لفيتان” يحتوي على الغاز الملوث بسلفيد الهيدروجين، الذي ستتعين إزالته بتكلفة إضافية” مما سيرفع ثمن الغاز المستخرج من الحقل، ويصعب تسويقه، وتحيط شكوك بخريطة المسح الجيولوجي الأميركي التي تذهب إلى وجود اختلاف بالأرقام ، في موقع حقل غاز لفيتان تجعله أبعد عن مصر، وكذلك حقل غاز تمار ليظهر أبعد عن لبنان من الواقع.

حقل شمشون : وهو من الحقول المهمة التي تقع في الحوض المتوسط وبدأ تطويره عام 2012 لصالح اسرائيل ،ويقدر احتياطيه من الغاز بـ 3.5 تريليون متر مكعب ، ويقع الحقل على بعد 237 كم من حيفا، و114 كم من دمياط ، مما يؤكد انه ضمن الحدود الاقتصادية الخالصة لمصر .
والحقول الثلاثة ( لفيتان ، أفروديت ، شمشون ) يتجاوز احتياطاتها 36 تريليون قدم مكعبة من الغاز، التي تقدر قيمتها بـ 240مليار دولار.
وحسب المعطيات والدراسات المقدمة، فان اسرائيل وقبرص هما المستفيدتان من تلك الحقول، بينما تتجه مصر لاستيراد الغاز من اسرائيل ، بعدما كانت اسرائيل تعتمد على مصر بـ 43% لسد احتياجاتها من الغاز .
وتهدف اسرائيل من عمليات التنقيب، الة تحقيق اهداف اقتصادية، ومحلية ، وسياسية اقليمية ، واستراتيجية دولية ، وهو ذو اهمية مالية كبيرة لما يحققه من ارباح مالية هائلة ترفد الخزينة الاسرائيلية وتسهم بالنمو الاقتصادي ، فمثلا الاتفاق مع مصر وحدها يدخل 700 مليون دولار لخزينة اسرائيل .
والدول الاوربية تشجع اسرائيل على استغلال تلك الثروة الهائلة ، لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي ، الذي توقف عن امداد اوروبا بسبب الازمة الاوكرانية، وهنا نجد ان اسرائيل بعد اكتشاف الغاز ، تقدم نفسها بديلا عن روسيا ، خاصة ان جسر الطاقة الذي يمتد بين شرق المتوسط والاتحاد الاوربي يعتمد بنحو 25% على الغاز المصدر من روسيا.

والوجه الاخر للصراع: ان الاتفاق بين اسرائيل وقبرص عام 2010 لتقاسم اكتشاف منطقة بحرية متنازع عليها مع تركيا، وتوسعت اسرائيل بتنقيبها الى المنطقة الاقتصادية اللبنانية .

لبنان :
ملف الغاز والنفط في المنطقة الحدودية البحرية المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان دائم التوتر ، ويقدّر المختصون اللبنانيون ان حجم الاحتياطيات البحرية اللبنانية من الغاز بـ 96 تريليون قدم مكعبة، ومن النفط عند 865 مليون برميل، لكن النزاعات السياسية بين الأطراف اللبنانية المتنافسة حالت دون البدء في عملية التنقيب وتطوير القطاع.
وان الخط الفاصل بين لبنان واسرائيل يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها ، وهذا الخط يحوي تحته احتياطا هائلا من الغاز والنفط ، الذي من المحتمل ان يكون هناك اقتتال او صراع حوله ، اذا لم يحصل لبنان على حصته من الغاز كما يقدرها.
من جهتها لبنان قدمت احتجاجا الى الامم المتحدة بخصوص تعدي اسرائيل وقبرص، بخصوص المنطقة الاقتصادية الخالصة لها ، مما ادى الى فقدان لبنان مساحة كبيرة من الغاز، وايضا اعتماد اسرائيل على التنقيب العمودي وليس الافقي ، مما يؤدي الى الدخول بالعمق الاراضي اللبنانية .
ان المشاكل الداخلية اللبنانية والصراعات الطائفية جعلها تخسر اكثر ، مما ادى الى استفادة اسرائيل من التراخي اللبناني ، بالحصول على الثروة الهائلة من الغاز .
لكن وبحسب موقع غلوبس” الإسرائيلي”، توجه إسرائيل بطلب للولايات المتحدة والأمم المتحدة بهدف الضغط على الحكومة اللبنانية لتغيير المناقصة التي تعدها للتنقيب عن الغاز في خمسة “بلوكات” مائية. وأوضح “جلوبس” أن “ثلاثة من تلك البلوكات تقع على الحدود البحرية لإسرائيل وتخضع لمنطقة مائية متنازع عليها بين الدولتين في منطقة تصل مساحتها إلى 800 كم مربع”، وتقدر لبنان أن مياهها الإقليمية تحوي 850 مليون برميل بترول، وما لا يقل عن 2,700 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وهي الكمية التي توازي الإمكانية الإسرائيلية بما في ذلك الحقول التي اكتشفت اخيرا.

واعتبر الأستاذ المحاضر في الجامعة الأميركية والخبير الاقتصادي اللبناني كامل وزنة، أن اسرائيل تسعى للتصعيد ، بهدف منع لبنان من الحصول على استثمارات في أراضيه وبلوكاته السيادية، ولدفع الشركات الكبرى التي تنوي الاستثمار في النفط اللبناني إلى سحب استثماراتها. وكان لبنان خاض إجراءات أولية لتصنيف شركات النفط والغاز في عام 2013 تمكنت 46 شركة من أصل 52 من اجتيازها.

ووفقاً للموقع الإسرائيلي(غلوبس)، فإن تقديرات لبنان بشأن كمية النفط والغاز التي تمتلكها في مياهها الخالصة “توازي الكمية المقدّرة في المياه الاقتصادية الإسرائيلية الخالصة، بما في ذلك الآبار المكتشفة سابقا”.
وتخشى إسرائيل، التي تجد صعوبة في جلب المستثمرين نتيجة الصراع الفلسطيني، أن يزاحمها الطرف اللبناني.
وخلال مشاركته في مؤتمر للغاز عقد اخيرا في نيقوسيا بقبرص أشار مدير الموارد النفطية في وزارة الطاقة اللبنانية، وسام إدموند ، إلى وجود فرص كبيرة للعثور على الغاز والنفط في البلوكات المعروضة للمناقصة.

وذكر أنَّ إسرائيل تتجه لاتخاذ خطوات أحادية تحت مسمى قانون المناطق البحرية “الذي يحدّد المناطق الإقليمية البحرية لإسرائيل، بحيث تتضمن المنطقة المتنازع عليها”، وأعرب كامل وزنة في تصريحاته عن” مخاوفه من نوايا إسرائيل السطو على غاز لبنان”.

حقل تمار للغاز : اكتشف عام 2009. ويقع على بعد 90 ميل غرب حيفا ، ويبعد 35 كم ضمن المنطقة الاقتصادية اللبنانية، وهو من الحقول المهمة للغاز الطبيعي في البحر المتوسط، ويقع ضمن منطقة متنازع عليها بين لبنان واسرائيل ، التي تسيطر عليه.
وبدأ العمل به في مارس 2013 بنقل الغاز الى عسقلان، وضمن اتفاقية ينقل من عسقلان الى مصر ، رغم مطالبة لبنان بأحقيتها بالحقل ، حسب قولها ، نجد هنا ترسيم الحدود متشابكا ومتداخلا في منطقة الشرق المتوسط ، بسبب التداخل الجغرافي .
اتفاقية الخط الازرق : الخط الأزرق هو خط الانسحاب الذي وضعته الأمم المتحدة في العام 2000 ، بين لبنان وإسرائيل بهدف التحقق من الانسحاب الإسرائيلي.

ولبنان أعلنت احترامها للقرار 1701، وهذا القرار يشدّد وخصوصًا في الفقرتين الرابعة والثامنة منه، على الاحترام التام للخط الأزرق، لذا فإن أي خرق لهذا الخط هو خرق للقرار 1701، بالإضافة إلى أنه قد يتسبّب بحوادث أمنية.
إلا أن إسرائيل سجلت تحفظها عليه بأن الحدود يمثلها الخط التقني وهو الذي يترك عدة جيوب تدعي إسرائيل، ملكيتها شمال الشريط الحدودي، ويتراوح عمق كل جيب من 10 إلى 100 متر.
تركيا : المصالح الاقتصادية تتشابك وتتعقد بسبب كونها تخص الطاقة التي تعد شريان الحياة الاقتصادية للدول كافة .
وتركيا رغم انها بعيدة مكانيا عن لبنان وإسرائيل، الا انها اقحمت في الصراع بسبب حمايتها للاتراك في قبرص الشمالية، فيما تدافع اليونان عن اليونانيين في قبرص الجنوبية .
ولذا فان تركيا لها الحق في الحفاظ على مصالح القبارصة الاتراك ، اذ هم ممثلون في الاتفاقية لترسيم الحدود، ويتطلب الاتفاق بين القبارصة الاتراك والقبارصة اليونان لترسيم الحدود .

ويظهر خلاف ايضا، في ترسيم الحدود بين مصر وقبرص من جهة ، وعدم ترسيم الحدود بين مصر واسرائيل ، هذا يعني ان المياه الاسرائيلية تفصل بين مصر وقبرص ؛ اذن يحتاج الترسيم موافقة جميع الاطراف المعنية، ولاحق لإسرائيل تمد حدودها دون موافقة مصر، لان دون ذلك تعد فوضى وستفتح بابا للخلافات في المستقبل، وربما يتطور الخلاف ليصبح مواجهات عسكري .

فلسطين: قامت شركة بريطانية بطلب من الحكومة الفلسطينية التنقيب قبال ساحل غزة في عام 2005 ، لكن اسرائيل منعت الفلسطينيين من الاستفادة من احتياطي الغاز الموجود في المياه الاقتصادية الخالصة لهم ، رغم انها انسحبت من غزة ، لكنها لم تنسحب من المياه الاقليمية الفلسطينية بذلك وحسب القانون الدولي تعد اسرائيل مخالفة للقانون.

سوريا: ادى اكتشاف الغاز في سوريا ، الى جعلها من الدول ذات الاحتياط الهائل للغاز في المنطقة ، اذ تعد حمص محطة اقتصادية هائلة، تحوي على محور حيوي في سوق الغاز العالمي .
ويتركـز الاحتياطي السّـوري مـن الغــاز والبتــرول في الباديــة الســورية والسـاحل بواقـع 83%، بينمــا يوجــد في الجزيــرة الســورية 12% فقــط.
وبحسب دراسات حديثة؛ ستبـدأ آبــار الجزيــرة السورية بالنضــوب اعتباراً مـن عــام 2022، بينمـا بـاقي الحقــول في الباديــة والساحل، إن بــدأ اسـتغلالها عام 2018، ستبقى حتى عام 2051 على الأقل.

ترتيب سوريا لعام 2008 في احتياطي الغاز كان في المرتبة 43 عالمياً، بواقع 240,7 بليون متر مكعب، حسب موقع List of countries by natural gas proven reserves. بينما كانت بالمرتبة 31 باحتياطي البترول.

لكن في عام 2017 ؛ يقدر الاحتياطي السوري من الغاز في منطقة تدمر وقارة وساحل طرطوس وبانياس، هو الأكبر بين الدول الست، وهذا يجعل سوريا، إن تمّ استخراج هذا الغاز “ثالث بلد مصدّر للغاز في العالم”، وسوف تحتل مركزا ربما تنافس قطر، و روسيا وإيران، ويقدر مركز فيريل للدراسات احتياطي الغاز السوري بـ 28,5 بليون متر مكعب.
غير انه توجد ثلاثة حقول غاز متوسطة الحجم شمال تدمر، تكفي لتزويد سوريا كاملة بالطاقة الكهربائية، 24 ساعة يومياً، لمدة 19 سنة.
وان حجم الغاز المكتشف في إسرائيل يوازي 11% منه في سوريا، وفي لبنان 8%، وفي مصر 31%.
وهناك حقائق تتعلق بالصراع على الغاز في منطقة الشرق الاوسط لا يمكن التغافل عنها، وهي:
– إصرار موسكو على الدفاع عن سوريا، ليس لتأمين منفذ لها على المتوسط فقط، بل الأهم هو الغاز والبترول، وإنشاء قاعدة بحرية دائمة في طرطوس للاستفادة من بحر الغاز هناك، وتؤكد روسيا انها مستعدة لخوض حرب عالمية من أجل الغاز، والنظام السوري لا يتخلى عن موسكو ، لا نها تطيل في عمر حكم بشار، حتى لو كان هذا على حساب قتل الشعب السوري بأكمله .
– اما ايران فأطماعها في سوريا اكثر بكثير من روسيا اضافة الى استمرار تمدد ايران وفكرها الارهابي، وذكرت صحيفة غارديان البريطانية في تقرير أن لديها مشروع استراتيجي لتأمين ممر بري يخترق العراق في نقطة الحدود بين البلدين ثم شمال شرقي سوريا إلى حلب وحمص وينتهي بميناء اللاذقية على البحر المتوسط.

وان انتشار ميليشيات ايران الطائفية تضع الخطط للتقدم بتنفيذ مشروع الممر الذي يصلها إلى الرقة بسوريا، عن طريق غرب الموصل، الذي يُعد أساسا في تحقيق الهدف الإيراني للوصول للبحر الأبيض المتوسط.
وذكر التقرير أن إيران تحاول توطيد اقدامها وبعد اكثر من 12 عاما من الصراع في العراق، ومشاركتها في الحرب الأهلية الشرسة بسوريا، اصبحت أقرب من أي وقت مضى لتأمين ممر بري يوطد أقدامها بالمنطقة، ومن المحتمل أن يتوسع الوجود الإيراني لتحقق اطماعها التوسعية في المنطقة ، وقال مسؤول أوروبي وثيق الصلة بالتطورات في العراق وسوريا طوال السنوات الماضية، إن الإيرانيين ظلوا يعملون بقوة لتنفيذ مشروعهم التوسعي ، مضيفا انهم سيستطيعون نقل القوى البشرية والإمدادات بين طهران والبحر المتوسط في أي وقت يشاؤون عبر طرق آمنة يحرسها موالون لهم أو آخرون بالوكالة، ويضيف التقرير إن الممر الذي ظلت طهران تشقه تحت سمع وبصر الأصدقاء والأعداء، لم يستشعر خصوم إيران خطورته إلا خلال الفترة الاخيرة.

قاسم سليماني
لم يكن خافياً حجم التدخل الإيراني في سوريا إلى جانب نظام بشار الأسد في وجه الشعب السوري وثورته؛ بالمال أو السلاح أو حتى الدعم المعنوي من خلال التصريحات الرسمية الإيرانية التي تعبر عن وقوفها الكامل في جانبه، وهو ما كشفت عنه عشرات التقارير الغربية خاصة تلك التي تحدث بعضها عن الطائرات الإيرانية اليومية الواصلة إلى مطار دمشق وعلى متنها آلاف الأطنان من الأسلحة والذخيرة والخبراء العسكريين الإيرانيين.
وأضاف التقرير الذي نشرته الغارديان ان خطة الممر تمّ التنسيق لها بين كبار المسؤولين الحكوميين ورجال الأمن في طهران وبغداد ودمشق بقيادة قائد لواء قدس الايراني الجنرال قاسم سليماني، الذي ظل يدير حرب إيران في العراق وسوريا، وأن خطة الممر تتضمن تغييرات سكانية اكتمل تنفيذها وسط العراق ولا تزال قيد التنفيذ في سوريا، كما تعتمد بكثافة على دعم سلسلة من الحلفاء ليس بالضرورة على وعي بالمشروع كله لكن لديهم مصلحة فيه.
وأورد التقرير تفاصيل للممر الذي يبدأ من مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى العراقية التي تبعد 60 كلم شمال بغداد، ومن بعقوبة يمر الممر بالاتجاه الشمال الغربي إلى شرقاط بمحافظة صلاح الدين .
وبعد الشرقاط، ذكر التقرير تلعفر سنجار ، ومن معبر ربيعة بين العراق وسوريا يمتد الممر بجوار القامشلي وعين العرب (كوباني) ثم عفرين، وبعد ذلك حلب وهي أكبر نقطة بين الحدود الإيرانية مع العراق، وإلى البحر المتوسط الذي تركز فيه طهران أعلى طاقاتها.
– ان هدف إيران من دعم نظام الأسد وتقديمها عشرات المليارات سنوياً لإبقاء نظامه على قيد الحياة، رغم الحالة الاقتصادية الصعبة التي تعانيها بسبب العقوبات والعزلة الدولية، الا ان “إيران لديها مشروع قومي توسعي وتريد فرض نفوذها الاقليمي باعتراف دولي، وأدواتها في ذلك، ملف البرنامج النووي، ونظام الأسد، وحزب الله والحوثيين. وهي تستخدم كل هذه الأدوات لفرض هذا النفوذ وتوسيعه، وبالتالي هي تعده استثماراً تجني ثماره في المستقبل”.

– تخوض إيران اليوم حربا مصيرية في سوريا وتبدي استعدادها لتقديم الغالي والنفيس لكسبها، و أطماع ايران في سوريا لم تكن وليدة اللحظة، بل هي قديمة قِدم حُكم عائلة الأسد لسوريا، فمَن يعرف سوريا قبل الثورة، يدرك محاولات إيران للسيطرة على كل المفاصل الأساسية في سوريا، وقد دخلت اليها من خلال “الطائفة الدينية ” حيث أقامت عشرات الحُسينيات في سوريا، ولا سيما في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا (الرقة، دير الزور)، ثم تطور الأمر لنشر مراكز ثقافية لتعليم اللغة الفارسية، و حاولوا أخيرا إغراء الناس بالمال مقابل تقديم الولاء لإيران.

– حدت الثورة السورية من انتشار السيطرة الإيرانية، ومن هنا نفهم لماذا تحارب إيران الثورة السورية بكل قوتها، ولا يستغرب ان تقدم ايران مليارات الدولارات سنويا لإبقاء الأسد “الضامن لمصالحها في سوريا” ومحاربة كل من يحاربه، هي باختصار لا ترى سوريا إلا محافظة إيرانية كما صرح أكثر من مسؤول إيراني ولا تريد خسارتها”.

 

وحدة الدراسات الاقتصادية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية