القوات العراقية تحاول كسر جمود معركة الموصل

القوات العراقية تحاول كسر جمود معركة الموصل


الموصل (العراق) – أُعلن الأحد في العراق عن تحقيق القوات العراقية المدعومة بغطاء جوّي من طيران التحالف الدولي تقدما في أحياء القسم الغربي من مدينة الموصل على حساب تنظيم داعش، كاسرة بذلك الجمود الذي خيم على المعركة لعدّة أسابيع وتجاوزت تبعاته الجوانب الميدانية إلى أبعاد سياسية وإنسانية.

وبقدر ما يضاعف تسريع وتيرة المعركة والاعتماد على المزيد من الكثافة النارية من المخاطر المحدقة بالمدنيين الذين أضحوا في حكم الرهائن بيد تنظيم داعش الذي يتخّذ منهم دروعا بشرية، فإن إبطاء وتيرتها يطيل من معاناتهم، وهو ما يجعل من معركة الموصل بمثابة معضلة للقوات التي تخوضها.

ولا يخلو ذلك من حرج لحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي الساعي إلى تحقيق انتصار على تنظيم داعش، بأسرع وقت ممكن وبأقل الخسائر المادية والبشرية، ليعزّز موقفه بمواجهة خصومه ومنافسيه خصوصا من أعضاء أسرته السياسية الشيعية الطامعين في المنصب الهام الذي يشغله والمتحفزّين لاستغلال أي عثرة منه لإثبات عدم أحقيته بقيادة البلاد في المرحلة المقبلة.

ومع تعقّد معركة الموصل لم يعد ذلك الإنجاز في متناول يد العبادي.

وخارجيا لا تبدو الولايات المتحدة أقلّ اهتماما من حكومة بغداد بحسم المعركة ليجعل منها الرئيس دونالد ترامب أحد إنجازاته ضمن جرد حساب المئة يوم الأولى في الحكم، والتي تبدو إلى حدّ الآن شديدة الضحالة.

وكان ترامب قد جعل من محاربة تنظيم داعش والإرهاب الدولي على وجه العموم، أحد أعمدة حملته الانتخابية. وأبعد من ذلك يدخل الانخراط الأميركي الكبير في تلك المعركة ضمن حسابات ترامب لإنعاش دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ومقارعة النفوذ الإيراني هناك بدءا من الساحة العراقية ومرورا إلى الساحة السورية، حيث تسجّل عودة عسكرية أميركية هادئة ومتدرّجة إلى العراق من بوابة الحرب على داعش.

وأعلن مصدر عسكري عراقي، الأحد، عن تحقيق قوات الشرطة الاتحادية تقدما ملحوظا في منطقة الموصل القديمة بالجانب الغربي للمدينة.
ريك يوريبي: عندما تتقدم القوات بالموصل 50 مترا في اليوم يعد ذلك إنجازا عظيما

ونقلت وكالة الأناضول عن المقدّم رامي العنبري قوله إنّ الشرطة سيطرت على مبان استراتيجية في مناطق باب السراي، وشارع غازي، ومحلة البدن، ومحلة الشيخ محمد، وشرعت في نشر قنّاصتها فوق الأسطح لتصيّد أي هدف متحرّك لتنظيم داعش، موضّحا أنّ هذا الإجراء العسكري المتمثّل بنشر القناصة هو الأول الذي تتبعه الشرطة الاتحادية في معركتها ضد التنظيم بهذا المحور منذ انطلاق الحملة.

وتابع، أنّ القناصة سيكون لهم الدور الفاعل في تدمير قدرات التنظيم بهذه المنطقة المكتظة بالسكان وفي نفس الوقت تجنيب المدنيين الأضرار التي من الممكن أن تلحق بهم بسبب الحرب.

وقال النقيب مهند عبدالأمير المعموري من جهاز الرد السريع التابع لوزارة الداخلية إنّ الشرطة الاتحادية سيطرت على ساحة غاز باب في الموصل القديمة، وأصبحت على مشارف منطقة الزنجلي والبورصة.

كما كشف ذات الضابط عن قدوم تعزيزات عسكرية كبيرة من العاصمة لحسم معركة الموصل دون التوقف مجددا.

وشرح أن “الخطة العسكرية الخاصة بهذه المعركة خضعت إلى دراسة عسكرية على مستوى عال وأخذت في الاعتبار جميع الحسابات لا سيما الخاصة بالجانب الإنساني ما سيسهم في إنجاحها”.

ومضت أكثر من ستة أشهر على إطلاق معركة استعادة الموصل، آخر معقل كبير لتنظيم داعش في العراق لكنّ المواجهات مازالت مستمرة في القسم الغربي من المدينة.

وتشارك عدّة وحدات عسكرية في المعركة أبرزها جهاز مكافحة الإرهاب، إلى جانب قوات الرد السريع التابعة لوزارة الداخلية والجيش والشرطة. وتمكّنت تلك القوات مطلع العام الحالي من استعادة الجانب الشرقي من المدينة.

لكن ما يثير مخاوف العراقيين أنّ هذه الحرب عالية التكلفة ماديا وبشريا قد لا تمثّل نهاية حاسمة للتنظيم المتشدّد الذي يرجّح أن يتحوّل من السيطرة واسعة النطاق على الأراضي إلى حرب العصابات وتنفيذ العمليات الدامية في مختلف مناطق البلاد بما في ذلك تلك التي أعلنت مستعادة من سيطرته، ودون استثناء العاصمة بغداد رغم إحاطتها بإجراءات أمنية مشدّدة.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن باتريك مارتن المحلل في معهد “دراسات الحرب” قوله إن القوات العراقية والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة “يقتربان من نهاية عملية استعادة الموصل”، مضيفا “ستكون استعادة الأحياء الأخيرة أكثر صعوبة خصوصا المدينة القديمة والأحياء المتبقية في شمال غرب الموصل”.

وقال الضابط الأميركي الكبير في التحالف الدولي ريك يوريبي عن العملية في المدينة القديمة “لا يمكن استخدام آليات هناك. لذا فإن العملية ستكون راجلة ما يجعل المعركة صعبة جدا للقيام بأي مناورة هناك”.

وأوضح يوريبي أن تقدم القوات العراقية يكون “أحيانا بمقدار خمسين مترا. ويعتبر اليوم الذي يتحقق فيه مثل ذلك التقدم يوما عظيما”.

وقياسا بالمعركة التي دارت في جزء المدينة الواقع على الضفّة الشرقية لنهر دجلة، بدت القوات الأميركية أكثر انخراطا في معركة الجزء الغربي، حيث كثيرا ما تحدّثت مصادر محلّية عن تجاوز تلك القوات مجرّد توفير الغطاء الجوّي عبر طيران التحالف الدولي، إلى المشاركة في قصف مواقع تنظيم داعش بالمدفعية.

وذهب تقرير صحافي أميركي حدّ تأكيد وجود قوات خاصة أميركية مموهة بأزياء شبيهة بأزياء الشرطة العراقية تقاتل داخل أحياء الموصل، الأمر الذي عدّ دليلا إضافيا على الاهتمام الأميركي الشديد بالمعركة.

العرب اللندنية