موسكو تسارع لاستئناف المفاوضات السورية وعينها على واشنطن

موسكو تسارع لاستئناف المفاوضات السورية وعينها على واشنطن


دمشق – تعمل موسكو على تسريع استئناف العملية السياسية في سوريا في ظل قلق متزايد من تنامي النشاط العسكري الأميركي في شرقي البلاد وتحديدا بمحافظة دير الزور الاستراتيجية.

وينتظر أن تعقد روسيا محادثات ثنائية تركز على الحرب السورية في 24 أبريل الجاري في جنيف مع مندوبين للولايات المتحدة والأمم المتحدة، بحسب ما أفادت تقارير إعلامية روسية رسمية الاثنين .

ونقلت التقارير عن ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، القول إن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا وافق على إجراء المباحثات.

ومن المتوقع أن يمثل نائب آخر لوزير الخارجية الروسي وهو جينادي غاتيلوف، بلاده في المحادثات. وذكرت وكالة “تاس” الرسمية للأنباء أن موعد المحادثات محدد بشكل مبدئي، حيث تنتظر روسيا تأكيدا من الولايات المتحدة.

وتأمل روسيا في هذا الاجتماع في إيجاد أرضية مشتركة مع الولايات المتحدة لحل الأزمة السورية، مع الأخذ في الاعتبار الحفاظ على الوضع الميداني الراهن الذي يخدم جانبها، وهو ما تعكسه تصريحات مسؤوليها في الفترة الأخيرة بتطبيق حازم لوقف إطلاق النار في جميع الجبهات باستثناء المناطق الواقعة تحت سيطرة عناصر داعش وجبهة فتح الشام (النصرة سابقا).

ولا يبدو أن ذلك يلقى صدى لدى الجانب الأميركي الذي يعمل على استعادة زمام المبادرة في سوريا عسكريا ودبلوماسيا، حيث تكثف واشنطن من تحركاتها العسكرية في أكثر من جبهة وإن كانت تركز على شرق البلاد تحت غطاء محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، بالتوازي مع توجه لاعتماد دبلوماسية حازمة في مواجهة موسكو.

وقال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض إتش.آر ماكماستر إن الوقت حان لإجراء محادثات حازمة مع روسيا بشأن دعمها للحكومة السورية.

وأوضح ماكماستر لمحطة “إيه.بي.سي” أن دعم روسيا لحكومة الرئيس بشار الأسد أدى إلى استمرار حرب أهلية وتسبب في أزمة متفاقمة في العراق ودول مجاورة وأوروبا. وأضاف “لذلك فإنني أعتقد أن الوقت حان الآن لإجراء تلك المباحثات الحازمة مع روسيا”.

طائرات تابعة للتحالف الدولي نفذت عمليات إنزال في ريف دير الزور الشرقي، لقطع الإمداد عن تنظيم داعش

وقصفت الولايات المتحدة في أوائل الشهر الجاري قاعدة جوية سورية بصواريخ توماهوك في رد فعل على ما وصفته واشنطن بهجوم كيميائي شنته القوات الحكومية السورية وأدى إلى قتل ما لا يقل عن 70 شخصا في منطقة يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.

وتنفي سوريا شنها هذا الهجوم وحذرت روسيا من أن هذه الهجمات الصاروخية يمكن أن تكون لها عواقب “وخيمة للغاية”. وزار وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون موسكو الأسبوع الماضي مع تزايد التوترات.

والخطوات الروسية لتفعيل عملية السلام في سوريا بهدف القطع مع أي خطط أميركية جار رسمها للعودة بقوة إلى الساحة السورية، وترجم ذلك بإعلانها خلال اجتماع ثلاثي ضم وزير خارجيتها مع نظيريه الإيراني والسوري، السبت عن عقد جولة جديدة من مباحثات أستانة مطلع مايو المقبل.

وتهدف مباحثات أستانة إلى تثبيت وقف إطلاق النار في سوريا. وبدأ التحضير للجولة الجديدة الثلاثاء، حيث يعقد ممثلون عن روسيا وتركيا وإيران اجتماعات في العاصمة الإيرانية، في ظل تكهنات بفشل هذه الاجتماعات لجهة التباعد في المواقف بين أنقرة من جهة وموسكو وطهران من جهة أخرى، رغم ما تبديه روسيا من مرونة في الآونة الأخيرة، حيث أكدت أن الباب مفتوح لجميع الفصائل للحضور في أستانة.

ويرى مراقبون أن هذه المحاولات الروسية لإعادة عملية السلام إلى مسارها لن تلقى طريقها إلى النجاح، وأنه حتى وإن تم عقد مؤتمر أستانة أو حصل اجتماع في جنيف، فإنه سيكون شكليا ولن يحقق نقلة نوعية.

ويضيف هؤلاء أن الولايات المتحدة متشبّثة بموقفها بإعادة تصويب الأمور في سوريا لصالحها بدعم من باقي القوى الغربية، وأنه في حال أرادت موسكو تسريع الحل ستجد نفسها مضطرة لتقديم تنازلات مؤلمة لتحقيق ذلك، وقد يكون من بينها فك ارتباطها فعليا مع الجانب الإيراني وهذا صعب على المدى القريب، في ظل تشابك المصالح بينهما على الأرض السورية.

ومعلوم أن الولايات المتحدة تضع في مقدمة أولوياتها في سوريا ضرب الحضور الإيراني الممثل في العشرات من الميليشيات الشيعية وعلى رأسهم حزب الله اللبناني فضلا عن المئات من عناصر الحرس الثوري. وبدأت واشنطن تحركاتها فعليا في هذا الصدد عبر تعزيز حضورها العسكري بالقرب من دير الزور، المحافظة التي يسيطر تنظيم داعش على معظم أجزائها، فيما مركز المحافظة لا يزال تحت سيطرة النظام.

وتعتبر دير الزور إحدى البوابات الرئيسية للعراق، وهناك خشية أميركية من انتشار الميليشيات الشيعية الموالية لإيران فيها بعد السيطرة على الموصل (غرب العراق)، التي تشهد المعارك فيها تباطؤا واضحا، ربطه البعض بدوافع سياسية وحسابات عسكرية.

ويرى محللون أن السيطرة على دير الزور يعني تأمين التواصل الجغرافي للحزام الشيعي الذي تعمل عليه إيران.

وجدير بالذكر أن النظام السوري وطهران حرصا، طوال الأزمة السورية، على إبقاء حضور لهما في المحافظة.

ودير الزور تعتبر أيضا شريان الطاقة الرئيس للنظام، حيث تحتوي على أهم المخزون النفطي والغازي في سوريا.

وتحدثت مصادر قريبة من البنتاغون، مؤخرا، أن هناك خططا يتم بحثها الآن من بينها إرسال 50 ألف جندي أميركي إلى المنطقة ولكن على ما يبدو هناك تردد من طرف ترامب لإرسال هذا العدد الكبير بالنظر إلى خطورة هذه الخطوة.

ونفذت طائرات تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ليلة الاثنين عمليات إنزال في ريف دير الزور الشرقي، قالت واشنطن إن الهدف منها قطع الإمداد عن داعش.

العرب اللندنية