السوريون مواطنون من الدرجة الثانية في بلادهم مقابل الإيرانيين

السوريون مواطنون من الدرجة الثانية في بلادهم مقابل الإيرانيين


دمشق – يرتدي النوادل زيا يرجع تاريخه إلى ثلاثينات القرن الماضي، شواربهم رفيعة وشعرهم منسدل على ظهورهم، النساء يدخن الشيشة ويأكلن التبولة في مطعم سيلينا الكبير في المدينة القديمة بالعاصمة السورية دمشق.

لا يوجد أي دليل على أن الحرب مستمرة، وأن نصف مليون شخص قد لقوا حتفهم، وأن نصف سكان سوريا قد نزحوا من بلادهم.

لكن لا تزال محلات تيجان الأعراس مفتوحة، ولا يزال يُسمع صوت خرير نافورات المياه الذي يغطي عليه أحيانا صوت الطائرات العابرة في طريقها شرقا إلى معقل المقاتلين المحاصر في مدينة الغوطة، أو إلى حمص.

بعد مرور ست سنوات من الحرب، يمارس الناس أعمالهم في دمشق مطأطئين رؤوسهم من هول الحرب. تُغلق المحلات التجارية في وقت مبكر، أصبحت الحياة رتيبة في مدينة اعتادت أن تكون مليئة بالود، نابضة بالحياة.

يقول رجل أعمال طلب عدم الكشف عن هويته في حديث لمراسلة صحيفة الغارديان البريطانية “لقد ذهب كل الناس الطيبين، قبل الحرب كان الوضع مختلفا جدا ولكن تغير الناس كثيرا، حاولت العيش في الخارج لكنني لم أطق البعد عن وطني، أُعامَل هنا كمواطن من الدرجة الثانية، أصبح السوريون في المرتبة الثانية الآن، بينما يأتي الإيرانيون في المرتبة الأولى ويُعامَل الروس على أنهم آلهة”.

توجد في سوق التكية السليمانية تحف خشبية لم يبد أن أحدا يريد أن يبتاع لنفسه أيا منها، لتجد زبونا في محل المجوهرات المجاور يصلح قلادته القديمة ويقول “الوضع ليس جيداً ولن يصبح أفضل، كل ما علينا فعله هو أن نتعايش فقط”.

أصبحت المعيشة باهظة ومكلفة جدا بعد تفشي التضخم الاقتصادي. يقول محمد الذهبي، بائع نظارات طبية، إن الناس فوجئوا بأن تكلفة النظارات ارتفعت عن السابق “عليك أن تشرح لهم أن البيضة على سبيل المثال كان ثمنها 20 ليرة وأصبح الآن 60 ليرة، هكذا أصبح الحال أيضا مع النظارات التي تكلف الآن ثلاثة أضعاف سعرها القديم”.

ويضيف الذهبي أن بعض زبائنه قد جمعوا الكثير من المال جراء الحروب، فيقول “يمكنك أن ترى ذلك في طريقة التفاوض على السعر، فتجد من يقول لك هذا مكلف ويطلب تخفيض السعر بعض الشيء، تعرف أن المال ملكه الخاص. أما من يدفع الثمن فقط دون جدال، فتعرف أنه لم يجتهد للحصول على هذا المال”.

وتقول نور شامة (26 عاما) “ربما لن أستطيع أن أجد الزوج المناسب، لقد ذهب كل الرجال الطيبين”. ردت عليها عبير قائلة “لا يشجع الجو العام الآن على أي قصص حب، على كل حال ستكون حياة باردة بلا معنى”.

يتمنى معظم الناس الذين يعيشون في دمشق أن تنتهي الحروب حتى وإن كان ذلك مقابل أن يبقى بشار الأسد في الحكم.

ينتشر الرجال المسلحون الذين يرتدون الزي الرسمي أو المدني في كل مكان، وهو وجه آخر من حياة دمشق. وينتمي بعضهم إلى الجيش والبعض الآخر إلى أعضاء ميليشيات قوات الدفاع الوطني الموالية للحكومة والذين ينضم إليهم السكان المحليون.

وبعد يومين من هجوم انتحاري مزدوج، يقف أعضاء قوات الدفاع الوطني حراسا على الطريق الإسفلتي الذي تهدم جزء كبير منه بسبب الانفجارات. تفجرت حافلتان كانتا تقلان الزوار العراقيين إلى مسجد السيدة زينب، الضريح المقدس للشيعة في سوريا.

يقول أحد سائقي الحافلات “العراقيون شجعان جدا، يؤمنون أنه إذا جاء وقت الموت، فإنه وجب عليك الموت بشجاعة، لا فرق إذن بين ما إذا كنت آتيا إلى سوريا أم لا”.

تظهر نظريات المؤامرة والتساؤلات حول المسؤول عن هذا الحادث. سأل سوري بهدوء شديد وهو يومئ برأسه “من تعتقد فعلها؟ ربما إيران؟ لا أعرف”.

العرب اللندنية