سلطات أردوغان المطلقة تفاقم تحديات الاقتصاد التركي

سلطات أردوغان المطلقة تفاقم تحديات الاقتصاد التركي

أنقرة – يجمع الخبراء والمحللون على أن تركيا مُقبلة على أيام اقتصادية صعبة بعد أن حسم الرئيس رجب طيب أردوغان المعركة لصالحه في استفتاء تعديل الدستور، الأحد الماضي.

ولم تتمكن تطمينات وزير المالية ناجي إقبال بقرب تحسّن سعر صرف والتضخم والبطالة ومعدلات الفائدة والنمو وتدفق رؤوس الأموال الأجنبية من دحر مخاوف المحللين من المستقبل الغامض.

وكشف وزير المالية في أحدث مؤشر على متاعب الاقتصاد التركي أن عجز الموازنة قفز إلى 5.3 مليار دولار في مارس الماضي ليصل العجز في الربع الأول من هذا العام إلى 14.9 مليار دولار.

ويرى معهد ستراتفورد الأميركي للأبحاث أن الكثير من الأتراك يرون أن سطوة أردوغان الثقيلة تضر باقتصاد بلادهم، وهم قلقون من مزاجية رئيسهم التي تسير بتركيا نحو مستقبل أكثر ضبابية.

وتتركز أكبر تحديات الاقتصاد التركي حول تراجع ثقة المستثمرين الأجانب وضعف التجارة الخارجية خاصة مع الدول الأوروبية التي توتّرت علاقاتها مع أنقرة في الآونة الأخيرة، إضافة إلى انخفاض قيمة العملة المحلية.

ورغم ارتفاع الليرة أمس في عملية تصحيح مؤقتة، لكن محللين يعتقدون أن آفاقها المستقبلة تبقى قائمة خاصة أنها فقدت أكثر من نصف قيمتها منذ تفجّر فضائح الفساد المرتبطة بحزب العدالة والتنمية الحاكم قبل أكثر من عامين.
ميشال هوتر: ارتفاع التضخم والبطالة وعجز الميزان التجاري وتراجع الاستثمارات تنذر بالخطر

ويعاني الأتراك من تداعيات تراجع قيمة الليرة الذي فاقم صعوبة سداد الشركات لديونها المقومة بالدولار أو اليورو رغم تبني البنك المركزي إجراءات لوقف اتساع الفجوة ومساعدة الشركات على مواجهة التزاماتها.

ويتوقع معهد الاقتصاد الألماني تواصل أزمة تركيا الاقتصادية عقب استفتاء خلف غضبا في المعسكر الرافض. وقال رئيس المعهد ميشال هوتر إن “المشكلات الاقتصادية لتركيا لن تختفي بين عشية وضحاها”.

وأكد أنه من المثير للقلق أن يتخذ أردوغان في ظل الطوارئ قرارات لإظهار نجاحات سريعة على المدى القصير، لكنها مضرة على المدى الطويل.

وقال الخبير الاقتصادي الألماني إن “التضخم والارتفاع المستمر في البطالة وعجز الميزان التجاري وتراجع الاستثمارات الأجنبية تنذر بالخطر”.

ويتأرجح معدل التضخم منذ ثلاث سنوات بين 7.5 و8.5 بالمئة، في حين ارتفع معدل البطالة في الربع الأول من العام إلى 12.7 بالمئة وهو الأعلى منذ 7 سنوات، بحسب معهد الإحصاء التركي.

وفي مقابلة مع رويترز أمس، قال محمد شيمشك نائب رئيس الوزراء إنه “من غير المقبول أن يظل التضخم في مستويات مرتفعة”.

ومع أن العديد من وكالات التصنيف العالمية ترجح تحسن نمو الاقتصاد التركي، إلا أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يظل التضخم فوق المستوى المستهدف وأن العجز في ميزان المبادلات التجارية سيبقى كبيرا.

وتأمل الحكومة في توفير نصف مليون وظيفة سنويا عبر برنامج جديد بـدأت في تطبيقه هذا العام. ورغم أن البرنامج حقق بعض النجاح إلا أن المحللين يعتقدون أنه لن يكون كافيا دون إصلاحات حازمة على المدى الطويل.

ويقول خبراء إن الحكومة مطالبة بتوفير مليون وظيفة جديدة سنويا على الأقل لوقف تنامي البطالة التي يعتبرونها مشكلة هيكلية.
مؤشرات سلبية

◄14.9 مليار دولار عجز الموازنة في الربع الأول من 2017

◄8.5 بالمئة معدل التضخم

◄12.7 بالمئة نسبة البطالة

◄47 بالمئة نسبة تراجع الاستثمارات الأجنبية

ويستبعد مركز الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية في جامعة باهسيشير بإسطنبول دخول استثمارات طويلة المدى إلى تركيا بسرعة عقب الاستفتاء، ويرجّح استمرار تراجع تدفق الاستثمارات.

وقال مدير المركز سيفتين غورسل إن “خفض وكالات التصنيف الائتماني الدولية لتصنيف تركيا مؤشر كاف على ذلك”.

وسقطت السياحة التركية في دوامة ركود منذ محاولة الانقلاب في منتصف العام الماضي وحملة الاجتثاث التي أعقبتها والتي أصبحت تهدد وظائف أعداد كبيرة من العاملين في القطاع.

وتفاقمت أزمة قطاع السياحة، الذي يشغل نحو مليون شخص، وفق الإحصائيات الرسمية، بسبب الوضع الأمني الهش والهجمات الإرهابية المتكررة من قبل تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني الذي تجدد صراعه مع الحكومة منذ انهيار عملية السلام بين الجانبين في 2015.

وذكرت مصادر في القطاع السياحي أن نحو 42 ألف شخص فقدوا وظائفهم بسبب تراجع أعداد السياح الأجانب. وأكدت أن 311 وكالة ومكتبا سياحيا أغلقت أبوابها خلال العام الماضي.

وانخفضت إيرادات القطاع العام الماضي بنحو 30 بالمئة، بينما تراجعت الاستثمارات الأجنبية بنحو 47 بالمئة في يناير الماضي.

وتحتاج تركيا إلى نمو بمعدل 5 بالمئة سنويا لضمان استقرار الاقتصاد، لكن وكالة موديز ترجح ألا يتجاوز النمو هذا العام حاجز 2.6 بالمئة مقارنة بنحو 2.9 بالمئة في العام الماضي.

وتكافح تركيا من أجل استعادة ثقة المستثمرين الذين يشككون في استعداد أنقرة لإجراء إصلاحات هيكلية لزيادة الإنتاج وتحرير سوق العمل وزيادة الناتج من الصادرات ذات القيمة المضافة.

العرب اللندنية