الشكوك تحاصر إحياء بورصة عقود السلع المصرية

الشكوك تحاصر إحياء بورصة عقود السلع المصرية

القاهرة – قلل اقتصاديون من نجاح بورصة العقود الآجلة التي أعلنت الحكومة المصرية عودتها بعد تجميد نشاطها لنحو 51 عاما، واعتبروا أن التداول فيها يحتاج إلى قدرات كبيرة على قراءة الأسواق العالمية واتجاهات حركة السلع.

ويطالب خبراء مصريون بأن يقتصر التعامل مع هذه السوق على المؤسسات المالية وصناديق الاستثمار.

وقال إيهاب سعيد خبير أسواق المال والاستثمار إن “السوق المصرية بهيكلها الحالي غير مؤهلة لبورصة العقود، لأن مصر من كبار المستوردين على مستوى العالم للسلع الأساسية وفي مقدمتها القمح”.

ووافق مجلس الوزراء السبت الماضي على مشروع تعديلات قانون سوق المال ويتضمن تنظيما متكاملا لبورصات العقود الآجلة، ومن ضمنها البورصات السلعية.

وتسمح البورصات السلعية بتداول العقود المستقبلية للسلع والخدمات ومن خلالها يقوم المستثمر بالتعاقد على شراء محصول معين قبل زراعته لعدد من السنوات، ثم يتم تسجيل هذا العقد في بورصة العقود، ويتداول بيعا وشراء من خلال حركة التداول في البورصة.

ويحتاج ذلك إلى فئات محترفة من المستثمرين، فضلا عن وجود سوق كبيرة واحتياطات لوجستية لعدد من البضائع الاستراتيجية التي تحفز المستثمرين على المضاربة على عقود تلك السلع.

ومن أهم السلع الغذائية التي تتداول في بورصات العقود العالمية القمح والذرة والأرز وفول الصويا والبن والبرتقال والسكر.

واستوردت مصر خلال الأشهر الثلاثة الماضية نحو 1.7 مليون طن منها 1.1 مليون طن من روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة ورومانيا.

وكان وزير التموين الأسبق خالد حنفي قد تقدم بمشروع لتأسيس مركز لوجستي عملاق لتخزين الحبوب والغلال في ميناء دمياط على البحر المتوسط، بهدف تدشين أول بورصة سلعية متخصصة.
شريف سامي: يتم إنشاء بورصة العقود بموافقة مجلس الوزراء وتعمل تحت إشراف الرقابة المالية

ووقع حنفي مذكرة تفاهم خلال مؤتمر مصر الاقتصادي في مارس 2015 بشرم الشيخ مع تحالف يضم مستثمرين إماراتيين بقيادة مجموعة آل سودين لتأسيس المرحلة الأولى من المشروع باستثمارات تقدر بملياري دولار، لكن المشروع ظل في أدراج الحكومة حتى الآن.

ويقول شريف سامي رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية إن التعديلات الجديدة على قانون سوق المال حددت أن يكون إنشاء بورصات العقود بموافقة مجلس الوزراء في شكل شركة مساهمة مصرية لها الشخصية المعنوية المستقلة، تعمل تحت إشراف ورقابة الهيئة.

وأوضح في تصريحات لـ“العرب” أنه يجوز للبورصة المصرية مزاولة نشاط تداول العقود المشتقة من الأوراق المالية المقيدة بها دون الحاجة إلى تأسيس شركة.

وقلل مراقبون من قدرة بورصة العقود على تداول المشتقات على الأوراق المالية، حيث يصل رأس المال السوقي للبورصة المصرية إلى نحو 33 مليار دولار فقط، بما يعادل 22 بالمئة من الناتج المحلي البالغ نحو 150 مليار دولار.

وأكد وسطاء بسوق المال لـ“العرب” أن تحرير سعر صرف العملة بالبلاد أدى إلى تآكل رأس المال السوقي للبورصة، بشكل يدعو إلى القلق، إلى درجة أن أي مجموعة مالية عالمية تستطيع شراء كامل البورصة المصرية بسبب تراجع قيمة العملة.

ودعا الوسطاء إلى ضرورة منح العديد من الشركات الكبرى والبنوك بالبلاد حوافز لتشجيعها على القيد في سوق الأوراق المالية لتعزيز رأسمال البورصة، كما كان قبل الأزمة العالمية في 2008 حيث كانت نسبة رأس المال السوقي للبورصة إلى الناتج المحلي الإجمالي تتجاوز حاجز 60 بالمئة.

وأشار سامي إلى أن تعديلات القانون نظمت عمليات المقاصة والتسوية ببورصة العقود، مع إمكانية الترخيص لبورصة العقود بمباشرة عمليات المقاصة والتسوية وفقا للضوابط التي تضعها، من خلال مراعاة أن عمليات التسوية المادية تكون بتسليم السلع محل العقود.

واقترح اقتصاديون أن يتم قصر التعامل ببورصة العقود في مراحلها الأولى على صناديق الاستثمار والمؤسسات المالية على أن يتم السماح للأفراد بالاستثمار في بورصة العقود من خلال بنوك الاستثمار حتى لا يتعرضوا لخسائر فادحة.

وتحتاج المضاربة في بورصة العقود قدرات على التنبؤ بمخاطر التغيرات السعرية في الأسواق العالمية، وهي أدوات يصعب على المستثمرين الأفراد فهم طبيعتها في بداية عمل السوق.

وتغلب تعاملات الأفراد على طبيعة التعامل في سوق المال بمصر حيث تصل إلى نحو 70 بالمئة، مقارنة بنحو 30 بالمئة فقط للمؤسسات المالية وصناديق الاستثمار، وهو عكس المعادلة في الأسواق المتقدمة.

وأصدر الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر القانون رقم 9 لسنة 1966 بتصفية وإلغاء بورصة عقود القطن بالإسكندرية عقب تأميم شركات والقضاء على الملكيات الكبيرة.

وكانت بورصة العقود بمصر من أهم ثلاث بورصات العالم في هذا المجال، وبدأ التعامل على العقود الآجلة للقطن في الربع الثالث من القرن الـ19. وسبقت بورصة القطن بالإسكندرية في ذلك بورصتا نيويورك وليفربول.

وأدخلت في سنة 1884 بورصة البضاعة الحاضرة للأقطان من خلال تأسيس شركة مساهمة مصرية للبورصة التجارية بمينا البصل بالإسكندرية.

العرب اللندنية