المصالحة بالسودان رهينة حسابات ضيقة وتأثيرات الجوار

المصالحة بالسودان رهينة حسابات ضيقة وتأثيرات الجوار

الخرطوم – تشهد عملية المصالحة في السودان تعثرا، رغم الضغوط التي يمارسها أقطاب المجتمع الدولي على الحكومة والمعارضة.

ويربط متابعون أسباب هذا التعثر بوجود نظرة قاصرة للمعضلة السودانية لدى الأطراف المتنازعة، فكل منها يطمح إلى كسب نقاط على حساب الآخر ما يعني ضياع إمكانية إيجاد نقطة التقاء فعلية للبناء عليها، فضلا عن إشكالية انعدام الثقة بينها.

ويضيف المتابعون أنه لا يمكن تجاهل عامل مهم عند الحديث عن أسباب تعطل عملية السلام في السودان، وهي تأثيرات الإقليم، وتواصل سلسلة الانقسامات داخل المعارضة السودانية، ما يجعل من الصعوبة بمكان البحث في العملية بجدية.

وطالبت “الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع شمال) الثلاثاء، بتأجيل المفاوضات مع الحكومة، وإرجاء رفع العقوبات عن السودان.

وقال المتحدث باسم ملف السلام في الحركة، مبارك أردول، إن “وفداً من قطاع الشمال قاده رئيس الحركة مالك عقار، سلّم رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، ثابو أمبيكي، طلباً رسمياً بتأجيل المفاوضات مع الحكومة السودانية إلى يوليو المقبل”.

ولفت أردول إلى أن “الوفد أجرى لقاءات واسعة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، التي وصلها الأحد، مع الأطراف الإقليمية والدولية المهتمة بعملية السلام، وأوضح لها موقف الحركة من السلام وإنهاء الحرب”.

وأشار إلى “أن وفد الحركة التقى أيضاً بوفد من الخارجية الأميركية للمرة الأولى، وطلب من واشنطن تأجيل الرفع الكلي للعقوبات عن السودان لـ6 أشهر أخرى، من أجل قضايا إنسانية ووقف الحرب”.

وقررت الإدارة الأميركية في يناير الماضي، رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، لكنها أبقت على إدراج اسمه في قائمة الدول الراعية لـ”الإرهاب”.

وتريد المعارضة المسلحة الإبقاء على العقوبات كسيف مسلط على الحكومة للاستجابة لمطالبها، في تجاهل لتغير المزاج الدولي الذي يرمي إلى إعادة تدوير السودان بما يسمح له لعب أدوار متقدمة في معالجة الأزمات السياسية والأمنية في القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط.

وتمثل هذه الاجتماعات أول ظهور رسمي لقادة الحركة الشعبية عقب الأزمة الداخلية التي نشبت بين قياداتها في مارس الماضي، إثر تقديم نائب رئيس الحركة عبدالعزيز الحلو استقالته، وإعلان مجلس تحرير جبال النوبة “الواجهة التشريعية للمنطقة” سحب الثقة عن الأمين العام ياسر عرمان.

ومنذ يونيو 2011، تقاتل “الحركة الشعبية الحكومة في ولايتي جنوب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق (جنوب شرق). وتتشكّل الحركة من مقاتلين انحازوا إلى الجنوب في حربه الأهلية ضد الشمال، والتي طويت باتفاق سلام أبرم في 2005، ومهد لانفصال الجنوب عبر استفتاء أجري في 2011.

وتوصلت الحكومة السودانية ونظيرتها في جنوب السودان إلى اتفاق يقضي بطرد عناصر الحركة الشعبية (قطاع الشمال)، ولكن على ما يبدو لجوبا حسابات أخرى حيث إنه إلى اليوم لم تتعامل بجدية مع الاتفاق، حسبما أعلنته الخرطوم.

واتهم جهاز الأمن والمخابرات السوداني الاثنين حكومة جنوب السودان بإجراء محادثات مع الحركة الشعبية، وذلك بهدف “إطالة أمد الحرب” في جنوب كردفان والنيل الأزرق.

وقال الجهاز في بيان إن رئيس جنوب السودان سلفا كير ونائبه تعبان دينق وقادة من الجيش عقدوا اجتماعات الأسبوع الماضي مع الحركة الشعبية في شمال السودان.

وتابع البيان “هذه الاجتماعات تسعى إلى إطالة أمد الحرب على الأراضي السودانية”، مضيفا أن جنوب السودان مستمر في دعم وإيواء حركة التمرد السودانية.

ويرى مراقبون أن حسابات جوبا في دعم الحركة الشعبية تتقاطع ودول أخرى في المنطقة بهدف الإبقاء على ورقة ضغط على الخرطوم، وهذا ما يثير غضب الأخيرة.

وسبق أن سربت معلومات في الأيام الماضية عن سعي الرئيس سيلفا كير ميارديت للقاء نظيره عمر البشير بيد أن الأخير رفض ذلك.

العرب اللندنية