الموقف الأميركي تجاه التصعيد التركي يربك الأكراد

الموقف الأميركي تجاه التصعيد التركي يربك الأكراد


دمشق – عاود الجيش التركي، الأربعاء قصف مواقع لوحدات حماية الشعب الكردي في شمال شرق سوريا، وطال القصف حتى مناطق واقعة تحت سيطرة النظام السوري، الذي أعرب عن تنديده بـ“العدوان الصارخ الذي أقدم عليه أردوغان”.

وجاء القصف الجديد بعد ساعات قليلة من ردّ باهت للإدارة الأميركية، حيال استهداف مقاتلات تركية لمقرّ الوحدات في الحسكة الثلاثاء، تولى تمريره المتحدث باسم الخارجية مارك تونر في الموجز الصحافي.

وفي بيان صادر عن رئاسة الأركان التركية، قصفت المدفعية التركية ظهر الأربعاء، مواقع تابعة للوحدات الكردية وللنظام السوري.

ويرجّح مراقبون أن يستمر التصعيد التركي ضد الوحدات، وسط تساؤلات حول الدوافع الكامنة خلف الموقف الأميركي، خاصة وأن تركيا تؤكد أنها أعلمت واشنطن مسبقا بالضربات.

وارتفعت حصيلة القتلى جرّاء القصف التركي على مقر الوحدات الكردية في الحسكة إلى 28 شخصا من المقاتلين والعاملين في مركز إعلامي، وفق ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان الأربعاء.

وأوضح المرصد أن بين القتلى قيادية في وحدات حماية المرأة الكردية. وكانت حصيلة سابقة للوحدات أفادت بمقتل عشرين شخصا.

وشنّت طائرات تركية فجر الثلاثاء عشرات الغارات على مقرّ القيادة العامة لوحدات حماية الشعب بالقرب من مدينة المالكية الواقعة في محافظة الحسكة عند المثلث الحدودي بين سوريا وتركيا والعراق.

وتصنّف تركيا الوحدات مع جناحها السياسي حزب الاتحاد الديمقراطي منظمة “إرهابية” وتعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني.

ويتلقى المقاتلون الأكراد دعما عسكريا من التحالف الدولي بقيادة واشنطن بعدما أثبتوا فعالية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية وتمكّنوا من طرد الجهاديين من مناطق عدة. وبعد ساعات من القصف التركي، وفي حركة رمزية تفقّد مسؤول أميركي من التحالف الدولي الموقع المستهدف رفقة قياديين أكراد.

إبراهيم إبراهيم: أنا لا أتصور أن الولايات المتحدة ستتخلى عن قوات سوريا الديمقراطية
واعتبر الناطق الرسمي باسم الوحدات ريدور خليل أن التحالف “يتحمّل مسؤولية كبيرة وعليه أن يقوم بواجبه في حماية المنطقة كوننا شركاء في محاربة داعش”، معتبرا أنه “لا يمكن لتركيا أن تقصفنا وألا يصدر موقف من التحالف”.

وفي وقت لاحق، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر عن “قلق عميق” إزاء القصف التركي الذي شمل أيضا مواقع للأكراد والإيزيديين في شمال العراق، “من دون تنسيق مناسب سواء مع الولايات المتحدة أو التحالف الدولي ضد داعش”.

وزاد التعقيب المحتشم للإدارة الأميركية، من شكوك الأكراد الذين باتوا يخشون حقيقة من أن يكون هناك توجه جديد لإدارة ترامب يكونون هم ضحيته. ويقول مدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل لـ“العرب” “الموقف الأميركي لا يزال مبهما لنا ويحمل تساؤلات كثيرة عن حقيقة الأمر، خاصة وأنه لا يمكن أن لا تكون واشنطن غير مطلعة على هذا الهجوم”.

وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أكد أن أنقرة أطلعت قبل أسابيع الولايات المتحدة وروسيا والتحالف الدولي بشنّ عملية في هذه المنطقة.

وأوضح المتحدث باسم الخارجية التركية حسين مفتي أوغلو أن أنقرة أبلغت الملحقين العسكريين الأميركي والروسي خطيا، بينما اتصل رئيس هيئة الأركان التركي الجنرال خلوصي أكار بنظيريه في موسكو وواشنطن.

واعتبر نواف خليل أن “هذه الهجمات التركية ستدفع الأكراد للتوقف كثيرا عند هذا الموقف الأميركي الباهت الذي يبدو أنه لن يبقى طويلا حتى يظهر على حقيقته”.

ورجّح أن يكون جزء من الموقف الأميركي مرتبطا بزيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى واشنطن حيث يسعى من خلالها للضغط لإيقاف عملية تحرير الرقة بيد القوات الكردية وإقامة منطقة آمنة يريدها في شمال سوريا. وشدد مدير المركز الكردي للدراسات “إذا استمر الموقف الأميركي كما هو، فعلى الأكراد أن يبحثوا على خيارات أخرى”، ولفت إلى أن الموقف الروسي مثير هو الآخر حيث اقتصر على وصف ما حدث بغير المقبول دون أن يبدو حازما.

وفيما يغمز خليل إلى إمكانية تغيّر الرهان الأميركي في المنطقة، يبدي إبراهيم إبراهيم مدير المركز الإعلامي لحزب الاتحاد الديمقراطي في أوروبا ثقة حيال علاقة حزبه وذراعه العسكرية بواشنطن.

وقال إبراهيم لـ“العرب” “نحن ندرك أن المصالح الدولية الكبرى هي التي تحدّد السياسات، لكن في المقابل استطاع الأكراد في سوريا أن ينتزعوا موقعا جد مهم في تحديد هذه السياسات والمصالح لمراكز العالم حيث بات من الصعب تخلي هذه المراكز عنهم سيما بعد أن فقدت ثقتها بالجانب التركي الذي بدا واضحا دعمه لتنظيم داعش الاٍرهابي”.

وأضاف “أنا لا أتصوّر أن الولايات المتحدة ودول العالم ستتخلى عن قوات سوريا الديمقراطية وأتوقع ردا مناسبا على ضوء المصالح المشتركة”.

العرب اللندنية