اتفاق روسي أميركي بشأن إقامة مناطق آمنة في سوريا

اتفاق روسي أميركي بشأن إقامة مناطق آمنة في سوريا


دمشق – يسجل تقارب مثير بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وتركيا حول الملف السوري، وترجم ذلك في التوافق المبدئي بشأن إقامة أربع مناطق آمنة للمساعدة على تخفيف التوتر وتشجيع الفرقاء السوريين على الاستمرار بالمفاوضات.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء إن فكرة إقامة مناطق آمنة لحماية المدنيين في سوريا من القتال تتمتع بدعم واسع، لكن هناك حاجة للمزيد من المناقشات بشأن تفاصيل عملها. واعتبر بوتين أن إقامة مثل هذه المناطق ستفرض حظرا جويا إذا توقف القتال على الأرض بالكامل.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان في مدينة سوتشي، والذي أبدى ترحيبه بهذا التحول.

وقال أردوغان إنه بحث مع نظيره الروسي إقامة هذه المناطق “على الخارطة”، داعيا إلى اعتماد هذه الفكرة في أستانة حيث بدأت الجولة الرابعة من المفاوضات بين فصائل معارضة سورية ووفد النظام.

وأوضح أنه يعتقد أن بوتين سيلعب دورا مهما في ترسيخ وقف لإطلاق النار على الأراضي السورية.

ولطالما سعت أنقرة لإقامة مناطق آمنة في سوريا، بيد أنه كان هناك فيتو روسي وحتى أميركي (في عهد الرئيس باراك أوباما) على الأمر. ومع وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية أعيدت هذه الفكرة إلى الواجهة مجددا، خاصة وأن الأخير سبق أن تعهد في حملته الانتخابية بإقامتها.

وأبدت موسكو في البداية تحفظها على توجه ترامب، بيد أنها اليوم تعود وتوافق على ذات الطرح بعد تعديلات يتوقع أنه تم التوافق عليها بين البلدين.

المناطق الآمنة لا تعني مناطق حكم مؤقتة، وإنما هدفها توفير هدنات أمنية تشجع على الحوار السوري السوري
ويثير هذا التغير في الموقف الروسي تأويلات كثيرة، من أبرزها أن روسيا وفي ظل إبداء الولايات المتحدة جدية في هذا التمشي عبر تحركاتها العسكرية على الحدود الشمالية والجنوبية لسوريا ترى أنه من الأفضل التوصل إلى اتفاق معها بهذا الشأن حتى لا تنفلت الأمور من يديها.

ونشرت الولايات المتحدة في الأيام الماضية قوات لها لمراقبة الوضع على الحدود التركية السورية بعد ضربات شنتها تركيا على حليفتها وحدات حماية الشعب.

وقبل ذلك، تم رصد تحركات عسكرية أميركية بريطانية على الحدود الأردنية السورية، وسط أنباء عن تحرك أميركي قريب لإنشاء منطقة آمنة في الجنوب الهدف منها قطع الطريق أمام إيران لتثبيت موطئ قدم هناك بالقرب من إسرائيل.

ومهدت المعارضة السورية لهذا التطور الروسي بإعلانها قبل يومين أن موسكو طرحت مبادرة تقوم على إنشاء مناطق تخفيف توتر تضم كلا من محافظة إدلب (شمال غرب) وشمال حمص (وسط) والغوطة الشرقية قرب دمشق وجنوب سوريا واعتماد قوات فصل محايدة على خطوط التماس بين المعارضة والنظام.

ويدرس الفرقاء السوريون، الذين اجتمعوا الأربعاء والخميس في العاصمة الكازاخستانية أستانة، المبادرة الروسية وفق ما قال مصدران مقربان من المعارضة السورية.

ويشير المتابعون إلى أن المناطق الآمنة لا تعني مناطق حكم مؤقتة، وإنما هدفها توفير هدنات أمنية تشجع على الحوار السوري السوري، فضلا عن التدخل الإنساني لفائدة المهجرين.

ولا شك أن هذا التطور المستجد ستكون إيران أكبر المتضررين منه حيث سيفشل خططها للتغيير الديموغرافي القائم على اعتبارات طائفية ودينية، ومنع الاسترسال في تنفيذ سوريا المفيدة الخالية من الخصوم.

ويتوقع أن تسعى طهران للحيلولة دون نجاح الأمر ، وهو ما يفسر إعلانها الثلاثاء عن قرار بإرسال المزيد من المستشارين العسكريين إلى سوريا.

ويرى مراقبون أن هذا التوافق المبدئي بين الجانبين الروسي والأميركي حول المناطق الآمنة قد يشرع الباب أمام حل نهائي للأزمة السورية، ولكن البعض يقول إن “الشيطان يكمن في التفاصيل”، وبالتالي ضرورة عدم الإسراف في التفاؤل، ويستدلون على ذلك بما حدث الأربعاء في أستانة من مقاطعة للمعارضة للاجتماعات، معتبرين أنه مؤشر “لا يشجع بالمرة”.

العرب اللندنية