شيخ الأزهر يسعى لاسترضاء جبهة الخصوم بإقالة رئيس الجامعة

شيخ الأزهر يسعى لاسترضاء جبهة الخصوم بإقالة رئيس الجامعة


القاهرة – عزل أحمد الطيب شيخ الأزهر، مساء الجمعة، أحمد حسني القائم بأعمال رئيس جامعة الأزهر من منصبه، عقب اتهام الأخير للباحث المصري إسلام البحيري بأنه مرتد عن الإسلام، ما يعني تكفيره وإهدار دمه بعد حديث له قال فيه “الأئمة الأربعة هم سبب الإرهاب”.

ويأتي قرار التغيير في وقت يواجه الأزهر نيران انتقادات شرسة في مصر تعتبر أن المرجع السني الكبير لا يقوم بما يكفي لمواجهة التطرف.

وكان رئيس جامعة الأزهر المعزول ظهر في برنامج تلفزيوني الأربعاء على فضائية خاصة، اتهم فيه البحيري بالردة بزعم أنه أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة.

وبعد تعرضه لهجوم إعلامي شديد، اعتذر حسني عن كلامه الخميس، وقال إنه أخطأ في حق البحيري، لكن ذلك لم يشفع له عند الإمام الطيب الذي يسعى لإثبات أنه يقف بقوة ضد التطرف في ظل جبهة مصرية واسعة تطالب بإصلاح الأزهر.

وكان حسني قال في مقابلة تلفزيونية مع قناة “القاهرة والناس” الفضائية “بالنسبة إلى إسلام البحيري (…) ما كان يقوله في برنامجه هو ازدراء للإسلام. فعندما يتهجم على فقهاء المذاهب الإسلامية ويقوم بتكذيبهم… هذا الكلام يمكن أن أقول إنه ارتد به عن الإسلام”. وحين راجعه المحاور مندهشا رد طه “لأنه (البحيري) ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة”.

وأعلن في بيان اعتذاره الذي نشر على موقع الجامعة على الانترنت إن “الرد الذي رددته كان خاطئا تماما (…) وهو يخالف منهج الأزهر الشريف”.

وقال مصدر أزهري لـ”العرب” إن الطيب يحاول استثمار اللحظة الراهنة بتراجع لهجة التصعيد ضد الأزهر عقب زيارة البابا فرانسيس للقاهرة والتي كان شعارها المحبة والسلام والسماحة، فضلا عن تراجع نواب داخل البرلمان عن تأييد مشروع قانون يعيد هيكلة الأزهر ويعزل شيخه.

وأضاف المصدر أن إبقاء الطيب لرئيس جامعة الأزهر في منصبه، بعد تكفيره البحيري كان سيفتح عليه نيران الغضب من اتجاهات متعددة، لا سيما عقب تمسكه إلى الآن بعدم تكفير تنظيم داعش.

يشار إلى أن جامعة الأزهر بلا رئيس فعليّ منذ عام ونصف العام، وجميع من تعاقبوا على رئاستها على مدار هذه الفترة يقومون بتسيير الأعمال دون أسباب معلومة وواضحة لعدم اختيار رئيس دائم لها حتى الآن.

ويعد البحيري أحد أبرز من انتقدوا الطيب وبلغ هجومه عليه حدّ وصفه بأنه من تسبب في انتشار التطرف وسفك الدماء بتمسكه بمناهج الأزهر الحالية دون تغيير.

وفي يوليو 2016 أيدت محكمة النقض (أعلى محكمة للطعون في البلاد)، بحبس البحيري سنة بتهمة ازدراء الأديان، وحصل على عفو رئاسي في نوفمبر الماضي، وعاود انتقاداته للأزهر ومناهجه.

ويرى مراقبون أن تضحية أحمد الطيب برئيس جامعة الأزهر بهذه الطريقة دون إرغامه على تقديم استقالته محاولة لإظهار الأزهر أنه يسعى للتغيير بإقصاء متشددين فكريّا داخله، ما يخفف من حدة تعرضه للهجوم والانتقاد المتكرر.

وتصاعدت وتيرة الغضب ضد الأزهر منذ إعلان الطيب قبل عام ونصف العام أنه ضد تكفير تنظيم داعش مهما بلغت جرائم التنظيم، فضلا عن جمود مواقفه بشأن بعض القضايا الحياتية ومنها تمسكه بعدم الاعتراف بإسقاط الطلاق الشفهي، بعكس ما كان يريد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للحد من ارتفاع حالات الطلاق في المجتمع.

وترى دوائر سياسية أن الطيب يريد أن ينتهز فرصة انقسام مجلس النواب حول الاقتراح المقدم من البرلماني محمد أبوحامد بتغيير قانون الأزهر وإمكانية عزل شيخه وتوقيع نحو مئتي نائب ضد المقترح، بأن يقدم على خطوة جريئة لمناصرة أحد أبرز أعدائه، وهو البحيري، لإظهار وسطية الأزهر واقترابه من التنويريين.

وقال أحمد عامر الباحث في شؤون الأزهر إن الطيب ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.

وأضاف عامر في تصريحات لـ”العرب” أن شيخ الأزهر يسعى جاهدًا لتخفيف الضغوط الواقعة عليه، ويحاول استمالة البرلمان ناحيته بتأييده تشريعات تخص الشأن الديني، وآخرها مشروع قانون تنظيم الفتاوى، والعمل على مجاراة موجة الغضب ضده بالتضحية بمن يثيرون الأزمات مع دعاة التجديد حتى وإن كانت بينه وبينهم معارك كلامية.

العرب اللندنية