حملة على العبادي بسبب صفقة أميركية لمراقبة طريق الأنبار

حملة على العبادي بسبب صفقة أميركية لمراقبة طريق الأنبار


بغداد – تواجه خطة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالتعاقد مع شركة أميركية لحماية الطريق البري الذي يربط العراق بكل من سوريا والأردن حملة إعلامية مناهضة من أحزاب إيران بلغت حد اتهام حكومته بالعمل على ضمان أمن إسرائيل والتخطيط لمنع التحرك الإيراني باتجاه سوريا.

وعقب تسريبات وتكهنات استمرت عدة شهور كشف العبادي، نهاية الشهر الماضي، عن مفاوضات مع شركة أميركية لتأمين واستثمار الطريق البري الذي يربط العاصمة العراقية بغداد بمنفذيْ الوليد مع سوريا وطريبيل مع الأردن مرورا بمحافظة الأنبار.

وتحول هذا الطريق إلى رمز للموت في العراق خلال حقبة العنف الطائفي بين 2006 و2008، قبل أن تنجح عشائر المنطقة في كسر شوكة تنظيم القاعدة الذي كان يسيطر عليه.

ومع سقوط أجزاء واسعة من محافظة الأنبار في أيدي عناصر داعش، ولا سيما الصحراوية منها، خلال 2013 تعطّل المرور عبر هذا الطريق مجددا، ليخسر العراق شريانا حيويا وموردا اقتصاديا فعالا.

ومع استعادة القوات العراقية معظم مناطق الأنبار عاد ملف هذا الطريق إلى الواجهة، وسط مطالب سكان الأنبار بتشغيله وفتح المنفذ الحدودي مع الأردن.

وتلافيا لإرسال جيوش جرارة إلى الصحراء بهدف تأمين هذا الطريق، لجأ العبادي إلى شركة أميركية تتولّى أمنه.

وتقول مصادر “العرب” إن هذا الملف “استغرقت دراسته ثمانية أشهر من قبل لجنة عليا شكلها مجلس الوزراء العراقي تضم وزارات الدفاع والداخلية والإعمار والإسكان والتخطيط وهيئة الاستثمار وشرطة الحدود ووزارة المالية وهيئة المستشارين، وبعد دراسة وتحليل العروض المقدمة قدمت اللجنة تقريرها موصية بإحالة المشروع إلى “أولف” الأميركية.

المشروع لا يتطلّب أن تدفع الحكومة أيّ مبالغ عن التنفيذ، بل تقوم الشركة باستقطاع مبالغ من السيارات التي تستخدم الطريق، على أن تدفع جزءا منها للخزينة العامة
وتضيف المصادر أن عدة شركات تقدمت لهذا المشروع، ولكن المنافسة انحصرت بين شركتين أميركيتين. ويشمل المشروع صيانة الطريق وبناء الجسور المدمّرة وحماية الطريق من الجانبين بسياج حديدي عرضه أربعة كيلومترات من الجانبين وإنشاء محطات استراحة ومطاعم استثمارية على جانبي الطريق ومحلات خدمة السيارات.

ولا يتطلب المشروع أن تدفع الحكومة أيّ مبالغ عن التنفيذ، بل تقوم الشركة باستقطاع مبالغ من السيارات التي تستخدم الطريق، على أن تدفع جزءا منها للخزينة العامة.

وتكشف المصادر أن الشركة الأميركية ستتعاقد مع شركة أمنية عراقية خاصة لحماية الطريق وضمان عدم ظهور أيّ عناصر أجنبية لمستخدمي الطريق، على أن ترابط قطعات من الجيش العراقي في مواقع عسكرية محدّدة لتقديم الإسناد في حال وقوع خروق أمنية.

وتتضمن تفاصيل العقد مراقبة طول مسافة الطريق بالكاميرات وإنشاء مواقع هبوط وإقلاع طائرات الهليكوبتر التي تستخدمها الشركات الأمنية في الاستجابة للتهديدات العاجلة.

ومن المنتظر أن تباشر الشركة تشييد مقرها المسيطر لتنفيذ المشروع قرب منطقة الرطبة، نحو 500 كم غرب بغداد، على أن يفتتح الطريق نحو الحدود الأردنية مطلع أغسطس القادم.

لكن خطة رئيس الوزراء العراقي تواجه حملة إعلامية مناهضة تتضمن اتهامه بالعمالة لإسرائيل.

ويقول نواب في البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي إن تولي جاريد كوشنر لهذا الملف يؤكد أن غايته ضمان أمن إسرائيل من أيّ تهديد إيراني برّي.

ويقول هؤلاء إن “تكليف كوشنر، وهو يهودي، بهذا الملف قرار يتصل بإسرائيل التي تريد عزل الجزء الشيعي من العراق، الموالي لإيران، عن سوريا والأردن عبر سيطرة شركة أميركية على المنفذ البري الوحيد نحو الجارتين الغربيتين للعراق.

ويطالب قادة في قوة الحشد الشعبي بمنحهم دورا في حماية هذا الطريق الذي شهد خلال الأسبوعين الأخيرين سلسلة هجمات لتنظيم داعش ضد القوات العراقية أسفرت عن مقتل وجرح واختطاف العشرات من الجنود.

وتقول شخصيات سياسية شيعية في بغداد إن موافقة العبادي على تسليم القرار الأمني لطريق الأنبار الدولي إلى شركة أميركية تعني عزل إيران عن التأثير في المجال الحيوي لسوريا ومنعها من نقل المقاتلين والأسلحة إلى نظام الرئيس بشار الأسد.

ومع التأييد الشعبي الواسع في محافظة الأنبار لهذا التوجه، وهي المستفيد الأكبر منه، يبدو أن لدى العبادي الكثير من الأنصار لمساعدته في احتواء الهجمات الموجهة ضده.

ويقف معظم نواب محافظة الأنبار إلى جانب العبادي في دفاعه عن هذا المشروع، في حين يطالب نواب في محافظة البصرة، جنوبا، بمشروع مماثل لإدارة المنفذ البحري هناك، إذ تشيع الأخبار عن الفساد المالي في عمليات التخليص الجمركي عبر ميناء أمّ قصر.

العرب اللندنية