شركات المقاولات الخليجية تكافح للتأقلم مع خفض الإنفاق

شركات المقاولات الخليجية تكافح للتأقلم مع خفض الإنفاق


لندن – قال خبراء ومحللون اقتصاديون إن الكثير من شراكات المقاولات الخليجية تكافح لوقف نزيف الخسائر بسبب الضغوط الناجمة عن السياسات الحكومية الجديدة لمواجهة تداعيات انخفاض عوائد صادرات النفط نتيجة تراجع الأسعار.

وأكدوا أن الصعوبات التي تواجهها الشركات نتيجة طبيعية للإصلاحات الاقتصادية القاسية وتراجع الإنفاق الحكومي، الذي أدى إلى تأخر سداد بعض المستحقات وتعطل العديد من المشاريع.

وأدت إصلاحات سوق العمل وخفض الدعم الحكومي للوقود والمياه والكهرباء إلى زيادة تكاليف التشغيل وخفض إيرادات شركات المقاولات، التي تكافح للتأقلم مع السياسات الحكومية لبناء الاقتصاد على أسس مستدامة.

وأشار تقرير حديث صادر عن شركة أوبار كابيتال ومقرها عُمان، إلى أن معظم شركات التشييد تواجه آفاقا مقلقة بسبب اعتمادها بشكل كبير على الأعمال الحكومية في تدفقاتها النقدية.

وأظهر التقرير أن شركات البناء والتشييد المدرجة في بورصات الخليج سجلت في العام الماضي زيادة في الخسائر بنسبة 3 بالمئة مقارنة بخسائر عام 2015 لتصل إلى 1.22 مليار دولار.

وضاح الطه: مشاكل قطاع المقاولات انعكست على الشركات المرتبطة بنشاط القطاع
وقال محمد التركي مدير العقارات في شركة الوليد لإدارة العقارات ومقرها دبي، إن التداعيات السلبية على “قطاع المقاولات الخليجي نتيجة طبيعية لانخفاض أسعار النفط وتأثر إنفاق الحكومات والذي تسبب في تراجع حجم المشروعات المطروحة للتعاقد أو المنفذة وتأجيل تنفيذ مشاريع كبرى”.

وألغى قطاع المقاولات السعودي في العام الماضي مشاريع تصل قيمتها إلى 267 مليار دولار خصوصا تلك التي لا يتناسب حجم الإنفاق عليها مع العائدات الاقتصادية والتنموية المتوقعة منها.

ونسبت وكالة الأناضول إلى التركي قوله إن تأخر بعض الحكومات الخليجية في سداد مستحقات شركات المقاولات أصبح يمثل أزمة كبرى في دول مثل السعودية وعمان، حيث قلص التدفقات النقدية للمقاولين، ودفعهم لتسريح عشرات الآلاف من العمال.

وقال الخبير الاقتصادي وضاح الطه إن قطاع الإنشاءات في الخليج بشكل عام يمر بحالة من الركود في ظل تراجع الإنفاق الحكومي في مسعى لضبط المالية العامة وإعادة تحديد أولويات الإنفاق.

وأضاف أن تعـرض قطاع المقـاولات إلى مشاكـل مالية يلقي بظـلاله على قطـاعات أخـرى مرتبطـة بالأعمـال الإنشائية مثل الحديد والأسمنت ومواد البناء، ما يتسبب في تضرر عدد من الموردين الذين تتعامل معهم الشركات نتيجة الضغوط التي تحيط بها.

لكنه أكد أن قطاع المقاولات في المنطقة لا يزال يحافظ على جاذبيته رغم التحديات التي يواجهها، فهناك مؤشرات نمو في نشاطات البناء وتنفيذ المزيد من المشروعات المجدية وخاصة مع استعدادات الإمارات لاستضافة معرض أكسبو 2020 وتنظيم قطر لبطولة كأس العالم 2022.

وانخفضت قيمة عقود الإنشاءات التي وقعتها شركات المقاولات الخليجية خلال العام الماضي بنسبة 19 بالمئة لتتراجع إلى 78 مليار دولار من نحو 96 مليار دولار في 2015 وفق تقرير لشركة “ميد” للمشاريع.

19 بالمئة نسبة انخفاض قيمة عقود شركات المقاولات الخليجية في العام الماضي لتصل إلى 78 مليار دولار
ويرجع التقرير سبب هبوط عقود الإنشاءات الممنوحة في العام الماضي إلى انخفاض إيرادات الدول الخليجية جراء انخفاض أسعار النفط والذي ترك أثراً عميقاً على سوق الإنشاءات.

وتشير بيانات بعض شركات المقاولات المدرجة في الأسواق الخليجية إلى أنها وضعت برامج للتكيف مع التحديات والمتغيرات المتلاحقة في القطاع منها، إعادة الهيكلة وتخفيض رأس المال وبيع حصة لمستثمر استراتيجي في محاولة لتعويض الخسائر المتواصلة.

ومن بين تلك الشركات أرابتك القابضة ومقرها دبي، التي أعلنت عن خطة إعادة هيكلة رأسمالها عن طريق تخفيض رأس المال الحالي لوقف نزيف الخسائر المتراكمة.

وتعاني أرابتك منذ أكثر من عامين من كساد في سوق مشروعات البنية التحتية في منطقة الخليج وتفاقمت مشكلاتها بفعل اتفاقات داخلية بين مساهمين وتغييرات في الإدارة العليا.

وتبنت شركة دريك أند سكل إنترناشونال المدرجة في بورصة دبي خطة لإعادة هيكلة رأسمال الشركة ودخول شريك استراتيجي وذلك بعد وصول خسائرها إلى نحو 270 مليون دولار في العام الماضي بحسب بيانات الشركة.

وتتضمن الخطة خفض رأس المال المدفوع البالغ نحو 621 مليون دولار بنسبة 50 بالمئة بسبب تداعيات تراجع سوق البناء الخليجية نتيجة تراجع الإنفاق الحكومي على البنية التحتية.

وفي السعودية تضررت مجموعة بن لادن إحدى أكبر شركات المقاولات في الشرق الأوسط، شأنها شأن الكثير من شركات البناء الأخرى جراء تدني أسعار النفط الذي دفع الحكومة إلى خفض إنفاقها.

وتواجه مجموعة بن لادن، التي تأسست منذ أكثر من 80 عاما ويعمل فيها نحو 220 ألف عامل حاليا، أزمة مالية كبيرة على خلفية حادث سقوط رافعة الحرم المكي في موسم الحج في سبتمبر 2015 والذي تسبب في وفاة 107 أشخاص.

ولا تزال المجمـوعة تعـانـي مـن مصـاعب مالية رغـم صدور أمر ملكي في مـايو 2016، يقضي بإعادة تصنيف المجمـوعة وعودتها إلى العمــل في المشروعات التـي توقفـت، ورفـع حظر سفــر أعضـاء مجلـس الإدارة والسمـاح للمجموعـة بالتقـدم للمشـروعات مرة أخرى.

العرب اللندنية