اقتراب الحسم في الموصل يطلق سباقا خفيا نحو مناطق الحدود

اقتراب الحسم في الموصل يطلق سباقا خفيا نحو مناطق الحدود

يواجه رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، لحظة فارقة في مسار العمليات العسكرية الموجهة ضد ما تبقى من جيوب تنظيم داعش في العراق، لجهة تحديد الهدف القادم والقوات التي ستتولّى المهمّة، وسط تصاعد ضغوط قادة الحشد الشعبي الذين يطالبون بالحصول على أدوار جوهرية في العمليات العسكرية المرتقبة.

ولا يزال تنظيم داعش يفرض سيطرته على أجزاء مهمة من محافظات عراقية، أبرزها منطقة الحويجة، ذات الأغلبية العربية السنية في كركوك، وجزء من منطقة الشرقاط في صلاح الدين، وأقضية عنة وراوة والقائم في محافظة الأنبار غربي العراق، فضلا عن منطقة تلعفر في نينوى، وأجزاء من المنطقة القديمة من الجزء الغربي لمدينة الموصل.

وتقول مصادر عسكرية ميدانية في المدينة، إن أياما معدودة تفصل القوات العراقية عن إعلان سيطرتها على كامل الجزء الغربي من الموصل الذي يعرف بالساحل الأيمن بعد معارك شاقة قتل خلالها الآلاف من المدنيين والعسكريين، وخلفت دمارا هائلا على مستوى البنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة.

وبحسب هذه المصادر، فإن القوات المشتركة التي ستنتهي من معركة مركز الموصل ستتجه غربا نحو تلعفر، ربما منتصف شهر رمضان المقبل لاستعادتها من داعش.

وكشفت المصادر أن التشكيل الذي كلف بمهمة استعادة تلعفر يتكون من الفرق العسكرية في الجيش العراقي 15 و16 و9، والعمليات الخاصة الثانية في جهاز مكافحة الإرهاب، وقوات الرد السريع التابعة للشرطة الاتحادية، مع لواءين من المتطوعين التركمان، هما “الحسين” الشيعي و”عبدالرحمن الدولة” السني، على أن تكون القيادة حصرية لغرفة العمليات المشتركة التي يعمل فيها مستشارون أميركيون إلى جانب ضباط عراقيين.

وتقول المصادر، إن القيادة العسكرية ستمنح القطعات المكلفة باستعادة تلعفر أسبوعا واحدا للتعبئة، بعد استعادة الساحل الأيمن.

وتشكو القوات العراقية التي تشارك في عمليات الموصل من إنهاك شديد، بسبب اضطرارها لخوض معارك صعبة وطويلة، فيما يعبر المستشارون الأميركيون عن شكوكهم في قدرتها على خوض معارك جديدة قريبا.

غير أنه لا يبدو أن هناك حلاّ لإشكالية تعدّد الجبهات سوى الضغط على القوات المتاحة لتنفيذ المزيد من المهام في مدد زمنية متقاربة.

رغبة أميركية في تأجيل معركة الحدود ريثما تتضح الصورة على الساحة السورية وتستكمل واشنطن ترتيباتها هناك

وتقول المصادر إن العبادي ناقش مع مستشارين عراقيين وأميركيين ظروف استعادة منطقة الحويجة في كركوك، حيث التضاريس المعقدة. ويُعتقد أن داعش يتخذ من الحويجة مقرا لسكن عائلات أبرز قادته الميدانيين، في حين تقول مصادر استخبارية إن التنظيم استغل تضاريس المنطقة وسعة مساحتها وانفتاحها على حقول زراعية، لإنشاء دفاعات شديدة التحصين.

ووفقا للمصادر، فإن القوات التي اختيرت لاستعادة الحويجة تشتمل على قيادات عمليات سامراء وصلاح الدين وشرق دجلة، فضلا عن لواءين تابعين للعتبة العباسية، وفرقة خاصة من منظمة بدر، مع أربعة ألوية من الحشود العشائرية السنية. ولم يسبق لأي من هذه القوات أن خاضت معارك مهمة خلال الشهرين السابقين.

وتقول المصادر إن النقاش مستمر بشأن موعد عملية الحويجة، وما إذا كان سيتزامن مع معركة بسط السيطرة على حدود العراق مع سوريا.

وعلى ما يبدو، فإن المستشارين العسكريين الأميركيين، يفضلون بدء عملية محدودة لتأمين حدود العراق مع السعودية والأردن بالتزامن مع عملية الحويجة، على أن تؤجل العملية الرئيسية لاستعادة منطقة القائم قرب الحدود العراقية السورية إلى ما بعد انتهاء فصل الصيف، الذي حل في العراق. ويثير ذلك الشكوك لدى القوى العراقية الموالية لإيران في أن واشنطن تريد أن تعطي لنفسها مهلة أوسع من الوقت لوضع ترتيبات تتجاوز العراق بحدّ ذاته إلى سوريا المجاورة، حيث لم تتضح الصورة بعد بشكل جلي، وحيث تسابق الولايات المتحدة الزمن لبسط سيطرتها على مفاصل مهمّة تحت غطاء دعم الفائل الكردية في حربها ضد تنظيم داعش.

وإذا كانت عملية توزيع الأدوار في معارك تلعفر والحويجة تسير بسلاسة، فإنها تواجه جدلا كبيرا في ما يتعلق بمعارك تأمين الحدود، ولا سيما السورية.

وتطالب قيادات في الحشد الشعبي، ولا سيما كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، المقربتين من إيران، بدور محوري في عمليات تحرير غرب العراق.

وتخشى هذه القيادات، أن يؤدي اتفاق العبادي مع شركة أميركية على تأمين الطريق الممتد نحو حدود العراق مع كل من سوريا والأردن عبر محافظة الأنبار، ذات الغالبية السنية، إلى تحييد دور الحشد الشعبي في التواصل مع مناطق النفوذ الإيراني في سوريا.

وتتحدث قيادات الحشد الشعبي عن دور أميركي “مشبوه” في هذا الملف، يستهدف عزل الجزء العربي الشيعي من العراق عن سوريا والأردن، عبر تكثيف الوجود العسكري الأميركي في محافظة الأنبار، تحت ستار شركات أمنية خاصة لحماية الطريق الدولية.

وتعزز المعلومات التي رشحت عن تشكيل القوات الذي جرى الاتفاق عليه لاستعادة مناطق غرب العراق، من مخاوف الحشد الشعبي.

وتقول هذه المعلومات، إن الجانب الأميركي اتفق مع العبادي على أن توكل عمليات تأمين حدود العراق مع كل من السعودية والأردن، التي تعد سهلة نسبيا، لقوات من الجيش العراقي، على أن يتولى جهاز مكافحة الإرهاب، وفرق مدرعة في الجيش العراقي، مع 5 آلاف متطوع من عشائر الأنبار، تنفيذ الجزء الرئيسي من معارك غرب العراق، المتمثل في استعادة منطقة القائم الحدودية مع سوريا.

وتعتبر القائم، موقعا تقليديا لتدريب المقاتلين المتشددين، وإرسالهم نحو أهدافهم في مختلف مناطق العراق وسوريا، كما أنها تضم أكبر مخازن السلاح التي يملكها داعش، وفقا لتقديرات استخبارية.

وتشير المصادر إلى أن الأميركيين يريدون إشرافا مباشرا على عمليات المنطقة الغربية، لضمان الحصول على الدعم لها من الأردن والسعودية، اللذين يرفضان اقتراب قوات الحشد الشعبي من حدودهما.

وأنشأت القوات الأميركية موقع تدريب وقيادة في قاعدة عين الأسد غرب محافظة الأنبار، وأشرفت على عمليات محدودة استهدفت قيادات في تنظيم داعش ونفدتها قوات عراقية خاصة، وتم بعضها داخل الأراضي السورية.

صحيفة العرب اللندنية