لقاء حفتر والسيسي بالقاهرة امتداد لتفاهمات أبوظبي

لقاء حفتر والسيسي بالقاهرة امتداد لتفاهمات أبوظبي


القاهرة – عقد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي جلسة مباحثات مع المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي في القاهرة السبت، وشدد على أهمية رفع القيود المفروضة على توريد السلاح للجيش الليبي باعتباره ركيزة أساسية للقضاء على خطر الإرهاب في البلاد.

وذكرت مصادر أمنية أن القاهرة تريد إقناع القوى الدولية المؤثرة في الأزمة الليبية بضرورة رفع حظر السلاح، لأن الوضع الراهن يخل بالتوازن العسكري ويجعله يميل أحيانا لصالح الميليشيات المسلحة التي نجحت في الاستيلاء على كميات كبيرة من مخازن الجيش الليبي عقب اندلاع ثورة فبراير 2011.

وأكدت لـ”العرب” أن مصر قلقة للغاية من عمليات تهريب الأسلحة من قبل جهات خارجية لصالح جماعات متشددة ساعدتها على الصمود حتى الآن، في حين يحاول المشير خليفة حفتر إتمام استلام صفقات أسلحة جرى توقيعها مع روسيا إبان عهد العقيد معمر القذافي، ولا تزال محاولاته تلقى اعتراضا من جانب بعض القوى الإقليمية والدولية.

وأشارت إلى أن المساعدات المادية التي تقدمها مصر للجيش الليبي تظل محفوفة بالخطر لأنها تتم غالبا في السرّ وفي نطاق محدود، وتخشى القاهرة أن يتم استغلالها ضدها في لحظة معينة، لذلك تعتقد أن الخروج من المأزق الحالي لا سبيل أمامه سوى رفع حظر توريد الأسلحة بصورة قانونية.

ويعتقد البعض من المراقبين أن هذه الخطوة من الصعب حدوثها قبل التوافق على آليات نهائية للتسوية السياسية لأن رفع الحظر في هذه الظروف يصب في صالح حفتر والقوى الداخلية والخارجية الداعمة له، وبالتالي يخلّ بأيّ صيغة للتفاهم السياسي يمكن أن تقلق الجهات الداعمة لخصومه السياسيين.

اتهامات فرنسية لحكومة الوفاق بتهريب السلاح
طرابلس- تتهم فرنسا حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا بتقويض حظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا. وذكرت مجلة “دير شبيغل” الألمانية في تقرير لها السبت أن الحكومة الليبية في طرابلس تهرّب على ما يبدو أسلحة لميليشيات صديقة أو جماعات إسلامية.

وجاء في تقرير المجلة أن جنود مهمة “صوفيا” البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي أوقفوا عدة مرات القارب المستخدم في تهريب هذه الأسلحة.

وذكرت المجلة أن فرنسا طرحت هذا الموضوع للنقاش في لجنة السياسة والأمن التابعة للاتحاد الأوروبي في 25 أبريل الماضي.

وينطلق من السواحل الليبية يوميا مهاجرون من أفريقيا والشرق الأوسط إلى إيطاليا. ويحاول الاتحاد الأوروبي عبر مهمة “صوفيا” مكافحة عصابات تهريب البشر والسلاح، وتأسيس قوات ليبية لخفر السواحل وإنقاذ المهاجرين من الغرق.

وبحسب الوصف الفرنسي تستخدم الحكومة الليبية لتهريب الأسلحة من مصراتة إلى بنغازي قارب صيد كبير يبلغ عدد طاقمه نحو 15 رجلا.

وذكرت المجلة أن القارب كانت تنقل على متنه بنادق آلية وأسلحة أخرى خلال عمليات نقل الجرحى. كما عثر جنود مهمة “صوفيا” على ألغام وقاذفات صواريخ على متن زورق آلي آخر.

ومعروف أن مجلس الأمن الدولي يفرض حظرا للسلاح على ليبيا منذ فبراير 2011 عندما اتخذ العقيد الليبي الراحل معمر القذافي إجراءات مشددة للتعامل مع ثورة شعبية أطاحت بحكمه، ولا يزال القرار ساريا على الرغم من رحيل القذافي ونظامه.

وأوضح السيسي أن بلاده تسعى للتوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية من خلال تشجيع الحوار بين مختلف الأطراف، بما يساهم في عودة الاستقرار والحفاظ على سيادة ووحدة الأراضي الليبية.

وجاء لقاء القاهرة بين السيسي وحفتر استكمالا لخطوة مهمة بدأت في أبوظبي في الـ3 من مايو الجاري، حيث عقد اجتماع بين فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي الليبي وخليفة حفتر، بعد فشل العديد من محاولات الجمع بينهما، وآخرها فشل لقائهما في القاهرة فبراير الماضي.

وقال هاني خلاف، سفير مصري سابق في ليبيا، لـ”العرب” إن “لقاء السيسي وحفتر يمثل استكمالًا لما تمّ الاتفاق عليه بين الأخير والسراج في الإمارات، ويستهدف التوصل لإجراءات فعلية لحل الميليشيات وإدخالها ضمن مؤسسات الدولة وتسليم الأسلحة للجيش الليبي، في إطار مصالحة وطنية شاملة تضم كل الأطراف دون شروط مسبقة أو تصنيف حسب الانتماءات السياسية”.

وحظي الجمع بين حفتر والسراج على طاولة واحدة في أبوظبي بترحيب كبير من جهات كثيرة معنية بالأزمة، واعتبرته بارقة أمل لحل الأزمة المستعصية خاصة أنه تطرق إلى عمق عدد من المشكلات، وتوصل لتشكيل هيكل جديد اسمه “مجلس رئاسة الدولة” الليبية ويضم عقيلة صالح رئيس مجلس النواب والسراج رئيس حكومة الوفاق وحفتر قائد الجيش الوطني.

ورجح خلاف أن يتطور الدور المصري في ليبيا خلال الفترة المقبلة لأن السراج اتفق مع حفتر في الإمارات على مجموعة من الأمور لم يأخذ فيها رأي المجموعات التي تسانده وتدعمه في مصراتة والزنتان والزاوية، وهم أكثر تشددًا منه، وهنا يبرز دور القاهرة في محاولة لوضع النقاط على الحروف، بحيث يكون الجيش الوطني طرفا فاعلا في مؤسسة الرئاسة الليبية المقرر تشكيلها قريبًا.

وقال بيان الرئاسة المصرية إن لقاء السيسي وحفتر أكّد أهمية إعادة لحمة ووحدة المؤسسة العسكرية الليبية، وضرورة وقف تمويل التنظيمات الإرهابية ومدها بالسلاح والمقاتلين، والتصدي لمختلف الأطراف الخارجية التي تسعى إلى العبث بمقدرات الشعب الليبي.

وقال الخبير العسكري اللواء عبدالمنعم سعيد لـ “العرب” إن “مصر يمكن أن تلعب دورا في رفع القيود المفروضة على توريد السلاح للجيش الليبي بحكم سياستها المتوازنة

مع كثير من الأطراف الدولية المؤثرة في الأزمة”.

وأوضح أن أهم ما يسعى إليه حفتر حاليا هو رفع حظر السلاح على الجيش الليبي، مشيرًا إلى أن دخول الإمارات طرفا فاعلا ومهما في حل الأزمة الليبية يسهّل على مصر الكثير في علاقتها مع بعض الأطراف المعنية بالوضع في ليبيا، خاصة في جانب إعادة توريد السلاح ونزعه من الميليشيات ووقف تمويل القوى المتشددة.

وأشار بيان الرئاسة المصرية إلى أن “كافة المساعي التي تقوم بها مصر مع مختلف القوى السياسية الليبية تهدف إلى التوصل لصيغة عملية لاستئناف الحوار لمناقشة القضايا المحددة المتوافق على أهمية تعديلها وفقا لاتفاق الصخيرات، باعتباره المرجعية السياسية المتوافق عليها”.

وأعرب المشير حفتر عن تقديره للدور المصري الهام في الأزمة الليبية، مثمناً الجهود المصرية لمساعدة مختلف الأطراف للوصول إلى توافق، ومشيداً بحرص مصر على ضمان استقرار الوضع في ليبيا في ظل الروابط الأخوية التي تجمع الشعبين المصري والليبي.

وتبذل كل من تونس والجزائر جهودا لكبيرة لوضع حل مناسب للأزمة الليبية على قاعدة اتفاق الصخيرات.

العرب اللندنية