العالم يحصي الخسائر الاقتصادية لأعنف هجوم إلكتروني

العالم يحصي الخسائر الاقتصادية لأعنف هجوم إلكتروني

لندن – أكدت مجموعة من هيئات الأمن الإلكتروني حول العالم أمس، أن أغلب الجهات التي تضررت من الاختراق الإلكتروني في أكثر من 100 بلد تمكّنت من الحد من الخسائر، لكنها لن تتمكن من حصرها بشكل دقيق قبل اليوم الاثنين.

ويقول خبراء إن الشركات والمؤسسات والجهات الحكومية التي تم استهدافها لن يمكنها تقدير الخسائر قبل العودة إلى العمل من جديد، بينما لم يتضح بعد ما إذا كانت دول عربية تضررت من الهجوم.

ورغم ذلك، بدأ البعض من المحللين في تلك الهيئات في إحصاء الخسائر الأولية وتقدير كلفة حاجة الجهات المتضررة لتحديث أنظمتها التي قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات.

وطالت الهجمات مستشفيات بريطانية ومجموعة رينو الفرنسية لصناعة السيارات والنظام المصرفي الروسي ومجموعة “فيديكس” الأميركية وجامعات في اليونان وايطاليا، وغيرها من الأهداف في جميع القارات.

وأصاب “فيروس الفدية”، الذي استخدمه القراصنة قرابة 200 ألف نظام. ويمنع البرنامج الخبيث المستخدم من فتح برامجه ويجبره على دفع مبلغ قيمته 300 دولار لاستعادته، على أن تدفع المبالغ بالعملة الافتراضية “بيتكوين” التي يصعب تقفي أثرها.

وحاول القراصنة المجهولون الحصول على أكثر من نصف مليار دولار، وهو ما لم يحصل في نهاية المطاف. ويقول محللون إن استخدام البيتكوين في الابتزاز يفاقم مخاطر القرصنة.

فيصل البناي: الجرائم الإلكترونية تكلف الاقتصاد العالمي نحو 400 مليار دولار سنويا
وكان الأكثر تضررا من تلك الاعتداءات غير المسبوقة هو نظام الرعاية الصحية البريطاني، وفق الوكالة البريطانية للأمن المعلوماتي التي قدرت الخسائر الأولية بعشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية.

وتقول الوكالة إن تحديث أنظمة العمل القديمة التي تعمل على أساسها المستشفيات على سبيل المثال يتطلب أكثر من مليار جنيه إسترليني لتفادي أي مشكلة من هذا النوع مستقبلا.

ولم يقتصر الاختراق على الجهات الحكومية فحسب، بل طال أيضا شركات مثل مصنع سيارات نيسان في بريطانيا ومصنع سيارات رينو في سلوفينيا وشركة تليفونيكا العملاقة للاتصالات في إسبانيا.

وأعلنت رينو أن اثنين من مصانعها في فرنسا أوقفا إنتاجهما بعد الهجوم الإلكتروني. وقالت إن “وقف الإنتاج يندرج في إطار إجراءات الحماية التي اتخذت لتجنب انتشار الفيروس”.

ولم تحدد الشركة الموقعين اللذين تم استهدافهما، لكن مصدرا نقابيا قال إن مصنع ساندوفيل في النورماندي شمال غرب البلاد، الذي يعمل فيه 3400 موظف وينتج حوالي 640 سيارة يوميا من بين المواقع المتوقفة.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المصدر قوله لقد “تأثرنا بهذا الهجوم والإنتاج الليلي تضرر. لكن لحسن الحظ لم يكن هناك إنتاج كامل مقرر بل إنتاج هامشي”.

وتأثر مصنع آخر من الهجوم بمدينة دوي في شمال فرنسا، لكن لم يتوقف المصنع بالكامل لأن العمليات كانت متوقفة خلال عطلة نهاية الأسبوع أصلا. وبحسب مسؤول في المصنع فإن الفرق الفنية تعمل لتقييم مدى الاختراق.

وتأثر القطاع المصرفي الروسي بالاعتداء وفي مقدمته البنك المركزي إلى جانب نظام السكك الحديدية.

3 تريليونات دولار، الخسائر المتوقعة للاقتصاد العالمي من الاختراقات الإلكترونية بحلول 2020
وأشارت وزارة الداخلية إلى أن نحو ألف جهاز كمبيوتر أصيب بالفيروس، ولم تعلن الحكومة عن تقديرات أولية للخسائر.

وفي ألمانيا، تأثر مشغل شركة السكك الحديدية الألمانية في دويتشه بان حيث ضرب الفيروس شاشات المعلومات وآلات التذاكر. وقد نشر المسافرون صورا على الشبكات الاجتماعية تظهر الرسائل التي تطلب فدية.

واعترفت مجموعة تسليم الطرود الأميركية ” فيديكس” أنها تعرضت لبرامج ضارة. وقالت إنها بصدد اتخاذ خطوات لعلاج الأمر في أسرع وقت ممكن.

ويقول محللون إن الهجوم سيدفع الشركات العالمية والمؤسسات المالية والحكومية إلى إنفاق المزيد من المال على الأمن الإلكتروني الخاص بها خوفا من تكرار هذا الهجوم العالمي بشكل أوسع وأكثر انتشارا.

وأشاروا إلى أنه حتى الشركات التي لم تتأثر بالقرصنة قررت توفير ميزانية خاصة لهذا الأمر، تفاديا لقرصنة محتملة في المستقبل.

وخلال السنوات الماضية بدأت المؤسسات العملاقة وضع ميزانية خاصة لإنفاقها على برامج الحماية والباحثين المحترفين من أجل تأمين أنظمتهم إلكترونيا لا سيما وأن أغلب أعمال الشركات وبيانات مستخدميها متاحة في الإنترنت واختراقها يسبب لها كوارث

ويقدر خبراء الأمن الإلكتروني الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد العالمي سنويا نتيجة الجرائم الإلكترونية بمليارات الدولارات، وتوقعوا أن تصل الخسائر إلى نحو 3 تريليونات دولار بحلول عام 2020.

وقال فيصل البنّاي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “دارك ماتر” الإماراتية للأمن الإلكتروني في وقت سابق إن “الجرائم الإلكترونية تكلف الاقتصاد العالمي 400 مليار دولار سنويا، وهناك توقعات بارتفاعها في السنوات القادمة مع استمرار تلك الجرائم”.

العرب اللندنية