ماكرون يغازل اليمين بتعيين إدوار فيليب رئيسا للحكومة

ماكرون يغازل اليمين بتعيين إدوار فيليب رئيسا للحكومة


باريس – كلف الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون الاثنين اليميني المعتدل إدوار فيليب بتشكيل الحكومة المقبلة، قبل أن يغادر إلى برلين في زيارة تدل على الأهمية التي يوليها للمحور الفرنسي الألماني والنهوض الأوروبي.

ويعكس اختيار هذا النائب البالغ من العمر 46 عاما من خارج حركة الرئيس “الجمهورية إلى الأمام” رغبة الرئيس الوسطي في الجمع بين كافة الأطياف السياسية.

كما من شأن هذا التعيين أن يجتذب أصوات قسم من اليمين لتأمين غالبية في الجمعية الوطنية خلال الانتخابات التشريعية المرتقبة في يونيو، وهو شرط أساسي لكي يتمكن من تطبيق إصلاحاته.

وكان ماكرون وعد في أول خطاب رسمي الأحد “بجمع” الفرنسيين وتحقيق “المصالحة” بينهم، وإعادة الثقة إليهم، وإعادة تأسيس أوروبا وجعلها “أكثر فاعلية وأكثر ديمقراطية”.

وهذه هي المرة الأولى في التاريخ السياسي المعاصر لفرنسا التي يعين فيها رئيس الجمهورية رئيسا للحكومة من خارج معسكره السياسي من دون أن تجبره هزيمة في الانتخابات البرلمانية على ذلك.

ورئيس الحكومة المكلف غير معروف كثيرا لدى الفرنسيين، وهو رئيس بلدية من حزب الجمهوريين اليميني لمدينة لوهافر ومقرب من رئيس الحكومة الأسبق آلان جوبيه، وبدأ فيليب حياته السياسية كناشط اشتراكي قبل أن يتحول إلى اليمين.

وعمل رئيس الحكومة الجديد، وهو محام ذو خبرة، كمدير للعلاقات العامة لمجموعة أريفا النووية الحكومية بين عامي 2007 و2010 قبل أن يصبح عضوا في البرلمان عام 2012 ثم رئيسا لبلدية لوهافر عام 2014.

ورأت الباحثة كلويه موران أنه بالنسبة إلى ماكرون “إنه رجل من اليمين يتيح له إعطاء ثقل إضافي لخطابه الداعي إلى جمع الأطياف من أجل الحكم بشكل أفضل”.

وأكد مصدر مقرب من ماكرون أن تعيين إدوار فيليب “يعد خطوة جيدة” تجاه اليمين.

وستكون تشكيلة الحكومة المتوقعة الثلاثاء اختبارا جديدا لخلط الأوراق السياسية الذي وعد به ماكرون، الذي انتخب على أساس مشروعه “لا يمينا ولا يسارا” في ختام حملة كشفت عن انقسامات كبيرة.

وقال أحد مساعدي ماكرون الأحد إن هذا القرار يدخل في نطاق الخيارات الصعبة التي يتعين على الدائرة الضيقة حول ماكرون اتخاذها بعد فوزهم بمعركة قصر الإليزيه.

وقال كريستوف كاستانر للصحافيين على هامش حفل التنصيب “في الحكومة سترون أن الكثير من الدائرة الضيقة سيخرجون”.

وأضاف “كنت بين أول من قالوا ‘لم لا نأتي برئيس حكومة من اليمين؟’ هذه طبيعة ما نحاول فعله. إنها خطوة صعبة خصوصا على من خدموا لفترات أطول في أحد التيارين”.

تشكك ألماني في دعوات توثيق التكامل خشية أن تتحول منطقة اليورو إلى اتحاد تصبح فيه ألمانيا مطالبة بالسداد أكثر
وفي خطاب تنصيبه، أولى الرئيس الجديد أهمية خاصة إلى القضية الأوروبية. وقال إن “أوروبا التي نحتاج إليها سيعاد تأسيسها وإطلاقها لأنها تحمينا”.

وقد خصص أول رحلة له إلى الخارج الاثنين إلى برلين للقاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي حققت فوزا انتخابيا مريحا ومهما، الأحد، قبل الانتخابات التشريعية الألمانية التي ستجرى في سبتمبر.

وقالت مصادر في محيط ماكرون “هناك رغبة في العمل المشترك حول بعض الأولويات وهي الأمن والاقتصاد والاستثمارات والضمان الاجتماعي ومكافحة الإغراق” وغيرها.

وغداة فوز ماكرون على مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، قالت ميركل إنه يحمل الأمل “للملايين من الفرنسيين وكذلك للكثير من الناس في ألمانيا وأوروبا”، ومع ذلك لا يتوقع أن تكون المحادثات سهلة.

واعترف وزير ألماني طلب عدم الكشف عن اسمه بأن ميركل “لديها هامش مناورة محدود جدا مع ماكرون بما أنها محافظة”.

وقالت النائبة الأوروبية سيلفي غولار القريبة من رئيس الدولة الجديد ويمكن أن تدخل إلى الحكومة إنها “ليست هناك مواجهة” مطروحة مع برلين.

ولم تعط الصحف الألمانية أي مهلة للرئيس الفرنسي الجديد وركزت منذ انتخابه على نقاط الخلاف المحتملة مع برلين.

وقد تحدث ماكرون عن “معاهدة لإعادة بناء” الاتحاد الأوروبي، لكن فكرة تعديل الاتفاقيات الأوروبية تشكل خطا أحمر لدى برلين منذ أن رفض الفرنسيون مشروع الدستور الأوروبي في 2002.

ويطرح ماكرون تخصيص ميزانية وبرلمان ووزير مالية لمنطقة اليورو، وهي قضايا يمكن أن تغضب المستشارة وحزبها الاتحاد المسيحي الديمقراطي الصارمين جدا على الصعيد المالي.

وعنونت مجلة “دير شبيغل” الأسبوعية السبت “الصديق العزيز ماكرون ينقذ أوروبا… ويترتب على الألمان دفع المال”.

ويتشكك كثيرون من المحافظين المحيطين بميركل في دعوات ماكرون لتوثيق التكامل خشية أن تتحول منطقة اليورو إلى اتحاد تصبح فيه ألمانيا مطالبة بالسداد بدلا من الدول المتعثرة التي تقاوم الإصلاح.

وفي الأسبوع الماضي اتهم وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، الشريك الأصغر في ائتلاف ميركل، وزير المالية فولفجانج شيوبله من الحزب الديمقراطي المسيحي بمحاولة نسف خطط ماكرون لإصلاح الاتحاد الأوروبي لأغراض سياسية قبل الانتخابات.

وكان غابرييل يرد على تعليقات من شيوبله أشار فيها إلى أن فكرة ماكرون عن تعيين وزير للمالية والميزانية لمنطقة اليورو غير واقعية لأنها ستتطلب تغييرات صعبة سياسيا لمعاهدة الاتحاد الأوروبي. وتولى ماكرون مهامه رسميا الأحد في قصر الإليزيه خلفا للرئيس الاشتراكي المنتهية ولايته فرنسوا هولاند، الذي خصص أيضا آخر زيارة له إلى الخارج لبرلين الاثنين الماضي.

وأدى فوز ماكرون في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 7 مايو إلى تغيير المشهد السياسي الفرنسي بعد حملة شهدت تطورات كبيرة ونتائج تاريخية سجلها اليمين المتطرف، والغياب التاريخي للحزبين التقليديين اليميني واليساري، إضافة إلى شروخ كبيرة في بلد منقسم بين الرابحين والخاسرين من العولمة.

العرب اللندنية