الخلافات تسابق الرئيس الأميركي إلى إسرائيل

الخلافات تسابق الرئيس الأميركي إلى إسرائيل

تل أبيب – طفت على السطح في الفترة الأخيرة جملة من الخلافات بين الإدارة الأميركية وإسرائيل لتعكر صفو العلاقة التي طالما أثنى عليها مسؤولو كلا الجانبين.

وأبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب رغبة في تأجيل البت في نقل السفارة الأميركية إلى القدس الأمر الذي أثار استنكارا إسرائيليا غير رسمي، فضلا عن رفض ترتيبات إسرائيلية لزيارته حائط البراق أو “المبكى”، وأخيرا وليس آخرا الحديث عن تسريبه معطيات استخبارية مصدرها تل أبيب إلى روسيا.

وشكل التوقيت الذي برزت فيه هذه الخلافات أهمية خاصة باعتبار أنها تأتي قبل أيام قليلة من زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وبدا واضحا أن الثقة التي استشعرتها حكومة بنيامين نتنياهو عند وصول ترامب إلى سدة السلطة، بدأت تخف تدريجيا، وكان الأخير أبدى في الشهرين الأولين من وجوده في البيت الأبيض انحيازا غير مسبوق لها.

ويرى مراقبون أن ترامب لم يغير من مواقفه حيال إسرائيل والقضية الفلسطينية، ولكنه خفف من اندفاعه لإدراكه أن ذلك يعرقل إمكانية تحقيق تقدم في عملية السلام.

ووصف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ترامب بأنه “الرقم الحاسم” لحل القضية الفلسطينية، داعيا إسرائيل إلى اغتنام فرصة السلام.

واللافت في الخلافات الثلاثة بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية، التي وقعت في 3 أيام متتالية، هو أن إسرائيل لم تتجرأ على انتقاد دونالد ترامب علنا، لتتيح المجال أمامه، وفق محللين، لتوضيح موقفه خلال الزيارة التي سيؤديها لها الأسبوع المقبل.

وتصور إسرائيل ترامب بأنه الحليف الأوثق لها، وترى في أن قيامه بزيارتها في أولى جولاته الخارجية منذ توليه منصبه، على خلاف باقي الرؤساء السابقين، يعكس هذا الأمر الذي لابد من تكريسه.

ومن المقرر أن يزور ترامب إسرائيل في 22 من الشهر الجاري للقاء نتنياهو والرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، قبل يوم من لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مدينة بيت لحم في الضفة الغربية.

وبدأت الخلافات الأحد الماضي حينما قالت محطة “فوكس نيوز” الأميركية، (المفضلة لدى الرئيس الأميركي)، نقلا عن مسؤولين أميركيين إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يطلب نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس في هذه المرحلة. وبينما تجنب نتنياهو توجيه النقد إلى الإدارة الأميركية، إلا أنه صبّ جام غضبه على محطة “فوكس نيوز”، التي اتهمها بنشر خبر كاذب.

ترامب لم يغير من مواقفه حيال إسرائيل ولكنه خفف من اندفاعه لإدراكه أن ذلك يعرقل إمكانية تحقيق تقدم لعملية السلام
ويبدو أن ترامب يتحاشى اتخاذ قرار بنقل السفارة إلى القدس لعدة اعتبارات من بينها أن هذه المسألة جد حساسة ومن شأن القيام بها أن يؤدي إلى تدمير إمكانية التوصل إلى سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أنها تتناقض والقانون الدولي الذي يعتبر القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.

وسبق وأن تعهد رؤساء أميركيون بتنفيذ ذلك بيد أنهم تراجعوا خشية هذه العوامل، فضلا عن أن حجم المشاكل التي يواجهها ترامب كبير بما لا يسمح له من اتخاذ هذه الخطوة غير المسبوقة والخطيرة.

ولعب العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال زيارتهما لواشنطن دورا كبيرا في تغير الموقف الأميركي حيال هذه المسألة.

وقال مسؤول سياسي إسرائيلي للقناة الثانية الإسرائيلية الثلاثاء إن الولايات المتحدة نقلت رسالة إلى إسرائيل مفادها “سنبقي على وعدنا بنقل السفارة إلى القدس، ولكن الأمر سيستغرق بعض الوقت”.

وكان ترامب قد تعهد في حملته الانتخابية بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.

ولم تطو إسرائيل هذه القضية حتى وجدت نفسها أمام خلاف جديد عندما رفض دبلوماسيون أميركيون الإثنين مساعدة إسرائيلية في ترتيبات الزيارة الخاصة التي يقوم بها الرئيس الأميركي إلى حائط البراق، غربي المسجد الأقصى يوم 22 من الشهر الجاري وتعتبر إسرائيل الحائط بأنه أقدس مقدسات اليهود، ولكن دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية تقول إنه أرض وقف إسلامي.

وفيما ما زالت قضية الجدار تتفاعل برزت الثلاثاء الماضي مسألة إفشاء ترامب معلومات أمنية حساسة مصدرها إسرائيل في اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.

وتسابقت وسائل الإعلام الإسرائيلية في نقل تفاصيل هذه القضية عن وسائل الإعلام الأميركية التي أشارت إلى أن إفشاء هذه المعلومات عن تنظيم “داعش” في سوريا يعرض مصدرها للخطر.

لكن إسرائيل لم توجّه الانتقاد إلى ترامب على هذا الفعل، بل سعت إلى التماس العذر له.

وتتجنب إسرائيل إبداء الخلافات العلنية مع إدارة الرئيس دونالد ترامب بعد أن كان الخلاف سمة علاقة نتنياهو مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

ويرى محللون أن إسرائيل لا تريد الدخول في كباش مع ترامب، حيث كلفها ذلك الكثير مع باراك أوباما حينما عمدت إدارة الأخير إلى معاقبة حكومة نتنياهو بعدم استخدام الفيتو ما أفضى إلى مرور قرار بمجلس الأمن الدولي يدين الاستيطان.

العرب اللندنية