قمة سعودية أميركية تضع الأسس لشراكة استراتيجية

قمة سعودية أميركية تضع الأسس لشراكة استراتيجية

عكست الحفاوة التي وجدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب السبت في الرياض رغبة سعودية جدية في بناء تحالف استراتيجي مع الولايات المتحدة وتجاوز الأخطاء التي وقعت في فترة الرئيس السابق باراك أوباما، وهو ما تدعّم من خلال وعود بصفقات عسكرية واقتصادية ومسعى متبادل لبناء شراكة استراتيجية.

وظهر جليا للعيان أن الحفاوة متبادلة، وأن الرغبة في تعميق التحالف بين الرياض وواشنطن مسعى أميركي جاد مثلما هو رغبة سعودية.

وأعرب ترامب وزوجته ميلانيا عن سعادتهما بالاستقبال الذي لقياه في المملكة. وفي أول تغريدة له على صفحته الرسمية في “تويتر”، عقب وصوله إلى الرياض، غرد ترامب قائلا “رائع أن أكون في الرياض. أتطلع إلى اجتماعات بعد الظهر والمساء”، في إشارة إلى القمة التي جمعته بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز.

وعبرت ميلانيا عن سعادتها بالحفاوة التي استقبلت بها في المملكة، مغردة “شكرا على الاستقبال الجميل”.

وكتب الملك سلمان في تغريدة عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر باللغتين العربية والإنكليزية يقول “نرحّب بفخامة الرئيس الأميركي في المملكة. ستعزز زيارتكم تعاوننا الاستراتيجي، وستحقق الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم”.

وقلد العاهل السعودي الرئيس الأميركي قلادة الملك عبدالعزيز التي تعد أرفع وسام في المملكة العربية السعودية.

لكن القمة المسائية، التي جمعت الملك سلمان بترامب، أخرجت اللقاءات الثنائية من البعد الاحتفائي الودي إلى مناقشة قضايا مصيرية والإجابة عن الأسئلة والانتظارات المعلقة على القمة منذ الإعلان عن برمجتها.

وأبدى ترامب براغماتية أكبر من خلال تصريحاته، ولم يسع مثل سلفه أوباما للعب دور من يعطي الدروس، وأعلن أن هدفه من الزيارة هو بناء علاقات سعودية أميركية متينة تكون نواة لتحالف أوسع يحفظ لواشنطن مصالحها، ويساعد دول المنطقة على ضبط الأوضاع بما يحفظ أمنها القومي.

وقال فيليب غوردون، الخبير في مجلس العلاقات الخارجية، إن ترامب “سيرسل رسالة أكثر حزما بشأن إيران. لن يلقي أمامهم محاضرة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيلقى التصفيق. لكن المسألة الأهم تبقى معرفة ما الذي سيطلبه منهم وما الذي يمكنه أن يأمل الحصول عليه”.

ويدعو البيت الأبيض باستمرار دول الخليج العربية إلى انخراط أكبر في مكافحة ما يحرص ترامب على تسميتهم “الإرهابيين الإسلاميين المتشددين”. وقال إن ترامب يتوقع نتائج ملموسة من السعودية في محاربة التشدد الإسلامي.

وبدورها أرسلت السعودية إشارة قوية عن استعدادها للحرب على الإرهاب من خلال إعلانها عن افتتاح مركز رقمي لمراقبة أنشطة الجماعات الإسلامية المتشددة على الإنترنت.

وقال محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ومقرها السعودية إن المملكة ستفتتح الأحد مركزا للتنسيق في مراسم بحضور ترامب والملك سلمان.

وأضاف أن السعودية تريد أن تتجاوز الحرب العمل العسكري لأنه لا يمكن هزيمة هذه الجماعات إلا بهزيمة فكرها، كاشفا أن المملكة بدأت بإغلاق المواقع الإلكترونية للمتشددين.

وسيلقي ترامب خطابا اليوم أمام قادة نحو 50 بلدا إسلاميا في القمة العربية الإسلامية الأميركية.

وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن ترامب سيتحدث في خطابه عن “آماله برؤية سلمية للإسلام”، مشددين على أنه يأمل أيضا في أن يجد خطابه صدى في عموم العالم لبلورة “رؤية مشتركة للسلام والتقدم والرخاء”.

ويرى خبراء عسكريون أن الصفقات الكبيرة التي تمّ الإعلان عنها أمس تهدف إلى بناء أرضية ضامنة لنجاح هذه الشراكة خاصة ما تعلّق بمواجهة التمدد الإيراني ودعم مساعي الرياض لإحداث توازن عسكري مع طهران، ووقف مساعيها للسيطرة على دول مثل سوريا والعراق واليمن.

وأعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن المملكة والولايات المتحدة توصلتا إلى اتفاقات في مجالات عدة بينها التسليح بلغت قيمتها أكثر من 380 مليار دولار.

ووصف الجبير في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون زيارة ترامب بـ”التاريخية”، حاثا الجبير إيران على الالتزام بقرارات الأمم المتحدة بشأن الصواريخ الباليستية ودعم الإرهاب.

وأعلن تيلرسون أن واشنطن ستكثف الجهود لردع إيران في سوريا واليمن، داعيا الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى استثمار رئاستة الجديدة في تفكيك شبكة الإرهاب وإنهاء برنامج الصواريخ الباليستية.

وأعلن مسؤول في البيت الأبيض السبت عن عقود تسليح أميركية للسعودية هدفها التصدي لـ”تهديدات” إيران ودعم جهود المملكة في “مكافحة الإرهاب”.

وقال المسؤول إن مبيعات الأسلحة التي تشمل معدات دفاعية وخدمات صيانة “تدعم أمن السعودية ومنطقة الخليج على المدى الطويل في مواجهة التهديدات الإيرانية”، وتعزز قدراتها “في عمليات مكافحة الإرهاب”.

ورأى أن الاتفاق “يظهر التزام الولايات المتحدة بشراكتها مع السعودية والشركاء الخليجيين، وإتاحة فرص للشركات الأميركية في المنطقة وخلق عشرات الآلاف من الوظائف في قطاع الصناعة الدفاعية الأميركية”.

وشهد “منتدى الرؤساء التنفيذيين السعودي الأميركي” التوصل إلى اتفاق “خطاب نوايا” مع شركة “لوكهيد مارتن” بقيمة 6 مليارات دولار في مجال تجميع 150 طائرة مروحية من طراز “بلاك هوك”.

صحيفة العرب اللندنية